اعتبارها تنظيما إرهابيا ينسف كل تقارب أو مفاوضات
المصالحة مع الإخوان في مصر... سيناريو في خانة المستحيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
استطلعت (إيلاف) آراء عدد من السياسيين والمهتمين في ما يتعلق بالحديث الذي يتردد عن مصالحة مرتقبة بين الاخوان المسلمين في مصر، والسلطات. لكن غالبية المتحدثين يستبعدون اي مصالحة مع الاخوان بعد وصمهم بالارهاب.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: مع إقتراب الإنتخابات الرئاسية المصرية، بدأ البعض يتحدث عن المصالحة الوطنية بين مختلف التيارات السياسية في مصر، ولاسيما بين جماعة الإخوان المسلمين والسلطة الحالية، إلا أن جميع المعطيات تشير إلى أن عملية المصالحة مع الجماعة تكاد تكون شبه مستحيلة في المرحلة الراهنة، خاصة في ظل تصنيف جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، وإستمرار أعمال العنف والإرهاب، واعتقال الآلاف من القيادات والأعضاء في الجماعة، وإصدار أحكام بالإعدام والسجن المؤبد والمشدد بحق آلاف آخرين، فضلاً عن أن سيطرة نظام حكم حسني مبارك على السلطة في مصر، وترشح عبد الفتاح السيسي للإنتخابات الرئاسية، والجماعة تعتبره قائداً لما تصفه ب"الإنقلاب".
مبادرات وشروط تعجيزية
لم تنقطع الأخبار الواردة من الغرف المغلقة في أروقة صناعة القرار في مصر أو من أروقة السجون والمعتقلات، التي تؤشر إلى وجود مساع للمصالحة بين الجماعة والسلطة، لاسيما قيادات الجيش.
ورغم اطلاق العديد من المبادرات من مختلف الشخصيات في الداخل والخارج، إلا أن المصالحة لم تخرج إلى حيز التنفيذ مطلقاً، لاسيما في ظل إصرار الطرفين على شروطه من دون تنازل.
تشترط جماعة الإخوان العودة إلى ما قبل تاريخ 3 يوليو/ تموز الماضي، واستعادة الرئيس السابق محمد مرسي للسلطة مرة أخرى، وإعادة العمل بدستور 2012، وإعادة مجلس الشورى، والإفراج عن المعتقلين في السجون، سواء القيادات أو الأعضاء، والتحقيق في مقتل الآلاف منهم أثناء فض أعتصام أنصار مرسي في ميداني رابعة العدوية أو نهضة مصر، وإصدار قرار باعتبارهم شهداء، إضافة إلى إلغاء قرار تصنيف الجماعة تنظيما إرهابيا.
يشترط النظام للمصالحة أن تعترف جماعة الإخوان بالأوضاع السياسية التي تلت 3 يوليو 2013، وأن مرسي لم يعد رئيساً، وإيقاف أعمال التظاهرات والعنف، والإعتراف بضرورة أن يستمر القضاء في البت في القضايا التي يحاكم فيها القيادات والأعضاء ومؤيدي مرسي، بمن فيهم مرسي شخصياً.
مبادرات مُجضهة
يرى محللون محايدون أن الشروط التي يضعها الطرفان ساهمت في إجهاض جميع المبادرات العربية والأجنبية والداخلية التي حاولت التوسط بينهما، ومنها مبادرة الإتحاد الأوروبي بقيادة كاثرين أشتون منسق العلاقات الخارجية، ومبادرة الدكتور أحمد كمال أبو المجد، ومبادرة زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء السابق، ومبادرة الدكتور حسن نافعة، استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، والناشط السياسي.
الصراع يضعف مصر
الصراع السياسي في مصر ليس في صالحها، بل يصب في مصلحة الغرب وأعدائها، وقال أحمد إمام، المتحدث باسم حزب مصر القوية، الذي يترأسه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، نائب المرشد السابق، إن هذا الصراع الداخلي يساهم أكثر في إضعاف مصر، ويجبرها على الرضوخ والقبول بشروط لا يمكن القبول بها.
وأضاف لـ"إيلاف" أن الضعف المصري الراهن، ساهم في تدخل مختلف دول العالم في شؤونها، وقال: "اليوم دول الخليج تتدخل، السعودية والإمارات والكويت، والوضع أصبح مزريا، ولا بد من سعي جدي إلى حل تلك المشكلة بسرعة".
ولفت إلى أن الغرب يهمه إستمرار الأوضاع في مصر كما هي، منوهاً بأن اميركا والغرب يتعاملان مع طرفي الأزمة في مصر، بسياسة العصا والجزرة، من أجل أن تظل الأوضاع مشتعلة، فتارة يقربون جماعة الإخوان، وتارة يتقربون من السلطة. ونبه إلى أن أميركا والغرب يريدون لمصر أن تكون راكعة، ليست منبطحة بالكامل أو واقفة، حتى يمكن الضغط عليها، وإخضاع إرادتها السياسية لهم.
السيسي جزء من المشكلة
ويعتقد أنه لا مؤشرات على أن المصالحة الوطنية ستكون قريبة، وأن هناك عدة خطوات اتخذتها السلطة في مصر، تؤدي إلى قتل أية مبادرات أو حلول سلمية للأزمة، معتبراً أن أول تلك القرارات هو تصنيف جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً، معتبراً أن هذا القرار "نوع من الجنون".
ولفت إلى أنه من غير المعقول أن تجلس السلطة مع "ناس تعتبرهم إرهابيين"، منوهاً بأن هذا القرار "أغلق كل المسارات السياسية المتاحة".
وحسب وجهة نظر إمام، فإن جميع المؤشرات في المرحلة الراهنة تدفع نحو الهاوية، معتبراً أن ترشح وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي للإنتخابات الرئاسية يزيد الأزمة تعقيداً.
وقال: "السيسي جزء من المشكلة، ومن غير الممكن أن يكون جزءا من الحل، بل أقفل جميع المسارات السياسية تماماً".
إقصاء السيسي ومرسي ومنصور والشاطر
ويرى أن حل الأزمة السياسية في مصر ينطلق من غياب جميع أطرافها الفاعلة من المشهد السياسي.
وقال: "مرسي والسيسي، عدلي منصور (الرئيس الموقت) وخيرت الشاطر(النائب الأول للمرشد المسجون حالياً)، ومحمد بديع (المرشد العام للجماعة، وهو رهن الإعتقال أيضاً)"، وتابع: "هؤلاء الناس لابد أن يغيبوا عن المشهد، وأن نعود لفكرة الرئيس التوافقي، أي لابد أن يتولى رئاسة مصر رجل من خارج هذه الصورة، وأن يتنحى قيادات الطرفين المستقطبين، وأن يتركوا للمصريين الفرصة للإختيار بعيداً عن الإستقطاب".
ونبه إلى أن هناك شخصيات كثيرة لم تكن طرفاً في الصراع يمكنها أن تقود البلاد إلى بر الأمان عبر توافق وطني حقيقي، غير أنه استدرك قائلاً: "لكن ترشيح السيسي للرئاسة يقوض أية مساع للحلول السياسية".
مصالحة وطنية ليست مع الإخوان فقط
يرى المفكر المصري، جمال أسعد، أنه "في البداية لابد أن يتم تحديد من هم الإخوان الذين يجب التصالح معهم، فهل هم الإخوان الموجودون في السجون الآن، أم التنظيم الدولي للإخوان، أم الجمهور التابع لهم والمتعاطفون معهم، أم تحالف دعم الشرعية المدافع عنهم، ثانيا هو يؤمن أن مصر لكل المصريين وأنه لا يمكن لأحد أيا كانت قدرته أن يقضي على الفكر"، مشيراً إلى أنه لا يمكن القضاء على فكر الإخوان المسلمين، والدليل أنه رغم ما تعرضوا له على يد جمال عبد الناصر استطاعوا أن يعودوا ويحكموا مصر.
وقال لـ"إيلاف" إن المصالحة لابد أن تكون مصالحة وطنية وليس مصالحة مع الإخوان فقط، أي أن تكون مصالحة شاملة مع كل الشعب المصري سواء كانوا إخوانا أو جماعات أو تيارا إسلاميا أو ليبراليين أو شيوعيين، "من خلال إعادة اللحمة الوطنية المصرية التي تجلت في 25 يناير 2011، وهذا يكون على أرضية أجندة مصرية وطنية تسعى الى تأكيد إقامة الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة التي هي لكل المصريين حتى نستطيع الخروج من الظرف الاستثنائي الحالي الذي نعيشه".
وأضاف أن "كل من يؤمن بفكرة الوطن والأجندة الوطنية ويتوافق على مصلحة الوطن للخروج من المرحلة الحالية هو مدعو للمشاركة".
عودة مرسي والدستور مستحيلة
ونبه إلى أن تمسك الإخوان على عودة مرسي والدستور هي مطالب يستحيل تحقيقها على أرض الواقع ولاسيما أن مرسي إذا عاد لن يستطيع أن يحكم مصر مرة أخرى وهذا يعقد الامور أكثر، وأن على الإخوان إذا أرادوا مصالحة حقيقية أن يمدوا أيديهم والمشاركة في خارطة الطريق.
ويؤكد جمال أسعد أنه لا يوجد مصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين بصفتهم؛ لأن ذلك يتناقض مع قرار مجلس الوزراء باعتبارها جماعة إرهابية، وبالتالي جلوس الحكومة الحالية مع الجماعة يناقض موقفها السابق باعتبار الجماعة إرهابية، مشيرا الى أنه لا أحد يستطيع أن ينكر أن الاخوان المسلمين مازال لديهم قاعدة شعبية كبيرة، والحل الوحيد لهم هو التخلي عن عودة مرسي والمشاركة السياسية من جديد.
وأضاف أن المصالحة مطلوبة ولكنها في الإطار العملي والواقعي وإمكانيات الحل المتاحة وليس بناء على خيالات بعيدة عن أرض الواقع وصعب تطبيقها، لافتا إلى أنه من حق الإخوان إعادة عقارب الساعة للوراء ولكن من خلال المشاركة السياسية.
العدالة الإنتقالية أساس المصالحة
وحسب وجهة نظر، محمود عفيفي، القيادي بتيار الشراكة الوطنية، فإن فكرة المصالحة لابد أن تكون مبنية على قواعد وأسس من خلال العدالة الانتقالية تؤدي الى حدوث مصالحة مجتمعية تشمل كل طوائف المجتمع ليس فقط جماعة الاخوان المسلمين أو حتى فلول نظام مبارك، مشددا على ضرورة قيام المصالحة على العدالة وهذا ما يسعون اليه منذ قيام الثورة وحتى الآن.
وأضاف لـ"إيلاف" أن كل المبادرات التي تم طرحها للمصالحة غير قائمة على أسس حقيقية لفكرة التوافق السياسي؛ لأن الأساس الأكبر هو تحقيق العدالة وليس المصالحة الشكلية.
ولفت الى أن سقوط عدد كبير من الشهداء بعد ثورة 30 يونيو وإدراج الجماعة على قائمة الإرهاب سيعقد إتمام المصالحة، كما أن فكرة القصاص الغائب حتى الآن تزيد الأمور تعقيدا، مؤكدا أن عدم القصاص لشهداء الثورة يمثل عقبة كبيرة أمام إتمام عملية المصالحة في مصر ليس مع الإخوان فقط ولكن مع كل أطياف المجتمع المصري.
وأشار الى أن هناك متطرفين في كل التيارات، لكن الرهان والأمل سيكون على المعتدلين والوسطيين داخل كل التيارات السياسية، مؤكدا أن المصالحة شأن مصري داخلي ولا يحق لأي جهة خارجية التدخل فيه.
لا مصالحة مع الإرهاب
يرفض نبيل زكي، القيادي بحزب التجمع اليساري المصالحة مع الإخوان، وقال: "عن أي مصالحة نتحدث، والإخوان المسلمون يقتلون الناس في الشوارع وهم أساس الإرهاب الموجود في مصر"، مشيرا الى أن الاخوان هم أساس كل جماعات الإسلام السياسي الموجودة على الساحة.
وأوضح أن الحديث عن المصالحة مع هذه الجماعة يعطيها أملا ويجعلهم يعتقدون أنهم يستطيعون العودة مرة أخرى للعب دور سياسي، ملمحا لانتهاء دور الاخوان المسلمين، وأنهم عادوا الى أيام جمال عبد الناصر وأصبح لا وجود لهم، مؤكدا أنه بعد القتل والدمار والإرهاب الذي تمارسه الجماعة سواء قتل الجنود أو السياح والتظاهرات وما يفعلونه داخل الجامعات لا يمكن الحديث عن مصالحة مع هذه الجماعة. وشدد على أنه لا أمل في المصالحة معهم قبل أن يعلنوا توبتهم.