أخبار

الوجهات المعروفة قد تُخيّب الآمال

محاسن السفر إلى الأماكن المملة!

بعض الأماكن يشعرك بمتعة أكبر
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
دائمًا ما يفكر الناس بالسفر إلى أماكن معروفة بهدف الخروج من واقعهم الرتيب نحو تجربة تُضفي إلى حياتهم نكهة جديدة، لكن بعض التجارب المختلفة قد تساهم بشكل أكبر في تبديد هذه الأمور، وفي الحصول على متعة أكبر، لا سيما عند التعرف إلى أماكن تبدو وكأنها تضّج بالملل.
إعداد عبد الإله مجيد: من قواعد السفر غير المنطوقة ان عليك ان تتجنب الوجهات المملة، فمن يتكبد عناء السفر، من الجلوس محشورا في المقعد الوسطي للطائرة الى اضطراب الرحلات الجوية الطويلة، يستحق ان يحط الرحال في مكان لطيف يستحق هذا العناء. &&ولكن هذا ليس بالضرورة، كما يقول البعض، فما هو لطيف ومثير امر نسبي يعتمد في الغالب على عين المسافر، وقد يكون الممل لطيفًا، ويقول الكاتب الاميركي اريك فاينر، الذي يعشق السفر وله مؤلفات فيه، ان بعض الأماكن "المملة" ترك عند بعضنا أحب الذكريات اليه، ومن هذه الأماكن جنيف في سويسرا وبوبال في الهند وازمير في تركيا وكليفلاند في ولاية اوهايو الاميركية، على سبيل المثال. &&فرصة للتحرر&وعلى عكس الاعتقاد الشائع بأن السفر يهدف الى الهروب من الملل، فإن السفر يعني مواجهة الملل والخروج من المواجهة بطاقة متجددة وليس مثخنًا بالجراح، فنحن نعيش في عصر لا يصبر فيه المرء طويلا على الرتابة، ونمضي الوقت في كتابة الرسائل النصية والتغريدات مطمئنين الى اننا لن نعيش في حالة من الممل، وإن كان هذا الملل جزءا من الوضع البشري.&&السفر يتيح فرصة للتحرر من التغريد والرسائل النصية وفك الارتباط بأدواتها لبعض الوقت، وافضل طريقة للقيام بذلك هي زيارة اماكن ليست مثيرة للاهتمام، لأن مثل هذه الوجهات خالية من اسباب الاستحواذ على اهتمامها، بل وتحررها حتى من جمال المكان الذي يشد الانظار.&&وبحسب الكاتب فاينر فان الأماكن المملة مثل قاعة اللياقة البدنية التي نرتادها لسبب لا يمت بصلة الى تحقيق الشعور بالرضا مباشرة، ففي جنيف مثلا ليس هناك قوس النصر الذي تتباهى به باريس أو ساحة الطرف الأغر التي تفخر بها لندن، لكن الحديث مع السويسريين يمكن ان يسفر بعد قدر من الدفع والتشجيع عن تعليقات ذكية حول كل شيء من الموسيقى المحلية الى سياسة سويسرا المثيرة للجدل بشأن القتل الرحيم، ولاحظ الكاتب فاينر ان السويسريين ليسوا مملين بقدر ما هم قليلو الكلام، مشيرًا إلى انه امضى في مدينة جنيف المملة امسية لطيفة لأنه كان هو صاحب المبادرة وهذا ما جعلها لطيفة.&&ويمكن الاعتراض على زيارة الأماكن السياحية الجميلة بالقول انها دائما مزدحمة وتعج بالزوار الذين يبحثون عن المتحف نفسه الذي تبحث عنه، وعلى النقيض من ذلك تكون الأماكن المملة أقل ازدحاما، وبالتالي أكثر انفتاحا على الزائر.&&خيبة أمل&وعلى سبيل المثال، هناك جزيرة &لومبوك التي تبعد بضعة كيلومترات عن منتجع بالي المكتظ في اندونيسيا، فهي تفتقد الى معالم بالي السياحية وشواهدها الثقافية ولكنها تعوض عن ذلك بأصالتها المتميزة، ومن يزور جزيرة لومبوك يشعر بأنه في رحلة استكشافية، وهو شعور لا تمنحه بالي، ومن يتخلى عن الجمال الرائع يُكافأ بمتعة الاعتيادي الهادئة.&&من المآخذ الأخرى على الأماكن الجميلة الآمال التي تُعقد على زيارتها، وعلى سبيل المثال يقال لنا المرة تلو الأخرى ان باريس مدينة رومانسية وإذا أثبتت انها أي شيء آخر اقل من هذه الرومانسية فاننا نشعر بخيبة أمل، ولكن في الاماكن المملة لا تكون لدينا توقعات كبيرة كما نتوقع من باريس، فمدينة ديجون الفرنسية مثلا لا تضاهي باريس بمتاحفها ومعارضها ومعالمها، لكنها تضع نفسها في متناول الزائر بلا صخب ولا زحمة، ومن هنا يمكن تقدير عاديتها والتمتع بها. &&ويقول الكاتب فاينر انه عاش التجربة نفسها في مدينة كليفلاند الاميركية التي يمكن الاستمتاع بما فيها دون يافطات كبيرة كتلك المدن السياحية المشهورة، لأنه زارها دون ان ينبي آمالا كبيرة على ما سيراه هناك، فمن دون توقعات يكون المسافر منفتحًا على ما يأتيه. &&&وكان الفلاسفة نوهوا على مر العصور بفوائد الملل، وكتب الفيلسوف البريطاني برتراند راسل "ان قدرا معينا من الملل ضروري لعيش حياة سعيدة"، واتفق معه مواطنه الكاتب الدوس هكسلي، الذي كان كثير السفر قائلا "ان المسافر الحقيقي يجد الملل مقبولا بعض الشيء". &&والأكثر من ذلك ان الأماكن المملة تشحذ مهارات السفر لدينا بدفعنا الى اكتشاف الجمال والمعنى والاثارة في الأشياء العادية، وهي تغير ذاكرتنا وميلنا الطبيعي الى الاعتياد على اي شيء، وفي مجرى العملية تجعلنا أقوى وأفضل، وهذا ما نسافر من أجله، وبحسب الكاتب فاينر "ليست هناك اماكن مملة، بل مسافرون مملون فقط". &

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف