تتراوح الفاتورة ما بين 200 و800 مليار جنيه
إجراءات مكافحة الفساد تمنح مصر 5 نقاط في الشفافية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
"لا توجد دولة خالية من الفساد"، هذا ما انتهى إليه تقرير حديث لمنظمة الشفافية الدولية، غير أن دولتي الصومال وكوريا الشمالية تصدرتا قائمة الدول الأكثر فسادًا، بينما حصلت الدنمارك ونيوزيلندا وفنلندا والسويد على أفضل الدرجات.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أثمرت الجهود المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في خفض معدلات الفساد، وأعلنت المنظمة الدولية للشفافية تقدم مصر بخمس نقاط في مكافحة الفساد.
يشمل الكل
وحذر تقرير حديث صادر من منظمة الشفافية الدولية من تزايد خريطة الفساد حول العالم منذ العام 2013، مشيرًا إلى أنه "لا توجد دولة خالية تمامًا من الفساد"، ولافتًا إلى أن "أي دولة لم تحصل على مجموع نقاط 100 لتكون بذلك نظيفة تمامًا، كما لم تحصل أي دولة على صفر، أي فاسدة تمامًا".
ووفقًا للتقرير، فإن دولتي الصومال وكوريا الشمالية تصدرتا قائمة الدول الأكثر فسادًا فى العالم. وظهرت خريطة الفساد التي رسمتها المنظمة الدولية، وقد سيطر عليها اللون البرتقالي والأحمر، اللذان يشيران إلى نسبة الفساد. ولفت إلى أن دول: الدنمارك ونيوزيلندا وفنلندا والسويد حصلت على أفضل الدرجات.
وحذرت المنظمة غير الحكومية، من تزايد نسبة الفساد "بصورة مقلقة" في دول، مثل البرازيل وروسيا والهند والصين والمكسيك وأندونيسيا وتركيا، ولوّنت مكانها على الخريطة بلون أكثر ميلًا إلى الحمرة. وقال خوسيه أوجاز، رئيس المنظمة، إن "الدول التى تتسم باقتصادات سريعة النمو، وترفض حكوماتها أن تكون شفافة، وتتساهل مع الفساد، تخلق ثقافة الحصانة، وهي نفسها التي يستشري من خلالها الفساد".
واعتبرت المنظمة أن تأثير الصراعات الدموية والعنف كان سببًا في حصول دول، مثل السودان وأفغانستان وجنوب السودان والعراق، على تصنيف منخفض، أتت مباشرة بعد الصومال وكوريا الشمالية.
الرشى تقوّض التنمية
وأشاد التقرير بالتقدم الذي أحرزته أفغانستان، مشيرًا إلى أنها ارتفعت بنسبة خمس نقاط منذ عام 2013، كما ارتفعت كوت ديفوار ومصر وسان فينسنت وجزر جرينادين بنسبة 5 نقاط. بينما ارتفع الأردن ومالي وسوازيلاند بنسبة أربع نقاط.
وحذرت المنظمة من أن "الرشاوى والصفقات السرية لا تسرق فقط الموارد من الأكثر ضعفًا، ولكنها تقوّض أيضًا العدالة والتنمية الاقتصادية، وتدمّر ثقة الرأي العام في الحكومة والقادة".
وفي ما يخص مصر، فإن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، وهو الجهاز الرقابي الرسمي المختص بمكافحة الفساد، يقدر حجم الفساد في العام 2014 بـ200 مليار جنيه، أي ما يعادل 25.2 مليار دولار أميركي. وقال جنينة "بعض المؤسسات تعرقل عمل خبراء الجهاز بما يحول دون كشف بعض وقائع الفساد، سواء في الجهاز الإداري للدولة أو في المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى".
بينما تقدر المنظمات المحلية الفساد بأضعاف هذا الرقم، ومنها المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد، الذي أعلن أن "الفساد في مصر يهدر 800 مليار جنيه سنويًا". وقال مدير المركز عاصم عبد المعطي، وهو وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات سابقًا، إن " الدولة اتخذت على مدار الشهرين الماضيين إجراءات احترازية لمواجهة الفساد، مما ساهم في تحسن ترتيبنا في المؤشر العالمي، لمواجهة الفساد إلى المرتبة 94 عالميًا من 175 دولة على مستوى العالم".
"ويكي فساد"
فيما تقدر حملة "ويكي فساد"، المتخصصة في رصد وقائع الفساد، قيمة فاتورة الفساد خلال شهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران الماضيين بـ6.6 مليارات جنيه مصري. وقالت المبادرة في تقريرين منفصلين لها، إن حجم الفساد خلال شهر يونيو/حزيران الماضي يقدر بـ3.4 مليارات جنيه، ويقدر حجم الفساد خلال شهر مايو/ أيار الماضي بـ 3.2 مليارات جنيه، ليصل حجم الفساد خلال الشهرين الماضيين إلى 6.6 مليارات جنيه، أي ما يعادل نحو 770 مليون دولار أميركي.
وأعلنت النيابة العامة المصرية، إحصائية لجهودها في مكافحة الفساد خلال العام الماضي، وقالت إنها تمكنت من تحصيل قرابة 12 مليار جنيه، في قضايا التهرب الضريبي، كما استطاعت استرداد 900 فدان من أملاك الدولة، و13 عمارة سكنية، و16 شقة، و250 ألف متر مربع، عبارة عن أراضٍ في مدينة شرم الشيخ، كانت مملوكة لرجل الأعمال حسين سالم، وكذا مساحة 42 ألف متر مربع من شركة مملوكة للمتهم جمال عمر.
ونشطت أجهزة مكافحة الفساد في مصر أخيرًا بناء على توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومنها جهاز الرقابة الإدارية، وهو جهاز رقابي أمني، يتولى عمليات توثيق وقائع الفساد واعتقال المتورطين فيها، وكشف الجهاز عن أكبر قضية فساد منذ تولي السيسي منصبه من أكثر من عام، وهو قضية "الفساد الكبرى" في وزارة الزراعة، المتهم فيها الوزير السابق صلاح هلال ومدير مكتبه ومسؤولين آخرين في الوزارة، ورجل الأعمال أيمن الجميل، إضافة إلى محمد فودة، طليق الفنانة غادة عبد الرازق، الذي لعب دور الوسيط في تلك القضية، من أجل الاستيلاء على أراضي الدولة. ومن عجائب القضية أن الوزير ومساعديه طلبوا طلبوا 16 رحلة حج للأراضي المقدسة رشوة، إضافة إلى ولائم فاخرة في شهر رمضان.
وقود الثورة
ومن عجائب الفساد في مصر أيضًا، ضبط أحد رموز مكافحة الفساد والإستيلاء على المال العام متلسبًا بالرشوة والابتزاز، وهو البرلماني السابق حمدي الفخراني، رئيس جمعية مكافحة الفساد، الذي ألقت أجهزة الشرطة القبض عليه مساء 6 سبتمبر/ أيلول الماضي، في مدينة الشيخ زايد في القاهرة، في تهمة تقاضي 3 ملايين جنيه ونصف، كمقدم رشوة لمبلغ 50 مليون جنيه، من رجل أعمال، مقابل التنازل عن دعاوى قضائية ضده، على تصوير الفخراني بالفيديو، وهو يتلقى مبلغ 3.5 مليون جنيه نظير تنازله عن الدعاوى القضائية، لاسترداد الحكومة أراضي شركة النيل لحليج الأقطان، التي سبق خصخصتها.
وتسعى مصر إلى تقييد الفساد، لاسيما أنه يلتهم ثروات البلاد، وكان سببًا رئيسًا في اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، وأدخلت وزارة العدل أخيرًا تعديلًا على قانون الكسب غير المشروع، تقضي بقبول التصالح مع المتهمين بالفساد مقابل استرداد أموال الدولة، ويترتب علي ذلك العديد من المزايا التي كفلها القانون للمبادرين بذلك، منها انقضاء الدعوى الجنائية وكل الإجراءات التحفظية (التحفظ على الأموال والمنع من السفر) ووقف تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية وامتداد أثر التصالح إلى جميع المتهمين وإلى جرائم العدوان على المال العام وغسل الأموال المرتبطة بجريمة الكسب غير المشروع.
ويوفر القانون ميزة نسبية للمبادرين بالتصالح أثناء إجراء التحقيق برد مبلغ الكسب غير المشروع فقط، فإذا تقدم في مرحلة المحاكمة، يتم إلزامه بغرامة تعادل قيمة الكسب. وتتوقع وزارة العدل المصرية استرداد نحو 105 مليارات جنيه، قيمة أموال استولى عليها المتهمون من رموز نظام حكم حسني مبارك، بسبب استغلالهم لوظائفهم في الدولة ونفوذهم السياسي في تحقيق الكسب غير المشروع، حيث يحقق الجهاز منذ اندلاع ثورة 25 يناير عام 2011 وحتى الآن في أكثر من 900 قضية.
&
&
&