قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تعيش بعض الحيوانات فترة سبات طويلة تمتد لأشهر، لكنها تبقى مع ذلك متخلفة في هذا المجال أمام الإنسان، الذي ترى دراسة جديدة انه "سيد النوم".&
ماجد الخطيب: ينام الإنسان أعمق وأشد من بقية اللبائن التي تعيش على الأرض، وهذا هو سر تفوقه عليها من ناحية النشوء والتطور، بحسب "فرضية شدة النوم"، التي استعرضها العلماء الاميركان في مجلة "التطور وعلم الأجناس".&وكتب العالمان ديفيد سامسون وتشارلس نون، من جامعة ديوك الأميركية، ان الإنسان أفضل نوّام بين الكائنات التي تعيش على الكرة الأرضية. وهذا سر تفوقه على بقية الكائنات، وعلى اللبائن خصوصاً، لأنه ينام أقصر منها ولكن بشكل أعمق وأكثر فعالية. ويقول سامسون ونون في نظرية "شدة النوم" ان الإنسان بحاجة إلى7 ساعات نوم كي يجدد قواه العقلية والجسدية في حين يحتاج القرد إلى13-17 ساعة كي يستعيد هذه القوى.&ان ساعات النوم القصيرة، بالمقارنة مع ساعات اليوم الـ24، تتيح للإنسان الكثير من الوقت كي يراكم الخبرات والمعارف والعمل. وعلى هذا الأساس ربما يكون النوم العامل الحاسم في نشوء وتطور الإنسان وتفوقه على بقية اللبائن. وأتاح النوم العميق الفعال، وفترة اليقظة الطويلة، للإنسان النزول من على الأشجار والانهماك بفعالية في بناء بيته على الأرض.&
نوم عميق&&قارن العالمان شدة نوم مختلف الحيوانات مع فترات نوم البشر وتوصلا إلى نتائج تعزز استنتاجاتهما. إذ يحتاج نوع معين من القرود إلى 14-17 ساعة كي يستعيد قواه بينما يفعل الإنسان ذلك في سبع ساعات. وكانت فترات النوم العميق، التي تبعث الراحة في المخلوقات، لاتزيد عن 5% من مجموع نوم القرد، في حين أنها كانت تشكل نسبة 25% من نوم الإنسان كمعدل.&وأخذ العالمان في الحسبان فرق الحجم في جسم الإنسان عن معظم بقية اللبائن وخصوصاً القرود (عدا عن الغوريلا وبعض أنواع القرود الكبيرة)، لأن الإنسان يحتاج إلى ساعات نوم أقل رغم ان جسمه أكبر.&وهنا لعب النزول من الأشجار إلى الأرض دوره أيضاً في تحسن فعالية نوم البشر. إذ كان القرد ينام على الأشجار خوفاً من بقية الحيوانات المفترسة، في حين تحول الإنسان الأول إلى الأرض وإلى الكهوف واستخدم النار في حماية نفسه من الوحوش، وهذا حسن نومه أكثر مقارنة ببقية الحيوانات.&
الحضارة لم تؤثر كثيراً&وكي يتأكد سامسون ونون من عدم تأثر نوم البشر بالعوامل الحضارية الكثيرة والمختلفة لجأوا إلى دراسة طرق نوم الإنسان في المجتمع الصناعي وطريقة نوم إنسان من قوم ال"هازدا" في تنزانيا، حيث يعيش البشر هناك دون كهرباء. وكان النوم لا يختلف من ناحية العمق والشدة، وكانت فترات النوم العميقة عند الاثنين تتراوح حول معدل 25% من مجموع النوم.&وتوقع العالمان أن تثير النظرية النقاش بين الباحثين في النوم حول فترة النوم المثالية التي تتلاءم مع عمر الإنسان، وكذلك حوال قيلولة الظهيرة وأهميتها بالنسبة لنشاط البشر، وباتجاه مراجعة "المسلمات" المعتمدة منذ فترة طويلة.&هذا يتطلب أيضاً إعادة النظر في مقولة"ان النوّامين تنابلة"، لأن العلم يثبت، بحسب رأي العالمين، ان الإنسان ينام بما يحكم به جسده، وبما يكفل له استعادة قواه. واستشهدا بمقولة للباحث الأميركي في شؤون النوم الان ريشتشافن الذي قال قبل 45 عاماً: أذا لم تكن للنوم وظيفة حيوية حاسمة لكان هذا أكبر خطأ أرتكبه النشوء والتطور.&
النوم ومستقبل الإنسان&المهم هنا أيضاً تصور مستقبل البشر في ضوء "فرضية شدة النوم"، لأن البشر ينامون أقل منذ دخول المرحلة الصناعية، ومن ثم سيادة عصر الإلكترونيات وفترات العمل الطويلة. وهذا يعني انه يقع على البشر مواصلة نومهم الفعال القصير كي يحافظوا على سيادتهم للكون الأرضي.&فمثلًا، حسب إحصائيات وزارة الصحة الألمانية، يعاني 4 ملايين ألماني من اضطراب النوم، وهو ما يعرضهم إلى مخاطر صحية جمة لأن العديد من الوظائف الحيوية، وخصوصاً الدماغية، تجري أثناء النوم. يعمل الدماغ أثناء النوم كما يعمل أثناء النهار، بل أنه يزداد نشاطاً عند مراودة الأحلام للإنسان، ناهيك عن أنه يصنف ويؤرشف كافة خبرات اليوم أثناء النوم في المساء.&وأطلقت شركة التأمين الصحية التقنية TKK نواقيس الحذر في ألمانيا قبل أيام عندما كشفت عن دراسة جديدة تشي بأن عدد المعانين من اضطراب النوم تضاعف خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وطبيعي فأن مثل هذه الزيادة ستزيد حالة "الأرق" لدى شركة التأمين التي تغطي تكاليف معالجة المعانين من اضطراب النوم. علما أن TKK اعتمدت في دراستها على سجلات المستشفيات والأطباء وأسباب زيارات الزبائن للأطباء وأنواع العقاقير التي يتعاطونها.&البروفيسور يورجن زولي، من مركز أبحاث النوم في جامعة ريغنزبورغ، والمستشار في TKK، قال أن الدراسة تثبت وجود علاقة واضحة بين النوم وطول الحياة. وهذا ما تكشفه سجلات المعانين من اضطراب النوم بالمقارنة مع غير المعانين من الأرق. فاستمرارية النوم في الليل تعني استمرارية حياة الفرد حتى نهايتها الطبيعية.&وبالتعاون من اتحاد شركات التأمين الصحي الألمانية أجرى زولي استطلاعا للرأي بين ملايين الألمان المؤمنين صحياً تظهر بأن الألماني الاعتيادي ينام في الساعة 23,04 مساء كمعدل، ويحتاج إلى 15 دقيقة كي يغرق في النوم، ويستيقظ في الساعة 6,18 كمعدل. وهذا يعني أنه ينام يوميا 6,59 دقيقة وهو ما ينطبق مع رأي العلماء حول طول فترة النوم الضرورية لصحة الإنسان (7 ساعات). أما بقية المضطربين في النوم فينامون أقل من 6 ساعات يومياً، أو أكثر من 10 ساعات يومياً، ويعرضون أنفسهم إلى مخاطر صحية كثيرة قد تبكر في حصول الوفاة.&تانيا لانج، من جامعة لوبيك، التي شاركت في دراسةTKK ، وصفت النوم بانه "لغز" لم يحله العلم بعد. ويعرف العلماء أن النوم مهم لحياة الإنسان، لكن لا أحد يعرف لماذا يحتاج هذا الإنسان (أو هذا الحيوان) إلى 5 ساعات نوم فقط في حين يحتاج الآخر إلى 10 ساعات. وربما تكشف نظرية "شدة النوم" الآن سبب اختلاف حاجة البشر والحيوانات إلى ساعات نوم مختلفة.&جدير بالذكر ان الفيلسوف المعروف ارثر شوبنهايمر قال مرة إن "قلة النوم مثل ساعة تقدِّم في الزمن" ولخص بالتالي كامل علاقة اضطراب النوم بالموت المبكر للإنسان.&
&