أخبار

تَعِد بلقاح ناجح ضد الفيروس

كرات مجهرية خارقة تمنع انتشار إيبولا

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حقق الطب نجاحات ملموسة على صعيد إنقاذ حياة المصابين بفيروس إيبولا من الموت. لكن المهم، كما يثبت الواقع، هو العثور على لقاح يقي منه.

ماجد الخطيب: أنتج علماء جامعة كومبليتينسه الإسبانية جزيئة مركبة تحتوي على 13 كرة خارقة تمنع فيروس إيبولا من اختراق خلايا جسم الإنسان. ونجحت هذه الكرات المجهرية في منع هذا الفيروس من اختراق خلايا بشرية مستنبتة في المختبر، والخطوة القادمة هي إجراء التجارب على الحيوانات.

وكانت منظمة الصحة العالمية هنأت سيراليون قبل أسابيع بمناسبة خلوها من مرض إيبولا، لكن الدول الأفريقية المجاورة (مثل غينيا) ما زالت تعاني أضرار المرض. وبعد بصيص الأمل الجديد في معالجة هذا المرض الخطير، قالت دراسة حديثة إن شفاء المرضى من الأعراض لا يعني انهم ما عادوا مؤهلين لنقل المرض.

باقٍ ويتمدد

كان النذير الأول إصابة إمرأة من ليبيريا بالفيروس القاتل بعد مجامعة رجل شُفي من المرض. وتفترض منظمة الصحة العالمية الآن أن الفيروس يبقى معديًا، وينتقل بالسائل المنوي بعد أشهر من شفاء الرجل من المرض. والمشكلة هي أن الأطباء، رغم نجاحهم الأخير في مكافحة المرض، يعتقدون بوجود وسائل أخرى غير العلاقة الجنسية، لإنتقال المرض بعد زوال أعراضه الخارجية.

جاء في دراسة علمية نشرتها "نيو انغلاند جورنال أوف ميديسن"، أجريت على 100 رجل من سيراليون يُفترض أنهم تعافوا من المرض، أن الفحوصات المختبرية أثبتت وجود الفيروس في مني ثلثي الرجال بعد 4 إلى 6 أشهر. وبهذا يكون الطب قد توصل إلى أن إيبولا قادر على الحياة فترة طويلة في السائل المنوي، لينتقل بعد ذلك إلى مريض آخر عبر الاتصال الجنسي.

وتسد جزيئة الكرات الـ13 ثغرات دقيقة في جدران الخلايا البشرية يستخدمها الفيروس للولوج إلى داخل الخلية. وكتب نازاريو مارتن، من جامعة كومبليتينسه في مدريد، في مجلة "نيتشر كيمستري" أن الجزيئة نجحت في المختبر في منع فيروس إيبولا من اختراق خلايا بشرية مستنبتة، وستجرى التجارب مستقبلًا على الحيوانات، وفي حالة نجاحها على الإنسان يكون الطب قد توصل إلى لقاح يمنع الفيروس من اختراق جسم الإنسان.

هناك موقع مهم في جدران الخلايا المناعية في الجسم البشري يسمى "DC-SIGN" يستخدها فيروس إيبولا لاختراق جسم الإنسان، وتعمل الكرة الخارقة على سد هذه الثغرة أمام الفيروس. ويطلق الأطباء على هذا الموقع اسم "مستقبل إيبولا" نظرًا إلى دوره المهم في نقل المرض.

والجزيئة الخارقة عبارة عن 13 كرة فوليرين تحتوى على 16 ذرة كربون تتعلق بها 120 "جزيرة من السكر"، بحسب وصف العلماء في المجلة العلمية.

وكرات فوليرين أحد الأشكال الهندسية التي يتخذها الكربون في الطبيعة (متأصلات الكربون)، تتألف من 60 ذرة كربون تتشكل بشكل كرة ذات 12 زاوية خماسية و20 زاوية سداسية. تشبه كرة فوليرين كرة القدم الحديثة ذات القطع السوداء والبيضاء خماسية الأضلاع، ويعود الفضل "رسميًا" في اكتشاف فوليرين إلى الباحثين روبرت كيرل وريتشارد سمولي (الولايات المتحدة) وهاري كروتو (بريطانيا) في العام 1985، ونال الثلاثة جائزة نوبل للكيمياء عام 1996 لقاء هذا الاكتشاف، رغم أن الياباني إيجي أوساوا وصفها قبلهم بنحو 15 عامًا.

واطلق على الكرات اسم فوليرين نسبة إلى المهندس الاميركي ريتشارد بوكمنستر فوللر، الذي اشتهر بإنشاء وتصميم القبب الجيوديسية.

إيبولا طروادة

توصل العلماء في المختبر إلى أن "جزر السكر" التي تحملها كرة فوليرين، تتصل مع مستقبل DC-SIGN ويشكلان معًا سدًا منيعًا أمام فيروس إيبولا. ونظرًا إلى خطورة الفيروس على حياة الباحثين، لجأ الأخيرون إلى"حيلة طروادة" التاريخية، واستخدموا فيروس إيبولا مزيف، غير خطر، لكنه محمّل بكل البروتينات الأصلية التي تؤلف الغلاف الخارجي للفيروس الأصلي. وثبت في المختبر أن كرات فوليرين نجحت تمامًا في منع الفيروس من اختراق الخلايا المستنبتة، ويعتقدون أن هذا ما سيجري مع الفيروس الأصلي.

المهم، بحسب تقدير مارتن، أن الكريات الخارقة، بعد تجربتها على الخلايا المستنبتة، اثبتت فائدتها كعقار لتطوير لقاح وقائي ضد المرض في المستقبل. الشيء المهم الآخر هو أن "كرة القدم الخارقة" لن تحيد عن هدفها المتمثل بمحاربة فيروس إيبولا، لأنها لا تُهاجم الخلايا البشرية، ولا تشكل خطرًا عليها.

تجرى الاستعدادات منذ الآن لتجربة الكريات الخارقة على فئران مختبرية، بحسب تصريح الباحث خافيير روخو الذي شارك في التجارب الأولية من جامعة إشبيلية. ولا يمكن للتجارب على الحيوانات أن تكشف فعالية الكرات الخارقة على صد خطر فيروس ايبولا، وإنما تستطيع أن تكشف أي تشكيلة هندسية من الكريات تنفع أفضل من غيرها في تطوير لقاح مستقبلي.

الخطر القادم من النهر

تشير معطيات منظمة الصحة العالمية إلى أن مرض إيبولا، المعروف سابقًا باسم الحمى النزفية، يصيب الإنسان وغالبًا ما يكون قاتلًا. وينتقل الفيروس إلى الإنسان من الحيوانات البرية وينتشر بين صفوف التجمعات البشرية من طريق انتقاله من إنسان إلى آخر.

ويبلغ معدل إماتة حالات الإصابة بفيروس إيبولا نسبة 50% تقريبًا في المتوسط، لكن هذا المعدل تراوح بين نسبتي 25 و90 في المئة خلال تفشيه في الماضي. يسبب فيروس إيبولا مرضًا حادًا وخطيرًا يودي بحياة الفرد في أغلب الأحيان إن لم يُعالج. وقد ظهر مرض فيروس إيبولا أول مرة عام 1976، في إطار تفشيين اندلعا في آن، أحدهما في نزارا في السودان والآخر في يامبوكو في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وذلك في قرية قرب نهر إيبولا، الذي اكتسب المرض اسمه منه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف