العيد الحقيقي هو سقوط الأسد
عيد تاسع للسوريين بين الكهوف والمقابر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تستمر المأساة السورية في عامها الخامس، ويمر عيد تاسع على السوريين وهم يعانون الأمرين جراء القصف والتدمير والقتل، فشلال الدم مستمر، والنزيف البشري لا يتوقف، والعيد الحقيقي يوم يسقط النظام.
علي الابراهيم من إدلب: جمع محدثي ركبتيه إلى بعضهما، واسترسل في حديثه عن ابنه الوحيد الذي قتل منذ شهور ببرميل متفجر، ألقته مروحية تابعة للنظام السوري على منطقة جبل الزاوية بريف ادلب شمالي سوريا، فيما كانت علامات الغضب بادية على وجهه رغم التكبيرات التي كانت تصدح بها البلدة، معلنة اول ايام عيد الفطر في سوريا.
لا يختلف عيد الفطر في ادلب عنه في معظم المناطق السورية المحررة، حيث حَرمت ذكريات القتل والاصابة والاعتقال والتعذيب الأهالي من فرحة العيد، بينما تقصف قوات النظام المدن والقرى، وترتكب المجازر في كل مكان. ويمكن القول إن عنوان هذا العيد هو ذكريات الأمهات الثكالى والأطفال اليتامى الذين فقدوا أحباءهم، واوضاع انسانية صعبة يعيشها الأهالي بسبب إنقطاع الماء والكهرباء.
في الكهوف والمقابر
أم محمد سيدة خمسينية أبت إلا أن تذهب إلى المقبرة حيث دفن ابنها محمد، الذي فقدته في المعارك الاخيرة التي شهدتها مناطق ريف ادلب، تزوره وتقرأ الفاتحة على روحه. تروي هذه السيدة لـ"إيلاف" قائلةً: "هو الأغلى عندي بين اولادي، كيف يمّر العيد من دون أن أزوره، وأطمئن عليه". وتدمدم بكلمات بالكاد نسمعها: "قتل محمد من اجل أن نعيش". ويستدرك اﻷخ اﻷكبر لمحمد ويخبرنا أن معارك طاحنة دارت بين النظام والمعارضة بريف ادلب الغربي قرب جسر الشغور، سقط فيها الكثير من القتلى، كان محمد بينهم.
وفي زاوية أخرى بنفس المقبرة، يقف بلال ذو العقد السادس من عمره مع عائلته، لالتقاط صورة تذكارية عند مقبرة خُصصت لقتلى الجيش الحر وفصائل المعارضة. هذا الرجل الذي عمل مدرسًا لاكثر من عشرين سنة لا يجد مكانًا يتوجه إليه صباح عيد الفطر سوى المقبرة. يقول لـ"إيلاف": "في هذا المكان يرقد أبني وثلاثة من أبناء أعمامي، أبني الكبير استشهد خلال إقتحام جيش اﻷسد لبلدتنا، نعم كان يحمل بندقية لكي يدافع عنا ويحرر ما إغتصبه جيش اﻷسد بالحديد والنار، أما أبناء أعمامي فاستشهدوا إثر القصف الذي استهدف البلدة ببرميل متفجر ألقته طائرات الأسد ليصبح المنزل ركامًا ويصبحوا شهداء، وكل الاعياد منذ أن استشهد ولدي واقاربي نقضيها هنا بينهم".
ولا يُظهر الحاج أبو سليم أي حزن أو ألم خلال زيارته لقبور أبنائه الثلاثة الذين قتلوا في معارك مع قوات النظام. يلتفت الكهل إلينا فور إنتهائه من قراءة الفاتحة ليخبرنا: "أبنائي شهداء في سبيل الله والإسلام ونصرة لهذا الشعب المظلوم، وعندي شاب رابع هو من بقي لدي، منذ ايام عاد من جبهات القتال". يكفكف دموعه ويتابع: "لا يجب أن نحزن على الشهداء ولا نبكيهم بل نفتخر بشهادتهم ونعتز بها، فهم مشاعل نور على درب الحرية التي طال إنتظارها".
عيدنا سقوط الأسد
غير بعيد عن بلدة البارة بجبل الزاوية، التي استقبلت العيد بزيارة المقابر، جلس الحاج حسن (56 عامًا) مع أسرته بين كهوف رومانية ومعابد وقلاع بيزنظية، يستقبل العيد بحزن وآلم تجليا بوضوح في معالم وجهه،بينما يلعب الأطفال حوله. يروي الرجل لـ"إيلاف" بحسرة كيف اضطروا إلى مغادرة منازلهم بسبب الحرب التي تفتك بهم، ولم يعد لهم من ملجأ سوى القفار والبراري. يقول: "ما يزال النظام يقصفنا في كل لحظة... دمر منزلنا بالكامل، لم يعد العيش فيه ممكنًا، هذا العيد التاسع الذي نستقبله في هذا المكان حيث اصبح جزء منا، وسيكون عيدنا بسقوط اﻷسد".
بالقرب من عائلة الحسن طفلة لم تكمل سنواتها العشر، تقفز مع اقرانها فرحًا بالعيد، بين حجارة تعود للعصر الروماني، كانت مقصدًا للسياح من كل أصقاع الارض، لكنها اليوم اصبحت مأوى لعشرات العائلات التي فرت من ويلات النزاع الدائر في سوريا منذ ما يزيد عن اربع سنوات.
نتابع تجولنا في المكان، فتطل علينا فتاة عشرينية تنشر الغسيل على بقايا حبل علق بين الاشجار. ترفض الحديث وتصرخ: "إلى متى سنبقى على هذه الحال، أيعجبكم ما نحن فيه، لا نريد الحديث مع احد". يستدرك احد الموجودين ويخبرنا أن هذه الفتاة فقدت زوجها منذ سنتين، هي الآن تعيش مع طفلها الوحيد هنا. يشير بيده إلى كهف تحت الارض غطى الغبار كل ملامحه.&
بالقرب من تلك الكهوف مجموعة اخرى لم يمنعها الحزن وغياب العيد من الفرح، لكنهم إشتاقوا لمنازلهم المدمرة، بينهم محمد اليافع في الخامس عشرة من عمره. يقول لـ"إيلاف" فيما ينفض الغبار عن ثيابه: "لم نعد نشعر بطعم العيد، نريد العودة لبيتنا، اشتقنا لرفاقنا الذين قتلوا والذين ما زالوا على قيد الحياة، وسنعود لمنازلنا، وسأحمل البندقية لتحرير البلاد من قوات الاسد".
حرب وألعاب أطفال
نسير بإتجاه البلدات المدمرة لزيارة من بقي هناك ورصد حالهم مع قدوم العيد، نقف على اطلال بلدات دمرت بالكامل حيث لا جديد يختلف عن سابقه. تبدو ملامح العيد مقتصرة على الصغار فقط، حيث تنعكس ظروف الحرب وويلاتها وتفاصيلها على العابهم من خلال حمل مجسمات لاسلحة ومحاولة شن معارك وهمية باسلحة خشبية، ترسم مستقبل غامض لاطفال في عمر الزهور.
يقف احدهم على انقاض منزله المدمر ليخبرنا بأن سنواته العشرة التي قضاها في بناء بيته ذهبت بلمح البصر، بعد قصف منزله بصاروخ تحول بعدها لأثر بعد عين. يختم قائلًا: "كيف يكون العيد بدون بيت واهل، لا عيد لنا سوى حريتنا واعادة اعمار ما هدمته عصابات الآسد".
كنا لاحظنا أن غالبية مآذن هذه البلدات المدمرة، صمتت عن تكبيرات العيد، وغابت معالم البهجة بقدومه. وهي بلدات خاوية على عروشها، غابت ملامح الحياة عنها رغم وجود بعض الاهالي، الذين فضلوا البقاء على أطلال منازلهم المدمرة.
قلة من الآطفال حاولوا رسم ضحكات في العيد، لكن يبدو أن تفكيرهم تغير واصبحت الاسلحة هي كل ما يريدون تقليده وصنعه في هذه المناطق في اول ايام عيد الفطر، اضافة لمن قضوا يومهم في المقابر، بينما ينتظر آخرون إنتهاء القصف والتدمير.
التعليقات
الفضل يعود لكم
عراقي متشرد -الفضل يعود للخليجيين في مأساة السوريين والعراقيين واليمنيين.لو كانت لديهم ذرة من رحمة أو إسلام لاستقبلوهم في بلدانهم.ستدور الدوائر على الباغين وغد لناظره قريب.
الدين والجهل والأستبداد
ملحد -نعم إنها حياة الجحيم التي وعد الإسلام بها للكفرة فإذا بعبيد الله يعيشون ما يتمنونه للكفرة