عائلات مشتتة على جانبي القرم بعد سنة على ضمها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كييف: في الثمانين من عمرها، باتت والدة اسكاندر بودجوروف التي لا تجيد كثيرا استخدام التكنولوجيا الجديدة، تتحدث عبر سكايب مع ابنها. وعلى غرار عدد كبير من التتار، هرب من القرم بعدما اقدمت روسيا قبل سنة بالضبط على ضم شبه الجزيرة الاوكرانية.
ويطلق اسكندر الذي بات صاحب كشك صغير في كييف لبيع اصناف من المأكولات التتارية، ضحكة صاخبة عندما يخبر كيف علم والدته التي بقيت في القرم استخدام جهاز الكومبيوتر، قبل ان يغادر مع ولديه للاقامة في منطقة تبعد 800 كلم في العاصمة الاوكرانية.
وقال "قبل اسبوعين من المغادرة، بدأت ادربها. علمتها كيف نشغل الكومبيوتر وطريقة تثبيت الاسلاك (...) وبدأت تتدرب وتكتب رسائل".
وقد احتفلت القرم هذا الاسبوع بالذكرى الاولى لضمها الى روسيا. وفي اواخر شباط/فبراير 2014، استولت مجموعة كومندوس موالية لروسيا على برلمان شبه الجزيرة واستدعت على عجل النواب لاختيار حكومة موالية لموسكو وتنظيم استفتاء حول ضمها الى روسيا.
وفي 18 اذار/مارس، بعد يومين على الاستفتاء الذي اعتبره الغرب "غير شرعي"، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوم ضم القرم الى روسيا.
اذاك قرر اسكندر الهرب. لكن الخيار كان صعبا على هذا الرجل الذي ولد في اوزبكستان وترك للمرة الاولى كل شيء قبل 25 عاما، عندما حصل التتار اخيرا على حق العودة الى ارض اجدادهم. وقال ان "الوضع تغير كليا" بعد ضم القرم.
واضاف اسكندر الذي كان مدير فندق في منتجع سوداك البحري على البحر الاسود، "عندما كانت القرم اوكرانية لم يكن احد يخشى قول ما يريد"، بما في ذلك انتقاد السلطات.
وقد قاطعت طائفة تتار القرم المسلمة التي يبلغ عدد اعضائها 300 الف نسمة، ذلك الاستفتاء. ومنذ ذلك الحين قرر الاف منهم مغادرة شبه الجزيرة والمجيء الى اوكرانيا.
وهم يعتبرون ان عودة القرم الى الحضن الروسي، بعد اهدائها الى اوكرانيا في 1954، تعيد الى الاذهان ذكريات مؤلمة. ففي 1944، تم ترحيلهم بأعداد كبيرة بأمر من ستالين الذي اتهمهم بالتعاون مع القوات النازية.
وهذا الترحيل الطويل والمؤلم الذي قادهم الى اسيا الوسطى وسيبيريا، لم ينته إلا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عندما سمح لهم بالعودة الى ارض اجدادهم التي اصبحت اوكرانية، وكانت علاقاتها ضعيفة مع سلطات كييف.
واعتبر مصطفى بيليال الاب لستة اولاد والذي اختار الاستقرار في لفيف المعقل القومي في غرب اوكرانيا، "طوال 23 عاما، لم تفعل الحكومة شيئا لمساعدتنا لكنها على الاقل لم تكن تتدخل. لقد تركتنا نبني مساجد ومنازل ونمارس التجارة".
اما صديقه ارنست ابكيلياموف من سيمفيريبول، عاصمة القرم، فاختار هذه الوجهة "لانها اكثر مدن اوكرانيا اوكرانية" كما قال.
وبالاضافة الى التتار، اختار عدد كبير من الناس ايضا الفرار من شبه الجزيرة بعد ضمها، قائلين ان السلطات الجديدة تضطهدهم. وقال احدهم اليكسي نيلوف اللاجىء في كييف، "كأن كل ما كان اوكرانيا في القرم، بات يعتبر امرا سيئا على الفور".
واضاف هذا الرجل الذي كان يقدم برنامجا للطهو على التلفزيون في سيباستوبول، اكبر واكثر المدن الموالية لروسيا تقليديا في القرم بسبب وجود الاسطول الروسي للبحر الاسود في هذا المرفأ، "اذا قلت ان القرم اوكرانية يعتبرونك انفصاليا".
ويعتبر كثيرون ان الحكومة الاوكرانية لم تكترث على ما يبدو بمستقبل شبه الجزيرة.
واعتبرت سفغيل موساييفا رئيسة تحرير موقع اوكراينسكا برافدا والتي لا يزال ذووها في القرم "اعتقد ان مسألة القرم ليست مهمة في نظرهم".
وخلصت هذه التتارية الى القول "يبدو لي ان القرم مسألة مهمة للمجموعة الدولية اكثر مما هي مهمة لاوكرانيا".