أخبار

من الكويت إلى اليمن

أغسطس يجدد ذكرى رحيل الملك فهد ودعم الشرعية

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تأتي على الخليجيين ذكرى شهر آب (أغسطس) الحافل بالعديد من الأحداث والمنعطفات التاريخية، التي شكلت ملامح جديدة للمنطقة بأسرها، حيث يتصدر تلك الأحداث الغزو العراقي للكويت في 2 آب (أغسطس) عام 1990، وما تلاه من تأثيرات حرب الخليج الثانية، كما تبرز وبقوة الذكرى العاشرة لرحيل الملك فهد بن عبد العزيز، الملك الذي يحفظ له الكويتيون والخليجيون جميله ومواقفه الرافضة للغزو العراقي، فضلًا عن دوره البارز في دحر العدوان، وتأييده الشرعية والحق الكويتي في استعادة الأرض ونيل التحرير.

زايد السريع: من العام 1990 إلى العام 2015 والتاريخ يكرر نفسه، حيث تقف السعودية كعادتها ونهجها، إلى جانب أشقائها في جميع الدول العربية والإسلامية، ففي اليمن كانت عمليات "عاصفة الحزم"، ومن ثم عملية "إعادة الأمل"، وما تلاها من عمليات "السهم الذهبي"، ليبقى القاسم المشترك في كل هذه العمليات، هو دعم الشرعية اليمنية في استعادة الأرض والسلطة، وعلى هذا المنوال ظلت السعودية تسارع في تقديم الدعم الكامل إلى الجميع، ولم تتأخر أو تتوانَ يومًا عن أي دعم لأي دولة شقيقة تتعرّض لأزمة سياسية أو اقتصادية أو إنسانية، وهو جزء من دور المملكة وسياستها ونهجها في مساندة الشعوب.

عقد على الرحيل
يصادف آب (أغسطس) الجاري، مرور عقد كامل على رحيل الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، خامس ملوك المملكة العربية السعودية، وأولهم اتخاذًا للقب خادم الحرمين الشريفين، حيث يستذكر السعوديون فترة حكمه، التي امتدت عشرين عامًا، بالعديد من التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية ، فضلًا عن أحداث المنطقة الملتهبة والمفصلية.

قبل يوم واحد من حلول الذكرى الثالثة عشرة لاحتلال الكويت، وتحديدًا في الأول من آب (أغسطس) عام 2004 فارق الملك فهد بن عبد العزيز الحياة، عن عمر يناهز الـ 81، عشرون عامًا منها قضاها ملكًا، وثلاثون عامًا قبل ذلك، قضاها في وزارات المعارف والداخلية وولاية العهد، وبوفاته أسدل الستار على مسيرة حياتية مثلت العصر الذهبي للسعودية، وشهدت مراحل غنية بالأحداث والتطورات اعتبرت أخطر الفترات وأدقها في تاريخ تأسيس السعودية.

أول مناصب الملك فهد السيادية، تمثلت في تعيينه وزيرًا للمعارف "وزارة التعليم حاليًا"، حيث حرص خلال فترة توليه هذه الوزارة التي امتدت خمس سنوات على تطوير التعليم التطبيقي والدعوة إلى انخراط البنات في المدارس، واستطاع الملك فهد المحافظة على التوازن الصعب بين اتجاهات الإصلاح التعليمي وأخرى تفرضها سطوة المجتمع المحافظ، خصوصًا أن فترة حكم الملك فهد شهدت أكثر التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السعودية.

انتقل الملك فهد بعدها إلى إدارة دفة وزارة الداخلية ـ حيث أمضى فيها 13 عامًا - بدأت عام 1962، وكان أول من أنشأ قوات الأمن الخاصة، لتنضم إلى الكيانات الأمنية والعسكرية في الدولة، كالقوات المسلحة والحرس الوطني، كما برز الملك فهد خلال سنوات قيادته للوزارة كشخصية رئيسة في المملكة، التي مثلها مرات عديدة في المحافل الدولية.&

واستمر هذا النهج خلال فترة ولايته للعهد خلال حكم أخيه الراحل خالد من 1975 إلى 1982، حيث كان الملك فهد، أحد مهندسي التحول الهائل للسعودية، من مملكة صحراوية إلى دولة معاصرة صناعيًا وتجاريًا، وقام بتسخير عوائد النفط لاستكمال بناء الدولة العصرية بكل فروعها لأجل دوامها واستقرارها.

وفي حزيران (يونيو) 1982 تمت مبايعة الأمير فهد بن عبد العزيز ملكًا، وشهدت فترة حكمه تطورات سياسية وإدارية عديدة، من أبرزها صدور النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق، كما يعتبر الملك فهد رائد التحديث الاقتصادي والعمراني في السعودية، فقد شهد عهده تنفيذ خمس خطط تنموية، كما عرفت السعودية في عهده تغييرات في البنية الاقتصادية وتنويعًا للقاعدة الإنتاجية، كما تطورت الصناعة والزراعة وتنمية الثروات المعدنية والاستثمار، واتسع نطاق سعودة وظائف القطاع الخاص بهدف تقليص الاعتماد على الخبرات الأجنبية، وتمت إعادة هيكلة بعض الأجهزة الحكومية بغية تحسين نوعية الخدمات العامة.

وفي فترة حكمه، عمل الملك فهد على تدعيم الإطار العربي والإقليمي والدولي للسعودية، ووضع للمملكة مكانة أساسية في صلب نظام اقتصادي وسياسي ودبلوماسي بالغ الأهمية في المنطقة، ففي الوقت الذي انتهج فيه الملك فهد سياسة متزنة بعيدة عن التدخل في شؤون الآخرين، ما أكسبها مكانة رائدة بين دول العالم، حققت السعودية مواقف إيجابية في التعامل مع قضايا التعاون العربي والإقليمي والدولي، وكان لها دور بارز في المنابر الإقليمية والدولية، فضلًا عن الدعم المستمر للقضايا العربية والإسلامية وإسهاماتها الكبيرة& في تلبية الحاجات الإنسانية عامة في دول العالم كافة.

وفي أيلول (سبتمبر) 1988 بدأ الملك فهد مشروع& توسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، حيث كانت مشاريع التوسعة سنة حسنة اقتفى أثرها جميع ملوك السعودية الذين جاؤوا من بعده، كما أنشأ الملك فهد مؤسسة تعنى بطباعة المصحف الشريف وتدقيقه وتوزيعه على المسلمين في جميع أنحاء العالم، حيث تنتج هذه المؤسسة 5 ملايين نسخة من المصحف الشريف سنويًا، كما تنتج 40 ألف نسخة من القرآن الكريم مسجلة على الأشرطة المسموعة.

تحرير الكويت
عهد الراحل الملك فهد، كان حافلًا بالأحداث والتطورات الملتهبة، ابتداء بالحرب العراقية - الإيرانية، وما تبعها من أحداث تأثرت بها السعودية، مرورًا بأزمة احتلال العراق لدولة الكويت في عام 1990، وتهديد العراق بغزو الأراضي السعودية، وكذلك أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 في الولايات المتحدة وما تبعها من تأثيرات، واستطاع الملك فهد بحنكته ورؤيته، تجنيب بلاده العديد من المصاعب الداخلية والخارجية، وكان أحد أعمدة صناعة السلام والمنادين بالحوار بين الجميع.

وفي فاجعة احتلال الكويت، ستظل الأجيال تتذكر موقف الملك فهد بن عبد العزيز، وأسلوب إدارته تلك الأزمة، باعتبارها أحد أبرز المواقف المفصلية في حلحلة الأزمة، حيث سارع الملك فهد ومنذ تلويح الحكومة العراقية بالتهديدات والتلميحات ضد دولة الكويت إلى احتواء الموقف وتهدئته على أمل أن تحل القضية بالطرق الودية انسجامًا مع ثوابت السياسة السعودية في الحرص على وحدة الصف العربي وتسوية الخلافات بين دوله بالوسائل السلمية.

وقاد الملك فهد حينها سلسلة من الاتصالات والمشاورات والتحركات الدبلوماسية لاحتواء الموقف وتهدئته، وأثمرت تلك الجهود في انعقاد اجتماع جدة في تشرين الأول (أكتوبر) 1990 الذي جمع بين طرفي النزاع قبيل الغزو العراقي، وانحصر الدور السعودي في الاجتماع على تهيئة الأجواء بين الجانبين من دون مشاركة من المباحثات التي تمت بينهما خلال الاجتماعات الثنائية المغلقة، والتي اقتصرت على طرفي النزاع، وعندما وقعت الأزمة، وقررت بغداد احتلال دولة الكويت، كان الملك فهد حاسمًا وحازمًا حينما أعلن بكل جرأة طلب مساعدة القوات العربية والإسلامية والدولية.

لم يفقد الملك فهد الأمل في حل عربي - عربي، حيث قام قبل انطلاق عمليات حرب تحرير الكويت، بإجراء سلسلة من الاتصالات الواسعة مع مختلف الأطراف العربية أملاً في إيجاد حل عربي للقضية ينأى بها عن أي تدخل أجنبي، ويتيح المجال للتوصل إلى حل ينهي المشكلة والآثار المترتبة عليها، إلا أن الإيقاع السريع للأحداث كشف أن نوايا نظام بغداد تتجاوز دولة الكويت لتهديد السعودية واحتلالها من خلال حشد الجيوش على حدودها، وفي التاسع من آب (أغسطس) 1990 أعلن الملك فهد قراره التاريخي الحازم والحاسم بالاستعانة بقوات شقيقة وصديقة لمساندة القوات المسلحة السعودية في أداء واجبها الدفاعي عن السعودية ضد أي اعتداء.

وعلى الرغم من الانقسام الذي ساد العالم العربي من التدخل الأجنبي، يُحسب للملك فهد أنه ظل متمسكًا وصامدًا في قراره وسط هذه الأعاصير، وتصرف كرجل دولة ليضع بلاده ومنطقة الخليج في الجانب الآمن، من خلال اتخاذ قرار استراتيجي وحاسم في ما يتعلق بالإعلان عن انضمام السعودية طرفاً في قوات التحالف الدولي التي تشكلت لتحرير الكويت وحماية السعودية من الخطر الذي يهددها، ولم يكن معلومًا ما كان سيحدث للمنطقة في حال لو استسلم الملك فهد لابتزاز صدام حسين وقتها وترك الكويت لمصيرها، حيث كان الملك فهد خلافًا لذلك صاحب الموقف الصلب والدور البارز في دعم حرب التحرير وتأييد الحق الكويتي في استعادة الأرض ونيل الحرية التي تحققت في شباط/فبراير 1992، وخرجت بموجبه المنطقة بأسرها من أزمة كادت تعصف بوجودها وكيانها.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
غزو الكويت
سيف النعيمي -

نوادر رجال راحوا الله يرحمهم وجميع موتانا وموتى المسلمين