في ظل حالة الطوارئ وخلافات بين المنظمات الفائزة
"رباعي الحوار" التونسي يستعد لتسلّم نوبل للسلام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أنهت تونس كافة الاستعدادات الاعلامية والتقنية السياسية، من أجل أن تكون احتفالية تسلم الرباعي الراعي للحوار لجائزة نوبل للسلام، تليق بالحدث. لكن أجواء التهديد "الجهادي" والخلافات بين المنظمة الشغيلة ومنظمة الأعراف، تلقي بظلالها على هذا الاحتفال المقرر الخميس المقبل.
إسماعيل دبارة من تونس: استكملت المنظمات التونسية الراعية للحوار الوطني، استعداداتها لتسلم جائزة نوبل للسلام 2015 يوم 10 ديسمبر الجاري في العاصمة النرويجية أوسلو.
وتنطلق الاحتفالات بهذا الحدث يوم 9 ديسمبر لتتواصل الى غاية يوم 11 ديسمبر الحالي وسينتظم بالمناسبة الى جانب الحفل الرسمي العديد من الانشطة الثقافية والفنية.
ويتسلم "رباعي الحوار التونسي" الخميس جائزة نوبل للسلام في اوسلو تكريما له على جهوده في عملية الانتقال الديموقراطي في تونس التي تشهد اليوم حالة طوارئ تشكل مؤشرا على التهديد "الجهادي" الذي يتربص بها.
فبعد الاعتداء الانتحاري على حافلة لنقل عناصر الامن الرئاسي الذي اوقع 12 قتيلا في 24 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، اعلنت السلطات حظر تجول ليلي في العاصمة وضواحيها واغلقت لاسبوعين الحدود مع ليبيا، واعلنت للمرة الثانية هذا العام، حالة الطوارئ.
وتؤشر هذه الاجراءات الى هشاشة الديموقراطية الفتية في هذا البلد التي استحقت بها تونس ان تتوج بجائزة نوبل للسلام لعام 2015.
ومع ذلك حرصت لجنة نوبل النرويجية لدى اسنادها جائزة نوبل ذات القيمة الاعتبارية الفائقة لرباعي الحوار، على ان تجعل من تونس نموذجا لنجاح ثورات "الربيع العربي" الذي كانت تونس مهده.
بث مباشر
قال التلفزيون الرسمي التونسي في بلاغ تلقت "إيلاف" نسخة منه، إنه سيخصص يوم الخميس 10 ديسمبر برنامجا مباشرا مفتوحا يتم خلاله تغطية وبث مراسم تسليم جائزة نوبل للسلام 2015 في مدينة اوسلو واستلام الرباعي الراعي للحوار الوطني الجائزة.
وذكرت " مؤسسة التلفزة التونسية" أن هذا البرنامج الخاص "سينطلق بداية من منتصف النهار ويستضيف مجموعة من الشخصيات الوطنية لتثمين هذا الحدث وإبراز أهمية هذه الجائزة بالنسبة إلى التجربة التونسية في الانتقال الديموقراطي والعلاقة بين المجتمع المدني والبرلمان والحكومة".
كما يتخلل البرنامج "مداخلات مباشرة من أوسلو لمراسلي التلفزة التونسية".
وكانت المنظمات الاربع التي تشكل "رباعي الحوار التونسي" وهي الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية القوية) والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (منظمة ارباب العمل) والرابطة التونسية لحقوق الانسان وعمادة المحامين، ساعدت بشكل حاسم في 2013 في لحظة فارقة في تاريخ تونس، على حل ازمة سياسية خطرة نجمت عن خلاف حاد بين حزب النهضة الاسلامي ومعارضيه.
ميداليات وأوسمة
اختار الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) أن يكرم الأب الروحي للمنظمة الشغيلة الزعيم الراحل فرحات حشاد وذلك باطلاق اسمه علي الطائرة الخاصة التي ستقل بالإضافة الى الأمين العام حسين العباسي أعضاء المكتب التنفيذي للمنظمة وقيادات نقابية أخرى.
كما ستقل الطائرة أعضاء الهيئة الوطنية للمحامين والعميد محمد فاضل محفوظ وأعضاء الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان يتقدمهم رئيس الرابطة عبد الستار بن موسى.
أما وفد الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الذي سيسافر منفردا فسيضم بالإضافة الى رئيسة المنظمة وداد بوشماوي أعضاء المكتب التنفيذي ورؤساء الجامعات ورؤساء الاتحادات الجهوية.
ومن المقرر حسب معطيات استقتها وكالة تونس أفريقيا للأنباء الرسمية، من مصادر نقابية، أن تحلق الطائرة اليوم الثلاثاء 8 ديسمبر، في اتجاه باريس حيث من المنتظر أن يمنح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وسام الشرف الى ممثلي الرباعي في حفل سيحضره عدد من الشخصيات الفرنسية.
وفي أوسلو تنطلق فعاليات الاحتفالات بهذا الحدث التاريخي بندوة صحافية للرباعي الراعي للحوار الوطني ستعقد يوم 9 ديسمبر في معهد نوبل.
خطاب "الرباعي"
أما في ما يتعلق بالبيان الخطابي للرباعي الذي سيتم القاؤه بعد تسلم الجائزة فقد تم الاتفاق على اعداد بيان يضم 4 فقرات تتولى كل شخصية قراءة الفقرة الخاصة بها.
كما أفاد مصدر من الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بأن معهد نوبل سيقدم خمس ميداليات ذهبية ستذهب 4 منها الى الرباعي في حين سيتم وضع الخامسة على ذمة السلطات التونسية لاختيار المكان المناسب للاحتفاظ بها.
وبين أن الميدالية الخامسة سيهديها الرباعي الى تونس، وسيتولى تسديد ثمنها مشيرا الى أن الرباعي سيتوجه مباشرة اثر انتهاء احتفالات اوسلو الى ستكهولم للمشاركة في الاحتفالات السنوية التي تقيمها السويد احتفاء بالفائزين بجائزة نوبل.
من جهة أخرى يحضر وفد من المجتمع المدني التونسي الناشط في فرنسا وبلجيكا وسويسرا احتفالات اوسلو وذلك تقديرا لمساهمته في الحوار الوطني.
كما يرمي الوفد من وراء حضوره الى "التعبير عن التزام المجتمع المدني في المهجر بالتمسك بتحقيق الديموقراطية والسلم والتقدم في تونس"، وفق بيان أصدرته اللجنة من اجل احترام الحريات وحقوق الانسان في تونس.
ومن المنتظر أن تشهد احتفالات أوسلو تغطية اعلامية مكثفة من قبل الاعلام الوطني والأجنبي.
سنة دامية
وفي حين اعقب انتفاضات وثورات الربيع العربي الشعبية، الفوضى والعنف في ليبيا المجاورة واليمن وسوريا او عودة مظاهر القمع في مصر، فان تونس تمكنت من وضع دستور جديد وتنظيم انتخابات حرة.
وقالت رئيسة لجنة نوبل كاسي كولمان فايف لدى اسنادها الجائزة لتونس في 9 تشرين الاول/اكتوبر ان النموذج التونسي "يظهر ان الحركات السياسية الاسلامية والعلمانية يمكنها ان تعمل معا للتوصل الى نتائج مهمة".
لكن بعد نحو خمس سنوات من الاطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، تخيم على البلاد اجواء تهديدات جديدة "جهادية".
وعلاوة على الاعتداء على حافة نقل الامن الرئاسي الذي تبناه تنظيم الدولة الاسلامية، شهدت تونس اعتداءين كبيرين داميين في 2015، استهدف الاول متحف باردو في العاصمة في آذار/مارس وخلف 22 قتيلا، واستهدف الثاني فندقا في القنطاوي قرب سوسة (وسط شرقي) في حزيران/يونيو وخلف مقتل 38 سائحا.
كما اقدمت مجموعة تقول انها تتبع تنظيم الدولة الاسلامية، في تشرين الثاني/نوفمبر على ذبح فتى (16 عاما) يرعى الاغنام بداعي انه يعمل مخبرا للسلطات. واعلنت السلطات الاسبوع الماضي توقيف متطرفين اشتبه بتحضيرهما لاقتراف اعتداءات انتحارية.
وقدر فريق عمل تابع للامم المتحدة عدد التونسيين الذين توجهوا الى ليبيا والعراق وسوريا للانضمام الى تنظيمات جهادية بحوالى خمسة آلاف، ما يجعل من تونس احد اكبر مزودي التنظيمات "الجهادية" بالعناصر.
انقسام
ويأتي تسليم جائزة نوبل في اوسلو في الوقت الذي يخوض فيه طرفان من "رباعي الحوار التونسي" ، هما المركزية النقابية ومنظمة اصحاب العمل، صراعا مداره حجم الزيادة في مرتبات العاملين في القطاع الخاص.
وقال بلقاسم العياري احد قيادات المركزية النقابية "من المحتمل ان يذهب رباعي الحوار الى اوسلو دون التوصل الى اتفاق بين الاتحاد العام التونسي للشغل، واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. كان من الافضل التوصل الى اتفاق لكنهم (في منظمة اصحاب العمل) يصرون على زيادة في الاجور بنحو 5 بالمئة"، بحسب (فرانس برس).
ورد خليل الغرياني المسؤول في منظمة اصحاب العمل "ليس من الممكن الذهاب ابعد من ذلك (في زيادة الاجور) لان الوضع الاقتصادي للبلاد صعب. لقد تلقينا ثلاث ضربات هذه السنة" في اشارة للاعتداءات.
وتلقي هذه الخلافات بظلالها على المشهد.
وكتبت صحيفة "لابريس" الحكومية الاثنين "في الوقت الذي تحتاج فيه تونس اكثر من اي وقت مضى الى الوحدة والتفاهم والثقة للتصدي للتهديد الارهابي (..) فان فائزينا بجائزة نوبل للسلام يستمران (..) في تغذية الانقسام والريبة والشك وسوء التفاهم".
واضافت ان "هذا الفشل المعلن للمفاوضات ينذر باغراق البلاد مجددا في عدم الاستقرار الاجتماعي".
ومع ذلك سيغادر التونسيون اوسلو فخورين بما انجزوا.
وسيتسلم "رباعي الحوار التونسي" ميدالية جائزة نوبل الرسمية باعتباره الفائز الوحيد بالجائزة.
غير ان معهد نوبل قبل ان يوزع نسخة منها من الذهب الخالص ايضا، على اطراف الحوار الاربعة ... لكن على نفقتهم.