استمرار تجميدها سيؤدي إلى تراجع نفوذ أميركا في المنطقة
استئناف المساعدات العسكرية لمصر ضرورة استراتيجية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أكد الكاتب الأميركي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"إريك تراغر"، ضرورة استئناف المساعدات العسكرية لمصر واعتبارها ضرورة استراتيجية كي لا تفقد واشنطن نفوذها المطلوب وفوائدها في المنطقة، وذلك في ظل الاقتراب المضمون للمشير عبدالفتاح السيسي من مقعد الرئاسة في مصر، وضعف المنافسين وتأييد غالبية فئات المجتمع المصري له، وفي ظل محاولة روسيا توسيع نفوذها في الشرق الأوسط ، وقيام العديد من دول الخليج العربي بإرسال مساعدات بمليارات الدولارات للحكومة المصرية.
دبي: كشف "اريك تراغر" في مقالة له في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن محاولة إدارة أوباما استئناف المساعدات العسكرية لمصر تواجه معارضة قوية في الكونغرس الأميركي، مبينًا أنه في التاسع والعشرين من أبريل قرر السيناتور پاتريك ليهي (ديمقراطي من ولاية فيرمونت)، الذي يشغل منصب رئيس اللجنة الفرعية للمخصصات في مجلس الشيوخ الأميركي التي تشرف على المساعدات الخارجية، تجميد طلب الإدارة الأميركية من 25 أبريل بالموافقة على منح 650 مليون دولار أميركي من المساعدات العسكرية لمصر، وقال ليهي إن "اللجنة بحاجة إلى أن تلمس أدلة مقنعة على التزام الحكومة المصرية بسيادة القانون". وقد ساندت جهوده مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
ولفت "تراغر" إلى أنه "في حين تزداد المخاوف المتعلقة بشأن انتهاج مصر للمسار القمعي، يجب على الإدارة الأميركية ممارسة ضغوطها لإيقاف مثل هذه الأعمال. وإذا استمر تجميد المساعدات، ستواجه الولايات المتحدة خطر خسارة الفوائد الاستراتيجية المستمدة من علاقاتها القائمة مع القاهرة والمبنية على المساعدات العسكرية.. ومن غير المرجح أيضًا أن يؤثر حجب المساعدات الأميركية على السلوك السياسي الداخلي في مصر على المدى القصير، وسوف يقوض من قدرة واشنطن على التأثير على القاهرة في المستقبل، في الوقت الذي قد يكون لمثل هذه الضغوط تأثير أكبر".
الاستياء من أحكام الإعدام
ومضى يقول إن الدعوات المتجددة لحجب المساعدات جاءت في أعقاب الحكمين الصادرين عن المحكمة المصرية في الثامن والعشرين من أبريل، واللذين يقضيان بإعدام 720 عضوًا لاتهامهم بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين على خلفية مقتل اثنين من رجال الشرطة. مبيناً أن "تلك الدعوات تعكس تصاعد الاستياء من الأعمال القمعية الصارمة التي تنتهجها القاهرة منذ أن استجاب الجيش للاحتجاجات الحاشدة في الشارع المصري من خلال عزل الرئيس محمد مرسي في الصيف الماضي.
&ووفقا لميشيل دن وسكوت وليامسون من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي قتل أكثر من 2500 مدني في الفترة ما بين يوليو 2013 ويناير 2014، بالإضافة إلى 17000 جريح و18000 معتقل.. كما اتسعت الحملة الأمنية القمعية التي تشنها الحكومة لتطال غير المنتمين لجماعة الإخوان المنحلة، فقد صدر مؤخراً حكم بالسجن ثلاث سنوات ضد النشطاء الذين شنوا حملة ضد الاستفتاء على دستور يناير، بالإضافة إلى إصدار المحكمة حكمًا بحظر حركة شباب 6 أبريل التي دعمت الإطاحة بمرسي".
وأشار "تراغر" إلى أنه "في حين يوجد ما يبرر المخاوف المتعلقة بهذه التطورات المستجدة على الساحة المصرية، إلا أن الدعوة لحجب المساعدات العسكرية لم تستوعب كلاً من طبيعة الحكومة المصرية الحالية وقدرة واشنطن على التأثير عليها بصورة صحيحة.. وعلى عكس الحقبة الزمنية لحكم حسني مبارك، عندما كانت مقاليد السلطة متمركزة تماماً في يد الدكتاتور، فإن الحكومة الجديدة ممزقة بشدة، وفيها مراكز قوة متنافسة يعمل كل منها ولا سيما الجيش والشرطة والقضاء بشكل مستقل.
وعلى الرغم من أن حجب المساعدات قد أجبر مبارك في بعض الأحيان على تغيير نهج سياسته، إلا أن هذه الأداة لن تعمل الآن بشكل فعّال كما كان عليه الوضع من قبل، نظرًا لأن طبيعة الدولة المفككة تعني أن كل مؤسسة تمارس سيطرة قليلة خارج نطاق نفوذها. فعلى سبيل المثال، يتمتع الجيش الآن بتأثير ضعيف على السلطة القضائية، ولذلك لا يمكن التراجع عن أحكام الإعدام التي أصدرتها المحكمة مؤخرًا ضد المئات من المتهمين، والتي من المرجح أن يخفف معظمها في الاستئناف. وفي واقع الأمر، يقول كبار الضباط برتبة لواء بصورة غير علنية بأنهم لا يعارضون هذه الأحكام فحسب، بل يشعرون بالحرج الشديد حيالها."
توسيع النفوذ الروسي
وأكد أنه في ظل هذه الظروف يمكن أن تؤثر المساعدات العسكرية الأميركية بشكل موثوق على شيء واحد فقط ألا وهو السلوك الخارجي للجيش المصري. حيث أن لدى الجيش أسبابه الخاصة للحفاظ على التعاون الاستراتيجي مع واشنطن بصرف النظر عن حقيقة أن غالبية الترسانة المصرية تتكون من أسلحة أميركية الصنع، وأن العديد من الضباط المصريين تلقوا تدريباتهم في الأكاديميات العسكرية الأميركية، وأن السياسات التي تنتهجها مصر مثل المحافظة على معاهدة السلام مع إسرائيل ومحاربة الإرهاب في سيناء تصب في مصلحتها، مضيفاً أنه رغم ذلك يمكن أن يهدد حجب المساعدات من قدرة واشنطن على ضمان تعاون مصر على المدى الطويل، وأحد أسباب ذلك هو أن روسيا تحاول توسيع نفوذها في الشرق الأوسط من خلال بيع الأسلحة إلى القاهرة، كما أن العديد من دول الخليج العربي التي أرسلت مساعدات بمليارات الدولارات للحفاظ على استقرار الحكومة المصرية الحالية تدعم بقوة الجهود التي تبذلها موسكو. وعلاوة على ذلك، وبعد سنوات من رفض الجيش المصري محاربة الجهاديين في سيناء فقد انخرط في عمليات كهذه منذ سبتمبر، لذلك سيؤدي حجب المساعدات الآن إلى بعث رسالة مربكة للغاية بشأن الأولويات الاستراتيجية لدى واشنطن. ومن المحتمل أن تخسر الولايات المتحدة أيضًا فوائد استراتيجية أخرى في حالة حجب المساعدات بما في ذلك حقوق التحليق في سماء مصر والمرور المميز في قناة السويس.
تؤدي الى احداث فرق
وختم "تراغر" مقاله قائلاً "إن الحكومة المصرية الممزقة بشدة التي تتولى شؤون البلاد حاليًا قد تغدو أكثر تماسكاً بعد بضعة أشهر من الآن، عندما يتقلد وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم ويصبح رئيسًا للبلاد كما يرجح. وفي ظل هذه الظروف، فإن استخدام المساعدات العسكرية لتمهيد الطريق لقيام مناخ سياسي أكثر تقدماً قد يؤدي إلى إحداث فرق.. ولكن إذا ما حجبت واشنطن المساعدات الآن، فسوف تفقد النفوذ اللازم للتأثير على القاهرة، بالإضافة إلى عدم وجود تأثير كبير لها على مسار مصر المقلق في المدى القصير.. ولجميع هذه الأسباب آنفة الذكر، يجب أن يكون وزير الخارجية الأميركي جون كيري مستعدًا لاستخدام الخيارات المتاحة له لضمان استمرار المساعدات".
تجدر الإشارة إلى أن الكاتب "إريك تراغر" عاش في مصر كزميل فولبرايت في برنامج الحضارات الإسلامية ودرس في الجامعة الأميركية في القاهرة، حيث حصل على الماجستير في الدراسات العربية مع التركيز على الدراسات الإسلامية بين عامي 2006-2007. وشغل منصب مساعد باحث في معهد واشنطن عامي 2005-2006 بعد التخرج من جامعة هارفارد في دراسات الحكومة واللغات العربية والعبرية.
وعاصر "تراغر" اندلاع الثورة المصرية ضد نظام مبارك في عام 2011، ونشر مقالات عديدة في فورين بوليسي، وذي آتلانتيك، ونيو ريپبليك، وغيرها من كبرى الصحف والمجلات الدولية.