أخبار

متجاوزًا تحديات معمارية وبيئية

النمسا تبني أعلى مبنى خشبي في العالم

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لا يمكن لبناية ارتفاعها 84 مترًا أن تدخل كتب الأرقام القياسية بسبب ارتفاعها الشاهق، لكن بناية "هوهو" المخطط لبنائها في العاصمة النمساوية ستدخل كتاب غينيس للأرقام القياسية كأعلى عمارة بنيت من خشب.
ماجد الخطيب: يعرف المهندسون أن الارتفاع أو الثبات ليسا العاملين المهمين في بناء العمارات الخشبية، إنما الأهم الوقاية من الحريق ومن الأرضة. وقد نالت عمارة "هوهو" الخشبية موافقة بلدية مدينة فيينا بعد أن استعرض المهندسون تصاميم مقنعة حول سبل وقايتها من الحريق، ومن العوامل الطبيعية، وصار من المؤمل أن يبدأ البناء في مطلع العام 2016.&تحدٍ بيئي&ترتفع البناية 84 مترًا عن الأرض وتتألف من 24 طابقًا، وتتفوق بالتالي على مبنى خشبي مماثل في السويد لا يزيد ارتفاعه عن 49 مترًا، ويحمل الرقم القياسي العالمي بين العمارات الخشبية. يقول المقاول النمساوي غونتر كيربلر إن عمارة "هوهو" لا تناطح برج دبي، لكنها ستبنى من الخشب فقط، وأنه يفرح دائمًا بدعم المشاريع البيئية.&واعتبر كيربلر بناء "هوهو" تحديًا بيئيًا ومعماريًا جديدًا لأنه لايعرف في العالم عن مبنى خشبي يرتفع عن أكثر من 14 طابقًا، وتنتشر في العالم ملايين البيوت الخشبية، لكنها مخصصة لعائلة واحدة أو عائلتين.&ويعترف المقاول بأن البناء من الطابوق ومكعبات الكونكريت أسهل من البناء بالخشب، كما أنه أكثر ثباتًا وعمرًا، لكن البيت الخشبي ينسجم مع التوجهات البيئية العالمية.&ومن المتوقع أن يستمر البناء لسنتين، وأن تجري الفحوصات المطلوبة، مثل المناعة على النيران، وعدم خروج روائح معينة من الخشب، بعد كل مرحلة من البناء. والمهم أن المهندسين سيحاولون تمامًا تجنب المواد اللاصقة، ومواد الحفظ من الاشتعال، وغيرها من المواد الصناعية التي تحذر السلطات البيئية من استخدامها.&بناء هجين&تقول كارولين بالفي، المهندسة المسؤولة عن المشروع، إن كلمة "هو هو" تعبر عن "هوخ هاوس" التي تعني "المبنى المرتفع" باللغة الألمانية. ووصفت بالفي مبنى هوهو بالهجين، تيمنًا بالتعبير المستخدم في عالم صناعة السيارات لوصف السيارات الهجينة التي تستخدم محركين، أحدهما كهربائي والآخر وقودي.&وتعني بالهجين عدم وجود مفر من استخدام الكونكريت لبناء المصاعد الضخمة في المبنى الخشبي، وهو ما يؤلف نحو 10% من مواد البناء. وستكون هذه الأعمدة المربعة (المصاعد) أساسات اضافية تمنح المبنى الثبات اللازم. أما بقية أجزاء المبنى، التي تمتد بين السقوف والأرضيات والجدران والأعمدة الداخلية فستكون من الخشب الحقيقي.&وسيستخدم المهندسون ألواحًا خشبية عريضة لبناء السقوف والأرضيات، وهي ألواح لا علاقة لها بالخشب المضغوط، وإنما عبارة عن شرائح عريضة ملصقة ببعضها بواسطة مادة غراء طبيعية. أما الأعمدة الداخلية في الأساسات والطابق الأرضي فعبارة عن مكعبات من الخشب الحقيقي الملصقة ببعضها، ومن أبعاد 96 X36 سنتمتر. وهناك أعمدة رئيسية من هذا الحجم في الوسط تنتشر نحو الأعلى ويقل سمكها كلما ارتفع البناء إلى الأعلى، وهذا يعني أن الهيكل الخشبي الداخلي للمبنى سيتفرع مثل شجرة حقيقية، بحسب تعبير المهندسة، ليؤلف الهيكل الذي يتحمل أكثر من 80 طابقًا.
يصمد 105 دقائق أمام النيران&لا تصمد الجدران الكونكريتية أمام الحرائق الكبيرة بسبب جزيئات الماء داخلها، والتي تتحول إلى بخار ماء يتخلل المسامات بين الكونكريت بتأثير الحرارة، وتؤدي من ثم إلى تفتت الجدران. في حين ستستخدم كارولين بالفي وزملاؤها خشبًا تمت معاملته بالمواد الطبيعية ويصمد أمام الحرائق الكبيرة. وثبت مختبريًا أن هذا الخشب لا يحترق إلا بعد تعرضه إلى نيران قوية لفترة 105 دقائق. هذا يعني أن اكتشاف النيران قبل مضي هذه الفترة، وهو شيء طبيعي في ظل تقنيات الانذار الحديثة من الحرائق، يضمن عدم احتراق المبنى أو جزء منه.&إن صناعة السقوف والأرضيات من الخشب الصلب تعني عدم وجود فراغات هوائية (أوكسجين) بينها تعين على تأجيج الاحتراق، وهذا عامل أمني اضافي ضد الحرائق. لكن هذا بالطبع لا يلغي مسؤولية سكان البناية عن اتخاذ الحذر اللازم، والاجراءات اللازمة، لتجنب حصول الحرائق.&كلفة منخفضة&تحدثت بالفي عن مستقبل كبير لقطاع بناء البنايات الخشبية في النمسا، وهناك اهتمامات من السكك الحديدية ورياض الأطفال، وسكان البيوت بهذه التقنية، ويعود ذلك إلى سهولة البناء وزمنه القصير وانخفاض الكلفة.&وتتوقع المهندسة أن يتطور قطاع بناء البيوت الخشبية ليشغِّل 20 ألف انسان خلال سنوات، وان ينمو عدد البنايات الخشبية في النمسا إلى 10 آلاف وحدة سكنية يسكنها أكثر من 20 ألف إنسان.&وتقدر كلفة بناء "هوهو" بنحو 60 مليون يورو، ويمكن لهذا البناء أن يقلل انبعاث ثاني أوكسيد الكربون، مقارنة ببناء تقليدي من حجم مماثل، بنحو 2800 طن. هذا بالإضافة إلى التخلي عن أطنان هائلة من السمنت والحديد والمواد الاصطناعية التي تدخل في البناء.&&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف