هل تُنهي منطقة حظر جوي الأزمة في حلب؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
جوناثان ماركوس
مراسل الدفاع والدبلوماسية
وسط تزايد مشاعر النفور إزاء مواصلة الطيران الحربي السوري والروسي قصف حلب وارتفاع عدد الضحايا المدنيين، هناك صخب بشأن ضرورة القيام بعمل ما.
ويتساءل الكثيرون ألن يكون أمرا جيدا القيام بعمل حاسم لإنهاء المذبحة؟
وقد حاول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الوسائل الدبلوماسية، فقد أراد منع الطيران السوري والروسي من التحليق بمقتضى اتفاق أو على الأقل تقييد العمليات الروسية ضد التنظيم المعروف باسم "الدولة الإسلامية" والجماعات المتطرفة الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وبالطبع، فشلت جهوده وتضاعفت كثافة الهجوم ضد حلب.
وإذا أرادت الولايات المتحدة تغيير الدينامية العسكرية فهناك بالفعل طريقان لتحقيق ذلك. فإما أن تتدخل مباشرة بنفسها وشهيتها ليست مفتوحة لهذا الأمر، أو عليها تعزيز جهود التدريب والاستشارة والتجهيز للقوات الصديقة على الأرض، أي عليها دعم ما تقوم به بالفعل وهو النهج الذي ثبت أنه يواجه مشاكل.
التدخل المباشر؟وتجاهد الولايات المتحدة للعثور على ما يطلق عليهم حلفاء معتدلون في سوريا لديهم القدرة على إحداث اختلاف في أرض المعركة.
ومن لديه القدرة - مثل الأكراد – جلبوا مشاكل إضافية بسبب طموحاتهم الإقليمية الخاصة.
وتوفير تسليح أفضل لجماعات المعارضة يمثل خيارا آخر- مثل صواريخ أرض-جو يحملها الأفراد ويمكن على الأقل أن تدفع الطيران الحربي السوري لمراجعة حساباته – ولكن مثل هذه الأسلحة يمكن أن تتسرب بسهولة إلى الجماعات المتطرفة كما حدث بعد التسليح الأولي لطالبان في أفغانستان لمحاربة الروس.
ويمكن للطيارين الروس بسهولة تغيير تكتيكاتهم بحيث يقلصون تعرضهم لمثل هذه الأسلحة.
ويذكر أيضا أنه رغم كراهية واشنطن لنظام الأسد، فإن تركيزها الرئيسي في المنطقة يتمثل في الحرب ضد ما يعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية".
ولكن ماذا عن التدخل المباشر؟
هنا يتم طرح فكرة فرض "منطقة حظر جوي" تخضع للمراقبة وأعمال الدورية من جانب الطائرات الحربية الأمريكية والحليفة. ولكن ذلك سيتطلب عشرات الآلاف من الأفراد، وتنويعة من الطائرات المقاتلة المتفوقة، والمزيد من الناقلات، والمزيد من أجهزة رادار الأواكس. وبدون توفير هذه الموارد الأساسية والمهمة فسيكون ذلك تشتيتا خطيرا عن الحملة الجارية ضد تنظيم الدولة في الموصل على نحو خاص.
"قرار خطير"ولكن بينما يبدو اقتراح فرض منطقة حظر جوي جذابا كاقتراح، فإنه يحوي مشكلات كبيرة. ولا يجب أن يكون مؤيدو هذا الاقتراح تحت تأثير أية أوهام.
ففي الشهر الماضي، وخلال جلسة استماع بالكونغرس، سؤل الجنرال جوزيف دونفورد رئيس الأركان الأمريكية المشتركة عن رأيه بشأن فرض حظر جوي لوقف قصف حلب بالبراميل المتفجرة.
أجاب رئيس الأركان الأمريكية المشتركة "فرض سيطرة على الأجواء السورية يتطلب منا الدخول في حرب مع سوريا وروسيا، وذلك قرار خطير".
وتسطير روسيا فعليا على الأجواء السورية حيث نشرت صواريخ الدفاع الجوي من طراز إس -400 ذات القدرة العالية، وأجهزة الرادار في قاعدتها بسوريا. كما أحضرت الآن صواريخ إس -300 والتي لديها قدرات إضافية ضد صواريخ أخرى.
كما أن السفن الحربية الروسية في البحر المتوسط يمكن أن تمثل إضافة لدرع الدفاع الجوي.
ويتطلب فرض منطقة حظر جوي استعدادا لإسقاط الطيران الحربي الروسي والسوري في أجواء صراع محتدم.
وبالتالي فإن أية عملية لفرض مثل هذا الحظر الجوي تتطلب تدمير الدفاعات الجوية للعدو. ومن المؤكد أن غارة أمريكية لتدمير صواريخ سام الروسية (صواريخ أرض جو) هي أمر مستبعد.
ورغم ذلك، هل يؤدي إجراء صارم إلى خداع روسيا؟
روسيا لم ترد بأي شكل من الأشكال عندما أسقطت تركيا إحدى طائراتها فوق شمال سوريا.
ولكن الأتراك كانوا يدافعون عن مجالهم الجوي ولا يفرضون حظرا جويا فوق سوريا.
والروس في موقف قوي. فدفاعاتهم الجوية على الأرض، ويمكنهم نقل مقاتلات إضافية إلى سوريا في أسرع وقت.
وحذر متحدث روسي الأمريكيين بوضوح من أن أي هجوم حتى على القوات الحكومية السورية سيعتبر هجوما على روسيا.
"خيارات ليست سهلة"إذن لو كان فرض حظر جوي أمرا خطيرا للغاية، فهل هناك خيارات أخرى؟
أحد الخيارات التي تم بحثها مرارا في أنقرة هو فرض نوع من "المنطقة الآمنة" في سوريا يحظى فيها اللاجئون بالحماية. ويبدو هذا الخيار أسهل في تحقيقه.
فالقوات التركية احتلت بالفعل منطقة داخل سوريا على حدودها. وتتمتع هذه المنطقة بغطاء جوي من الطيران الحربي التركي، والأهم بقوات تركية على الأرض.
ربما تكون هذه المنطقة نواة للمنطقة الآمنة رغم أن هذا الخيار لا يخلو من مشاكل كما أنه تحديدا لا يقدم شيئا لحلب.
كما أن فرض منطقة حظر جوي لا يمثل ترياقا في حد ذاته لإنهاء المذبحة.
وكان الطيران الحربي الأمريكي الذي فرض مثل هذه المنطقة فوق العراق قد اضطر للاكتفاء بمشاهدة قوات صدام حسين البرية وهي تكثف هجماتها ضد معارضيه.
ويمكن أن يكون للمدفعية وقذائف الهاون ونيران الدبابات نفس الأثر التدميري للقصف الجوي.
وفيما يتعلق بسوريا لا يوجد خيار سهل أمام الغرب.
وكانت هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية قد أيدت في السابق فكرة فرض مناطق حظر جوي.
ولكن مع الدعم الروسي القوي لنظام الأسد فإن أي تدخل أمريكي مباشر قد يصعد الصراع إلى مستوى خطير.