أخبار

تسويق القضايا الخاصة بحياتهم لأغراض انتخابية

اليونسكو تتهم ألمانيا بالعجز عن دمج أبناء المهاجرين

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تفرد الشرطة الألمانية فصلاً خاصاً عن الجنايات التي يرتكبها أبناء المهاجرين في تقاريرها السنوية، كما تتحدث دائماً عن معدلات مرتفعة للجرائم المرتكبة من قبلهم مقارنة بالجرائم التي يرتكبها أبناء الألمان. لكن دراسة جديدة من جامعة ماينز ترفض هذا التمييز، وتتحدث عن غبن في طريقة احتساب وملاحقة أبناء المهاجرين.

ماجد الخطيب: قدم الدكتور كريستيان فالبورغ، الذي قدم أطروحته في الدكتوراه عن "الجريمة بين أبناء المهاجرين"، دراسة جديدة تقول بعدم وجود فرق بين معدلات الجريمة التي يرتكبها أبناء المهاجرين مقارنة بأبناء الألمان. ويرفع غالبورغ اصبع الاتهام بوجه "السياسة" التي تحاول دائماً تسويق القضايا الخاصة بحياة المهاجرين في ألمانيا لأغراضها الدعائية والانتخابية.

واعتمد فالبورغ ، من جامعة مونستر، معطيات شرطة الجنايات في ولاية سكسونيا السفلى، التي يتضح منها أن الجنايات التي ارتكبها أبناء المهاجرين بين 2005-2013 انخفضت إلى النصف.

وبينما سجلت الشرطة 1046 حالة عنف وجنايات ارتكبها الشباب من اصول أجنبية عام 2005 انخفض هذا الرقم إلى 5800 عام 2013. تتساوى معدلات الجريمة تقريباً بين الشباب من الفئتين، مع وجود زيادة قليلة في مجال أعمال عنف مارسها أبناء المهاجرين، وهي حالات تشكل 3.3% فقط من مجموع الجنايات.

وكان الشباب من بلدان يوغسلافيا السابقة، ومن تركيا، أكثر ميلاً للعنف من بقية ابناء المهاجرين، وأكثر أيضاً من ميل أبناء الألمان للعنف. وانخفضت نسبة الشباب في ألمانيا خلال هذه السنوات بحكم زيادة نسبة المتقاعدين وانخفاض نسبة الولادات، وانخفضت معها الجنايات التي يرتكبها أبناء الألمان بنسبة 34,8% وبنسبة 34 بين أبناء المهاجرين.

غبن

ويقول فالبورغ في دراسته إن الصحافة الألمانية لا تنشر سوى جزء صغير من مجموع الجرائم المرتكبة، لكن هذه الصحافة تميل أكثر إلى نشر أخبار الجرائم الكبيرة التي يرتكبها الأجانب.

ولاحظ الباحث في شؤون الجريمة أن 20% من الجنايات التي احتسبتها تقارير الشرطة عام 2012 على أبناء المهاجرين هي جنايات ارتكبها شباب لا يعيشون في ألمانيا أصلاً. وهذا ينطبق خصوصاً في مجال سرقة السيارات وسرقة الدراجات وغيرها، لأن هؤلاء الشباب هم أجانب فعلاً لكنهم يعيشون في أوربا اشرقية وغيرها، ولا يحملون الجنسية الألمانية أو حتى اقامة ألمانية.

الحقيقة الأخرى التي أشار اليها فالبورغ هي ضعف التسامح مع ما يرتكبه أبناء المهاجرين. إذ تكشف احصائيات الشرطة عن دعوات أقامتها النيابة العامة ضد أبناء المهاجرين أكثر مما أقامتها ضد أبناء الألمان.

ويتسامح المواطن الألماني مع شاب من ابناء جلدته يحطم له جزءًا من سياج حديقته، لكنه لن يتسامح مع شاب من ذوي الاصول الأجنبية. وعموماً، فإن الشاب الأجنبي الميال لارتكاب جناية ما معرض 50% أكثر من الشاب الألماني للمثول أمام القاضي. وتشي دراسة أجريت عام 2006 بوجود قناعة مسبقة لدى الألمان(46%)، وبين رجال الشرطة، بأن الأجانب عموماً أكثر استعداداً لارتكاب الجنايات من الألمان.

ويتفوق الشباب الألمان على أبناء المهاجرين في قضايا السرقة من المحلات والمخازن، وتبدو هذه النسبة منخفضة جداً بين أبناء الأتراك الذين يمثلون الجماعة الأثنية الأكبر في ألمانيا. وربما أن السرقات التي يرتكبها أبناء الألمان تعادل ضعف ما يرتكبه أبناء المهاجرين من سرقات، لكن عيون الرقباء، والكاميرات المنصوبة، تلاحق الأجانب أكثر مما تلاحق الألمان.

الأدهى من ذلك أن الشرطة تسجل سنوياً آلاف حالات خرق قانون الاقامة أو خرق قانون منع اللاجئين من مغادرة مدنهم، ضمن الجنايات التي يرتكبها أبناء المهاجرين. وهذه حالات لا يعاني منها الألماني الأصلي طبعاً، كما انه من الغبن احتسابها كجنايات وأن تسجل في الملفات.

تزايد معدلات الجنوح مع انخفاض التعليم

المهم أيضاً هو أن الجنايات التي ترتكبها الفتيات الألمانيات تعادل اضعاف ما ترتكبه الفتيات من اصول أجنبية، وهي قضية مهمة. والأهم هو أن مرتكبي الجنايات من الشباب، سواء كانوا ألماناً أو مهاجرين، تقل نسبتهم تماماً بين أولاد المدارس والمتعلمين.

وترتفع مخاطر الانحراف كلما انخفض المستوى التعليمي للشاب، علماً ان دائرة الأحصاء تتحدث عن أكثر من 4 ملايين أمي في ألمانيا نصفهم من الألمان.

ويعرف الجميع، ووفق العديد من الدراسات، أن أبناء المهاجرين أقل حظاً من أبناء البلد (الألمان) في الحصول على فرص العمل، بل أن فرص أبناء الأجانب في اكمال& الدراسة الاعدادية، والحصول على التأهيل المهني، أقل بكثير من فرص أبناء الألمان.

أشارت دراسة جديدة إلى هذا الواقع رغم أن أبناء المهاجرين أفضل تأهيلاً وأقل عمراً من نظرائهم الألمان. وهو نتيجة توصل إليها معهد الدراسات الاقتصادية الألماني بتكليف من مجلة "الاسبوع الاقتصادي" المعروفة. واعتبرت المجلة أبناء المهاجرين، على هذا الأساس، "مكسباً" للاقتصاد الألماني، وليس عبئاً، كما يعتقد البعض.

حسب هذه الدراسة، التي شملت الوافدين الجدد إلى ألمانيا في العقد الماضي من السنين، فإن 25 في المئة من هؤلاء المهاجرين، من أعمار تتراوح بين 25-65، يحملون شهادات التخرج من الجامعات والمعاهد، في حين أن هذه النسبة، قياساً بعموم المواطنين المقيمين في ألمانيا، من نفس الفئة العمرية، لا تزيد عن 18 في المئة. وكان 85 في المئة من المهاجرين، بين 1999 و2009 هم من عمر قادر على العمل، في حين كانت هذه النسبة مجرد 66 في المئة بين الألمان.

وأشار تقرير الاندماج السنوي، الذي درسه البرلمان الألماني، إلى تقلص الفجوة بين أبناء المهاجرين وأبناء الألمان من ناحية التحصيل الدراسي. وجاء في التقرير أن نسبة تاركي الدراسة بين الأجانب، في المرحلة الابتدائية، انخفضت إلى 3 في المئة فقط، في حين ارتفعت نسبة المنتقلين منهم إلى الجامعات والمعاهد إلى 10 في المئة، وحصلت نسبة 50 في المئة منهم تقريباً على شهادات الدراسة في المدارس الاعدادية والمهنية، وبلغ البقية منهم مراحل متقدمة في المدارس. وحسب تقدير الدراسة كانت هذه النسب بين عوائل المهاجرين أفضل مما هي عليه بين العوائل الألمانية من نفس المستوى الاجتماعي.

اليونسكو تنتقد

أثارت دراسة نشرتها منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة جدلاً واسعاً بين الألمان بسبب تصنيفها ألمانيا في ذيل قائمة البلدان التي تقدم أفضل رعاية لأطفال المهاجرين في المدارس. وطالب العديد من المسؤولين الألمان بدراسة أسباب الظاهرة، محاسبة المسؤولين عنها ووضع البرامج الكفيلة بتحسين أداء أطفال الأجانب في المدارس الألمانية.

واتهمت الدراسة ألمانيا بالعجز عن دمج أطفال المهاجرين في المجتمع الألماني. كما لاحظت الدراسة، التي قارنت أوضاع التلاميذ الأجانب في 17 دولة متقدمة، أن المدارس الألمانية ترسل التلاميذ الأجانب إلى مدارس الإعداد المهني دون تمحيص في مستوياتهم وقابلياتهم، وتحرمهم بالتالي من فرصة الوصول إلى الجامعة رغم تفوق بعضهم.

وتخلص الدراسة إلى أن اللغة لا تلعب الدور الأساسي في تدني مستويات التلاميذ الأجانب، وخصوصاً الذين يصلون إلى ألمانيا بعمر يزيد عن 6 سنوات. وترى وجود فرق بين مستوى التلاميذ الألمان والتلاميذ من أبناء المهاجرين (وخصوصاً أبناء الأتراك) يبلغ في الرياضيات نحو 3 سنوات دراسية، في حين أن هذا الفرق غير ملحوظ في كندا ونيوزيلندا واستراليا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف