أخبار

أميركا محرجة إزاء التعنت الروسي في دعم الأسد

سوريا: روسيا تفرض شروطها وواشنطن عاجزة

الرئيس الروسي ونظيره الأميركي
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

كل المؤشرات تدل على رغبة روسية صارخة بفرض شروطها على الجميع في ما يتعلق بالأزمة السورية، فهي لا تبدي أي مرونة أو تنازلات، بل تساهم بشكل فاعل في تسعير التشنج السياسي والعسكري.

إيلاف من لندن: تبدو الادارة الأميركية في وضع محرج ازاء التعنت الروسي في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وعدم تهاون موسكو في أي شيء يحول دون الوقوف مع حليفها، أو تقديم أية تنازلات وفرضها الحل العسكري وتصعيدها في مدينة حلب وريفها وجلبها المزيد من السلاح والعتاد الى سوريا، وذلك ما قبل مغادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما سدة الحكم، الأمر الذي جعل واشنطن تعلق المحادثات المشتركة حول الاتفاق المجمّد والهدنة المتوقفة، وتنوي استدعاء الأشخاص الذين تم إرسالهم الى جنيف من أجل انشاء "مركز تنسيق مشترك" مع الضباط الروس للتخطيط لشن ضربات منسقة.&

وقال الكاتب والمحلل السياسي السوري محمد خليفة في حديث مع "إيلاف"، إن الغزو الروسي لسوريا بدأ عامه الثاني بمؤشرات على أن "الكرملين يزداد تصميمًا على فرض شروطه على الجميع، بدءًا من الشعب السوري والثوار والمعارضة، وانتهاء بالشريك الاميركي، مرورًا بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة".

خيارات مرّة

وأشار الى أن "الروس يدفعون بمزيد من قواتهم البرية والجوية والبحرية وصواريخهم. وبعض أسلحتهم ستستعمل للمرة الاولى وفي الميدان يمارسون أقسى وأقصى درجات العنف، لاسيما في حلب، حيث يطبقون (سيناريو غروزني) لإبادة السكان وتدمير مقومات الحياة، كالمشافي وطواقم الدفاع المدني والمخابز والمدارس والاسواق لتخيير الجميع بين ثلاثة خيارات أحلاها علقم: هي الاستسلام،&والنزوح، والموت".&

ولفت خليفة الى ما يفعله الروس، "لا هدنة، لا عملية سياسية، ولا قانون دوليًا. والروس أوقفوا مفاوضات جنيف، وعطلوا مجلس الامن واستهزؤوا بالقانون الدولي، ووبخوا ستيفان دي ميستورا وأخيرًا بدأوا يهددون الولايات المتحدة إذا استهدفت قوات الأسد. وسخروا قبلها من كيري وهددوه بنشر نص الاتفاق السري الموقع في العاشر من الشهر الماضي، ووصفوا تحذيراته لهم من انعكاس حربهم على أمن بلادهم بأنها غير مقبولة واتهموا ادارته بعدم احترام الاتفاقات معهم، &وأن بلادهم صارت عجوزًا ضعيفة".

وأوضح أن معنى ذلك أن الروس "طووا الحل السياسي، واختاروا بلا رجعة خيار الاسد - ايران، أي الحسم العسكري، ومضوا في تنفيذه، وأعطوا القانون الدولي (اجازة طويلة) ريثما يتمكنون من حسم الصراع قبل أن تنتهي الانتخابات الرئاسية في واشنطن، خوفًا من وصول ادارة جديدة تتصدى لهم".&

صحيفة أوبزرفر البريطانية حذرت في 2 أكتوبر الماضي من النتائج الخطيرة للسلوك الروسي وتجاهل القانون الدولي الى هذا الحد، ولم تستبعد أن يقود الوضع الى حرب عالمية.
وما اعتبره بعض المحللين أنه أشبه بالحل الوسط دون خيار الحرب، علق الدبلوماسيون الاميركيون المحادثات مع روسيا حول اعادة تفعيل وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه في التاسع من سبتمبر بين وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف بعد أن كانت الهدنة قد انهارت وسط تبادل للاتهامات بين الجانبين وتصاعد القتال في الحرب السورية المستمرة منذ سنوات، ومع مزيد من التصعيد العسكري.&

اتهامات متبادلة

واتهمت واشنطن موسكو بالاخفاق في كبح قوات" الحكومة السورية"، وشن ضربات جوية تستهدف المدنيين والقوافل الانسانية.&بينما تقول روسيا إن واشنطن أخفقت في الفصل بين المعارضين "المعتدلين" و"جهاديي تنظيم القاعدة" ووعدت ولم تنفذ وعودها.&

فيما اعتبر خليفة أن "هذا الوضع غير المسبوق في سوريا، وعلى المستوى الدولي نتيجة طبيعية لمعالجة أوباما القاصرة للأزمة منذ بدايتها وحتى اليوم. فإدارته تتحمل مسؤولية التخاذل والتقاعس الغربي بمواجهة جرائم الاسد، وعن غض الطرف المتعمد عن تدخل ايران وجماعاتها، وهي التي تنازلت عن خطوطها الحمراء، ومنعت تسليح الثوار، ولم تكترث بالكوارث الانسانية التي سببها الاسد وحلفاؤه للشعب السوري ..إلخ، وهي التي تتحمل المسؤولية عن فشل الحلول السياسية، لأنها ظلت بلا استراتيجية واضحة عكس روسيا أو سياسة ثابتة ومحددة، وتراجعت مرة بعد مرة أمام التصعيد العسكري والسياسي من جانب الاسد وبوتين، حتى لم يبقَ لها خيار سوى الضغط على المعارضة لتقبل بشروط الاطراف الثلاثة: الاسد وموسكو وطهران".&

وأضاف أنه "في البداية كان الأميركيون يطلبون ذلك تلميحًا، وفي النهاية صاروا يطلبونه بصراحة فاقعة كما كشف التسجيل المسرب للقاء كيري والشخصيات السورية الذي نشرته النيويورك تايمز. والادهى والانكى من (الموقف) نفسه التبريرات التي ساقها كيري امام ضيوفه، لأنها تظهر عجزًا وافلاسًا يثيران الشفقة لكل سياسة الادارة الحالية، وبراغماتيتها الجوفاء. سياسة استندت الى منطق الرهان على الخيارات الدبلوماسية، وتجنب استعمال (القوة)، ولكن النتائج - كما نرى - ادت الى كوارث وفوضى وانهيار لهيبة القانون الدولي، كما رأت الاوبزرفر، مما يدل على قصور فهم الرئيس باراك أوباما لمفهوم ( القوة )"، على حد تعبيره.

وقال إن "الرئيس أوباما هو الشرطي العالمي الذي تقاعس عن واجباته الوظيفية، وسمح للمجرمين المحترفين أن يرتعوا في الشرق الاوسط كما يحلوا لهم، فقتلوا الشعب السوري ودمروا أحد اعظم مواطن الحضارة، وهددوا المنطقة بأسرها .. وربما السلام العالمي".&

تعليق المفاوضات

هذا وعلقت واشنطن مفاوضاتها مع موسكو بشأن اعادة تفعيل وقف اطلاق النار الفاشل في سوريا وتشكيل خلية عسكرية مشتركة لاستهداف "الجهاديين"، وقالت إن "الصبر على سوريا قد نفذ".

وأوضح جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أنه "لم يتم اتخاذ هذا القرار بسهولة"، متهمًا روسيا وحليفتها سوريا بتصعيد الهجمات على مناطق المدنيين.

وأكد كيربي أن الجيشين الروسي والاميركي سيواصلان استخدام قناة اتصال وضعت لضمان عدم حدوث تصادم بينهما خلال "عملياتهما لمكافحة الارهاب في سوريا".&

وعبّر كيربي عن أسفه في اخفاق" روسيا في الوفاء بالتزاماتها بما في ذلك التزاماتها بموجب القانون الانساني الدولي".

وأضاف أن روسيا "اما انها كانت غير مستعدة او غير قادرة على ضمان التزام نظام الاسد بالترتيبات التي وافقت عليها موسكو".&

وقال كيربي "بدلاً من ذلك فقد اختارت روسيا والنظام السوري متابعة المسار العسكري بما لا يتناسب مع وقف الاعمال القتالية كما هو واضح من تكثيف هجماتهم ضد مناطق المدنيين".&

واتهم كيربي موسكو ودمشق معًا باستهداف البنى التحتية الحساسة مثل المستشفيات، ومنع وصول المساعدات الانسانية الى المدنيين المحتاجين، وقال إن روسيا والنظام السوري مسؤولان عن الهجوم الدامي في 19 سبتمبر على قافلة الامم المتحدة للمساعدات في شمال سوريا.

أما المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست فقال إن "الصبر على سوريا قد نفذ"، وأكد "أن صبر الجميع على سوريا قد نفذ"، مضيفًا "لم يعد هناك ما يمكن ان تتحادث به الولايات المتحدة مع روسيا"، معتبرًا ان الوضع "مأساوي".

دوليًا، تعهد المبعوث الدولي الى سوريا ستيفان دي ميستورا مواصلة جهوده الرامية لايجاد حل سياسي في سوريا رغم قرار واشنطن تعليق مفاوضاتها مع موسكو بشأن اعادة تفعيل وقف اطلاق النار في سوريا.

وأكد مكتب دي ميستورا في بيان أن "الأمم المتحدة ستواصل الدفع بقوة من أجل التوصل الى حل سياسي ينهي النزاع السوري بغض النظر عن النتائج المخيبة جدًا للآمال التي انتهت اليها المناقشات المكثفة والطويلة" بين الولايات المتحدة وروسيا.

ووعد البيان أن فريق العمل الإنساني التابع للامم المتحدة في سوريا سيواصل عمله الشاق من أجل المساعدة في ايصال المساعدات إلى المدنيين العزل في سوريا من دون عوائق"

وأضاف أن "الأمم المتحدة لن تسمح بأن يكون مصير الشعب السوري نزاعًا عنيفًا لا نهاية له".

مناشدة

فيما ندد وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت الاثنين بـ"صلافة" نظام الرئيس السوري بشار الاسد وحليفه الروسي، اللذين يمطران حلب بالقنابل، "ويدّعيان أن الذين يصابون بهذه الضربات هم من الارهابيين".

وناشد "ضمائر كل اعضاء مجلس الامن" كي يصوتوا على مشروع القرار الفرنسي الهادف الى اقرار وقف لاطلاق النار في حلب.

ودعا ايرولت "روسيا الى تحمل مسؤولياتها. إن قصف المستشفيات جريمة حرب، هل أن روسيا مستعدة لتحمل مسؤولية اعمال لا تطاق من هذا النوع؟".

وأضاف &ايرولت: "الصور الفظيعة تتكلم عن نفسها"، وقال: "سمعت اليوم بيانًا عن روسيا تشيد فيه بفاعلية قصفها على حلب وتدّعي أن الذين يصابون بهذه الضربات هم من الارهابيين، في حين ان الصور الفظيعة التي نشاهدها تؤكد انهم مدنيون وهم رجال ونساء واطفال ومسنون قتلوا وتحولوا الى أشلاء".

وقال الوزير الفرنسي ، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية "إن نظام بشار وروسيا يعتبران الخوذ البيضاء (عناصر الدفاع المدني) وهم اشخاص استثنائيون، من الارهابيين. لا بد من وقف هذه الصلافة التي لم تعد تحتمل".

واعتبر"أن الذين يغلقون أعينهم ويتساهلون مع هذه الامور سيتحملون مسؤولية ذلك".

من جانبها، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن الأسف اثر تعليق واشنطن المباحثات بشأن هدنة في سوريا، وقالت إن الولايات المتحدة تحاول إلقاء تبعة الفشل على روسيا.

وقالت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية، "نحن نأسف لقرار واشنطن"، واعتبرت أن الولايات المتحدة "تحاول إلقاء تبعة الفشل على غيرها، بعد أن فشلت في الوفاء بالتزاماتها التي عملت بنفسها على وضعها".
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف