حقوقيون يطلبون من الأمم المتحدة فرض مرور المساعدات
قرار مجلس الامن حول المساعدات في سوريا حبر على ورق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يقول ناشطون في أحياء تسيطر عليها المعارضة المسلحة جنوب دمشق إن السكان باتوا أشبه بـ "أشباح"، يبحثون في الشوارع عن غذاء أو دواء يندر وجودهما، بسبب الحصار الذي تفرضه القوات النظامية.
إيلاف من بيروت: بعد مرور شهرين على اصدار مجلس الامن الدولي قراره رقم 2139، الذي يدعو إلى رفع الحصار عن المدن السورية ووقف الهجمات والغارات على المدنيين وتسهيل دخول قوافل المساعدات، لا يزال القرار حبرًا على ورق، بحسب ناشطين ومدنيين وعمال إغاثة.
إلا بإذنه
يتوجه هؤلاء باللائمة على نظام الرئيس السوري بشار الاسد، الذي تحاصر قواته مناطق عدة، ولا يجيز لقوافل الاغاثة التابعة للامم المتحدة دخول الاراضي السورية عبر معابر حدودية يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.
وتقول الباحثة لمى فقيه، في منظمة هيومن رايتس ووتش، لوكالة الصحافة الفرنسية: "الحكومة السورية تستخدم نوعًا من الابتزاز بعدم سماحها لمنظمات الامم المتحدة توفير المساعدة التي تحتاج اليها مناطق سيطرة المعارضة"، موضحةً أن المنظمات الدولية لا يمكنها العمل إلا بإذن من الحكومة السورية، وتخشى منعها من دخول المناطق التي يسيطر عليها النظام في حال عملت في مناطق سيطرة المعارضة من دون إذن رسمي.
ودعا قرار مجلس الامن كل الاطراف، وخصوصًا السلطات السورية، إلى أن تسمح من دون تأخير بالدخول السريع لوكالات الامم المتحدة وشركائها، وحتى عبر خطوط الجبهة وعبر الحدود، بغرض ضمان وصول المساعدة الانسانية إلى من يحتاجون إليها عبر أقصر الطرق.
فرض مرور المساعدات
ووجه ثلاثون حقوقيًا دولياً بارزًا الثلاثاء رسالة مفتوحة الى الامم المتحدة يطالبونها فيها بفرض مرور قوافل انسانية من تركيا أو الاردن الى سوريا بغية اغاثة المدنيين السوريين بشكل اسرع.
ويعتبر الموقعون أن من حق الامم المتحدة فرض مرور هذه القوافل عبر الحدود بموجب القانون الانساني. ويعبرون عن اسفهم لأن الامم المتحدة "لا تقوم بهذه العمليات الحيوية خوفًا من أن تعتبرها بعض الدول الاعضاء غير قانونية" وينتقدون "تفسيرًا حذرًا جداً للقانون الدولي الانساني".
ولفتت الرسالة المفتوحة التي ستنشرها صحيفتا الغارديان البريطانية والحياة العربية الى أن "الامم المتحدة ووكالات انسانية اخرى تؤكد منذ مدة طويلة انه ليس من الممكن الوصول الى مئات آلاف المدنيين الا من بلدان مجاورة مثل تركيا والاردن".
واضاف الموقعون على الرسالة "أن القانون الدولي الانساني يقضي بدون لبس بأنه يجب القيام بتحرك انساني محايد حيث هناك حاجة للسكان المدنيين لمساعدة حيوية". واضافوا: "نعتبر أنه لا يوجد أي عائق قانوني يمنع الامم المتحدة من القيام مباشرة بعمليات انسانية عبر الحدود وتقديم دعمها للمنظمات غير الحكومية كي تقوم بها ايضًا".
ولفتوا في شكل خاص الى "أن الاطراف لا يمكنهم رفض اعطاء الموافقة الا لدوافع قانونية مشروعة"، مثل عمليات عسكرية على المسار المقترح لنقل المساعدات. واوضحوا "انهم لا يستطيعون قانونيًا رفض الموافقة لإضعاف مقاومة العدو وجعل المدنيين يعانون من الجوع أو منع توفير العناية الصحية".
واقر الحقوقيون بأن المنظمات الانسانية "ستتعرض لمخاطر هائلة خلال قيامها بعمليات انسانية عبر الحدود ويمكن أن ترفض القيام بذلك". لكن تلك "المحايدة والراغبة والقادرة على القيام" بمثل هذه العمليات يمكن أن تفعل ذلك "قانونيًا".
وقد وجهت الرسالة الى بان كي مون والدول الاعضاء في الامم المتحدة والوكالات الانسانية الرئيسية (يونيسف، وبرنامج الاغذية العالمي ومفوضية اللاجئين والانروا).
ومن بين الموقعين على الرسالة ريتشارد غولدستون (جنوب أفريقيا) والمدعي العام السابق لمحكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة ورواندا، ووليام شاباس استاذ القانون الدولي في جامعة ميدلسيكس البريطانية ووزير العدل الكندي السابق اروين كوتلر والاميركية ليلى ناديا السادات المستشارة الخاصة لدى المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية والبرفسور الان بيليه (جامعة باري اويست -نانتير).
مساعدات مغلوب على أمرها
منذ تبني مجلس الامن بإجماع أعضائه القرار في 22 شباط (فبراير)، تمكنت الامم المتحدة من ادخال مساعدات إلى مناطق سيطرة المعارضة في شرق حلب. الا أن هذه القافلة اضطرت لسلوك طريق شاقة من دمشق إلى حلب، بدلًا من العبور عبر احد المعابر الحدودية مع تركيا التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.
واجازت الحكومة السورية للامم المتحدة ادخال قافلة مساعدات في آذار (مارس) عبر تركيا، لكن من خلال المعبر الذي لا يزال تحت سيطرة النظام. وتوجهت القافلة إلى مدينة القامشلي.
وتقدر الامم المتحدة أن نحو 242 ألف سوري يعيشون تحت حصار يفرضه طرفا النزاع، بينهم نحو 197 الفًا في مناطق تحاصرها قوات النظام. ومن هذه المناطق مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، والمحاصر من القوات النظامية منذ قرابة عام، وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
لا يطبق
أدى نقص المواد الغذائية والطبية في المخيم إلى وفاة اكثر من مئة شخص خلال الاشهر الماضية. وتقوم وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بإدخال المساعدات إلى المخيم، كلما منحتها السلطات السورية اذنًا بذلك. وخلال الشهر الماضي، لم تدخل مساعدات إلى المخيم لمدة اسبوعين.
ويقول كريس غانس، المتحدث باسم الوكالة: "من وجهة نظر منظمة إغاثة تحاول العمل في اليرموك، من الواضح أن القرار 2139 لا يطبق". واكد بان كي مون، الامين العام للامم المتحدة، الاربعاء في تقرير إلى مجلس الامن حول القرار: "إن ايًا من اطراف النزاع لم يحترم مطالب المجلس، وهناك مدنيون يموتون يوميًا بلا سبب".
ويجيز القرار لمجلس الامن اتخاذ خطوات اضافية، مثل العقوبات، في حال عدم الالتزام بتطبيقه. الا أن هذا الامر يتطلب قرارًا جديدًا، وهو ما يرجح عدم القدرة على انجازه نظرًا إلى معارضة روسيا والصين، حليفتي النظام السوري، أي قرار اممي قد يدينه.
سلاح التجويع
على الارض، يتراجع الامل بالحصول على المساعدات كل يوم. ويقول محمد، وهو ناشط في جنوب دمشق، لوكالة الصحافة الفرنسية إن الشوارع ملأى بأشباح يتسولون أو يبحثون عن الطعام، وقد غطى الغبار وجوههم بسبب انقطاع المياه الصالحة للاستعمال.
يضيف: "عندما يكون هناك توزيع للمواد الغذائية، يكون الناس جائعين إلى درجة أنه لا يمكنهم انتظار العودة إلى المنزل لتناول الطعام، فترونهم يقفون بجانب صفوف الانتظار ويتناولون الطعام في الشارع".
وفي محافظة درعا، لا يبدو الوضع افضل حالًا. ويقول الناشط أبو أنس: "مع بداية الثورة، كانت لدى العديد من الاشخاص مدخرات تمكنهم من مساعدة الآخرين. حاليًا، لم يعد الوضع كذلك، لا سيما مع تراجع قيمة الليرة، التي فقدت اكثر من ثلاثة ارباع قيمتها خلال النزاع".
وشهدت بعض المناطق مصالحات بين النظام ومقاتلي المعارضة، قضت بوقف اطلاق النار وتسليم المقاتلين اسلحتهم، مقابل ادخال مساعدات. ويرى بعض الناشطين أن اتفاقات مماثلة تظهر أن النظام يلجأ إلى التجويع والحصار كأداتي حرب. ويقول محمد: "الناس يسألون المعارضة المسلحة: ماذا يمكنكم أن تقدموا لنا؟ هل يمكنكم أن تؤمنوا لنا الطعام؟".