أحلام آلاف المهاجرين تتحطم على شواطئ ليبيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
طرابلس: بقي المغربي رشيد اسبوعًا من دون تناول الطعام في منزل قرب العاصمة الليبية ينام على الارض بين مئات المهاجرين الاخرين، في انتظار الصعود الى زورق والابحار بطريقة غير شرعية نحو اوروبا.
لكن في ليلة الابحار، داهم جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية المنزل الواقع في القره بوللي (60 كلم شرق طرابلس)، واعتقل مهرّبين اثنين، واوقف المهاجرين الذين نقلوا الى مراكز ايواء من دون مال او هاتف او حتى جواز سفر.
ينتمي هؤلاء المهاجرون الى مجموعات من الاف الحالمين ببلوغ السواحل الاوروبية انطلاقا من ليبيا الغارقة بالفوضى، والذين غالبًا ما ينتهي بهم الامر في مراكز توقيف، او في البحر يصارعون الموت، بعد رحلة تمتد احيانا لآلاف الاميال، وتدرّ على تجارها ملايين الدولارات.
ويقول رشيد الآتي الى طرابلس عن طريق تونس، في مركز مكافحة الهجرة غير الشرعية "دفعت ألفي دينار (نحو 1500 دولار). كنا ننام على الارض، وكان المكان مكتظا جدا ولم يكن هناك طعام".
ويروي رشيد، الذي ارتدى دشداشة رمادية وانتعل خفين، كل منهما بلون مختلف، انه قبيل الموافقة على المضي بالرحلة "عرض لنا (المهرب) صورا للمركب على هاتفه، وقال انه آمن، لكن تبيّن انه كان زورقا صغيرا. طلبت منه ان يعيد إليّ اموالي، وقلت له انني غيّرت رأيي، لكنه رفض". وتابع "قررت ان اغامر. وفي ليلة الابحار، ألقوا القبض علينا".
- اوروبا او الموت -
تضم مراكز الايواء في طرابلس ومحيطها حاليا نحو خمسة الاف مهاجر، علما ان آلافا من المهاجرين الاخرين تم ترحليهم، او تمكنوا من مغادرة السواحل الليبية نحو اوروبا، منهم من اوقف في البحر واعيد الى طرابلس، او انقذ ونقل الى اليونان او ايطاليا، ومنهم من غرق. وتشهد ليبيا فوضى امنية ونزاعا مسلحا فاقما الهجرة غير الشرعية عبر سواحلها التي تمتد على مسافة 1770 كلم، ولا تبعد اكثر من 300 كلم عن جزيرة لامبيدوزا الايطالية.
ويتدفق المهاجرون على ليبيا من دول تشهد نزاعات مسلحة، بينها سوريا والعراق، ودول اخرى مجاورة او قريبة منها، مثل السودان واثيوبيا ونيجيريا والصومال. ويقول المغربي ايوب (30 عاما) وهو اب لاربعة اطفال "جئت الى هنا للعمل، لكن ايطاليا كانت فرصة من نوع اخر. حلمت وبدأت اعيش حلما"، مضيفا "اردت ان اوفر لافراد عائلتي ظروفا معيشية كريمة".
وتابع ايوب الذي اوقف ايضا خلال المداهمة "عليّ ان اضحّي بروحي. هناك خياران: ربما انجح بالوصول الى ايطاليا، واعيش عيشا كريما، وربما اموت، وهذا بيد الله".
- قوارب المال -
على عكس رحلة رشيد وايوب القصيرة من الحدود التونسية، التي لا تبعد سوى 170 كلم عن طرابلس، يجتاز مهاجرون اخرون الاف الاميال لبلوغ شواطئ العاصمة الليبية، في رحلة شاقة يقودها مهربون محترفون.
ويقول الملازم اول اسامة الشبلي، احد اعضاء فريق التحري في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، ان معظم المهاجرين "يدخلون السودان، ويتم جلبهم الى منطقة سبها (800 كلم جنوب طرابلس)، ثم ارسالهم الى (...) السواحل الليبية، وجمعهم في مكان ما قبل ترحيلهم على مجموعات في الزوارق".
وبحسب الشبلي، يكون المهرّبون عادة مسلحين، وقد عثر جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في عمليات اقتحام عدة على اسلحة خفيفة ومتوسطة وقنابل يدوية بعد مواجهات مسلحة وقعت مع المهربين.
ويشير الملازم اول عبد الناصر حزام، رئيس وحدة الموارد البشرية في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، الى ان المهربين، وهم من جنسيات ليبية وافريقية اخرى، منخرطون في "عصابات ذات تنسيق عال جدا" تحصد اموالا طائلة من هذه التجارة غير الشرعية. ويوضح ان "كل مهاجر يدفع نحو 2500 دولار" للصعود الى مركب، لكن الرحلة بكاملها انطلاقا من الدولة التي يخرج منها المهاجر "قد تكلفه نحو سبعة الاف دولار".
وتحمل زوارق الهجرة عددا اكبر بكثير من طاقتها على الاستيعاب، يصل في بعض الاحيان الى اربعمئة شخص، ما يعني ان معدل الاثمان التي يتقاضاها المهربون لقاء مركب واحد قد يصل الى نحو مليون دولار.
- خمس سيارات وحافلة -
وفي ظل الفوضى الامنية وعدم اعتراف المجتمع الدولي بالسلطات الحاكمة في طرابلس، وبالتالي غياب التنسيق معها، يعاني جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية من نقص شديد في الاليات اللازمة لمكافحة الهجرة. ويقول الشبلي "نعمل بخمس سيارات".
يملك هذا الجهاز ايضا حافلة ركاب تتسع لاربعة وعشرين شخصا، تقوم وحدها بمهام نقل عشرات المهاجرين حين يتم توقيفهم، وسيارة اسعاف واحدة ايضا تضررت اثناء اشتباك مع مهربين، وبقيت معطلة. وكما في البر، في البحر ايضا، اذ يقوم جهاز خفر السواحل بعمليات المراقبة وانقاذ المهاجرين في زورقين صغيرين فقط يتسع كل منها لخمسة عشر راكبا.
ويقول عنصر في خفر السواحل مبروك سالم الترهوني "العناصر موجودة، لكن الامكانات محدودة. لدينا زورقان فقط"، مضيفا خلال مشاركته في دورية قبالة طرابلس "نحن ننقذ الارواح (...) بعون الله وفضله".
&