أخبار

ضمن كتاب يهدف لإنقاذ سمعة مارك سايكس الملطخة

إليكم الرجل الذي صنع الشرق الأوسط

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كان السير مارك سايكس الطرف الآخر في المفاوضات بين بريطانيا وفرنسا على تقاسم الشرق الأوسط بعد هزيمة الامبراطورية العثمانية. وكانت نتيجة المفاوضات اتفاقية سايكس - بيكو عام 1916، التي رسمت سلسلة من الخطوط على خريطة الشرق الأوسط لتحويله الى "مناطق نفوذ" بريطانية وفرنسية.  

لندن: اثارت اتفاقية سايكس- بيكو التي توصلت اليها الامبراطوريتان في غمرة الحرب العالمية الأولى، بموافقة روسيا القيصرية، موجة من الانتقادات بسبب تجاهلها مصالح شعوب المنطقة ونقضها ما قُدم من وعود الى الزعماء العرب، وخاصة وعد الاستقلال الذي قُدم الى قادة الثورة العربية. وحين سمع لورنس العرب بالاتفاقية قال "انها تدعو العرب الى القتال من أجلنا على أساس اكذوبة".

كتاب "الرجل الذي صنع الشرق الأوسط" محاولة من كريستوفر سايكس لتغيير ما يسميه "التصورات المسبقة" عن جده السير مارك سايكس الذي "يجسد اسمه الغطرسة الكولونيالية والجهل الارستوقراطي" على حد وصف الصحافي انتوني ساتين في مراجعته النقدية للكتاب متسائلا إن كان كريستوفر سايكس يستطيع ان ينقذ سمعة جده "التي كانت من اكثر السمعات الملطخة في الشرق الأوسط".  

وكان تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" وصف النظام الذي سعت اتفاقية سايكس ـ بيكو الى اقامته بأنه "رمز للتشظي الذي فُرض على المسلمين". وحرص قائد التنظيم ابو بكر البغدادي على تصوير مسلحيه وهم يمزقون اتفاقية سايكس ـ بيكو بالعبور بين العراق وسوريا بحرية واعلان ما يُسمى الخلافة على رقعة ارض من البلدين. 

كبش المحرقة

يبدو السير مارك سايكس كبش المحرقة الأمثل من الوهلة الأولى. فهو ابن نخبة صاحبة امتيازات بدأ عمله حين كانت طبقته تحكم نصف العالم. ولكن كتاب كريستوفر سايكس يستند الى اوراق جده الخاصة لرسم صورة عنه أشد تعقيداً وأكثر اقناعاً عن هذا الدبلوماسي البريطاني. وكان ساكيس الابن الوحيد لعائلة ثرية نشأ في اقطاعية مساحتها 30 الف ايكر شمال انكلترا وسط العديد من الخدم والمربين والخيول وكلاب الصيد ولكن من دون رعاية مباشرة من الوالدين بل ان الخلافات الزوجية دفعت أُمه الى ترك الضيعة والانتقال الى لندن لمعاقرة الخمرة والقمار.  

وحين بدأ سايكس دراسته في جامعة كامبردج لاحظ احد اساتذته انه طالب "أُهمل تعليمه" وعلق استاذ آخر قائلا انه لا يستطيع انجاز الاشياء التي ليست لديه رغبة فيها. ولكن سايكس نال رغم ذلك سمعة بكونه شخصاً يعرف العالم.   

بعد ان خدم سايكس في حرب البوير في جنوب افريقيا امضى السنوات الواقعة بين عودته منها في سن الثالثة والعشرين واندلاع الحرب العالمية الأولى في نشاط مكثف أثمر نشر كتب بينها كتاب عن رحلاته في شرق الامبراطورية العثمانية. وساعدته اصوله الارستوقراطية وعلاقاته العائلية على تعيينه دبلوماسياً في ايرلندا والقسطنطينة. ونجح في المحاولة الثالثة لانتخابه عضوا في مجلس العموم حيث كان خطيباً مفوهاً حول المواضيع التي يعرفها. 

حين اندلعت الحرب كان سايكس آمر كتيبة من جنود الاحتياط ولكنه بدلا من الخدمة في فرنسا لفت انتباه ونستون تشرتشل وفي ابريل 1915 عُين عضوا في اللجنة البريطانية المكلفة بدراسة التداعيات المترتبة على سقوط الامبراطورية العثمانية. 

حين التقى لورنس العرب سايكس في الشرق الأوسط  قال انه رجل يحمل "عقدة من التحاملات والأحكام الحدسية وأنصاف العلم،  يأخذ جانباً من الحقيقة ويفصله عن ظروفه ثم يضخمه ويلويه ويصوغه".  وكان رأي المندوب السامي البريطاني في البصرة ان لدى سايكس "عبقرية للتعميمات السعيدة لكنها ليست دائماً دقيقة". ويلاحظ الصحافي ساتين ان حفيد سايكس يغفل هذه الآراء عن جده في الكتاب.  

فرصة كاملة

أُرسل سايكس لإجراء مفاوضات مع الفرنسيين، ومن خلال هذه المفاوضات ارتبط اسمه بالاتفاقية الكارثية. وفي عام 1918 اعلن الرئيس الاميركي وودرو ولسون ان العرب "يجب ان يُمنحوا فرصة كاملة للتطور في المستقل"، بل ان سايكس نفسه أقر بأن نص الاتفاقية يجب ان يتغير. ويوم انتهاء الحرب قال الجنرال اللنبي قائد قوات الحلفاء في الشرق الأوسط عن سايكس "انه رجل طيب لكنه معطوب ، وان اتفاقيته المباركة، اتفاقية سايكس ـ بيكو، يجب ان تُمزق بطريقة ما".  

توفي سايكس بعد ثلاثة اشهر على الاتفاقية سيئة الصيت في فندق في باريس عن 39 عاماً نتيجة إصابته بالانفلونزا الاسبانية. وكانت مأساة حياته الكبرى ، كما يشير كتاب حفيده، ان هذه الاتفاقية بقيت من بعده. ولو عاش عمراً أطول لربما كافح ضدها.  

يقدم كريستوفر سايمون سايكس جده في ضوء أوضح، رجلا مختلا بجريرة والديه، يتفجر حماسة، هائما بحب زوجته، وأباً ممتعاً مع عائلته وراصداً طريفاً للشخصيات في العالم. ويتضمن الكتاب مقاطع مسلية عن شخصية سايكس ولكن ليست هناك اصوات متعددة في الكتاب لإعطاء صورة شاملة عن السير مارك سايكس. فهو لم يصنع الشرق الأوسط الحديث ولكنه قام بدور كبير في إيجاد الظروف التي تفاقمت فيها مظالم واشتعلت نزاعات. وقبل وفاته طرح رؤيته لعالم بلا دبلوماسية سرية بل عالم يسوده العدل والانصاف والأمن، وهي ما تناضل شعوب الشرق الأوسط من أجله منذ رسم سايكس خطوطه على خريطة هذه المنطقة من العالم. 

أعدت «إيلاف» هذا التقرير بتصرف نقلاً عن «الغارديان». المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي:

https://www.theguardian.com/books/2016/nov/13/the-man-who-created-the-middle-east-christopher-simon-sykes-review
 
 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
أعين الشعوب العربية تفتحت
سوري -

الشعوب العربية رضخوا للحكم العثماني لقرون بسبب دينهم. ليس هناك مخطط الا في خيال الناس التي لم تجد اي سبب لتخلفها الا خلق عدو مختلق يعمل ليل نهار ضدهم، اما بسبب دينهم او قوميتهم او ثروتهم او عقولهم الفذة. تخيل احوال المنطقة قبل قدوم الاستعمار، ولنتسائل كم كلية او جامعة كانت قائمة في المنطقة الممتدة من المغرب الى الخليج، الم تكن هناك فقط الجامعات والكليات التي كانت تدار من قبل الدول المستعمرة او التي ارادت نشر نور العلم في المنطقة؟ كم كان طول الطرق المرصوفة والسكك الحديد الممدودة في هذا البقعة، كم عدد الاسرة والمستشفيات القائمة؟ كيف كان يدار القضاء وكيف كان يولي الحكم في الكثير من ولايات العثمانية؟ وليقارنوا ذلك فقط بعد ثلاثين سنة من قدوم الاستعمار، اي ليقارنوا الحال بحال المنطقة في الثلاثينيات من القرن الماضي. فانهم سيجدون البدء بتعبيد طرق المواصلات واستخراج الثروات التي لم يكن يعرف بها اهلها ولا بفوائدها، وتعدد المستشفيات والكليات والجامعات وانتشار التعليم، وبدا خروج النساء الى الحياة العامة، وبدء ترسيخ قيم وقوانين تقود الدولة وتنصف الافراد وهذا كله بفضل هذا الاستعمار، ونحن هنا لا ننكر انه عمل لاجل مصالحه، ولكنها كانت مصلحة مشتركة، وبدليل ان الدول بعد ان تحررت حسب زعمها من الاستعمار وتمكنت من امتلاك القرار المستقل، الشئ الذي عملته هو تدمير كل البنى التحيتة وبنية وحدة الشعب وتدمير الثروة الوطنية من خلال التسلح، السلاح الذي تم استعماله ضد ابناء البلد ممن تجراء ونادى وطالب بحقوقه كانسان . -

الله عليه والى
kurdi -

قسم كردستان الى اربعة اجزاء تحت سيطرة استعمار تركي وعربي في سوريا والعراق وكذلك استعمار الفارسي .لن يرحمه تاريخ

الاستعمار !!
نبيل -

لقد قام الحكام العرب وما يسمون المثقفين ورجال الدين بالقاء اللوم على الاستعمار الاروبي للبلاد العربيه لتبرير فشلهم وتقصيرهم , ولكن الحقيقه غير ذلك فبريطانيا استعمرت الهند كما استعمرت البلاد العربيه وتركت في الهند نفس الدستور الذي تركته في مصر والعراق , الهنود قام بتقدير هذا الدستور وعلى مبادئه قامو ببناء دوله عظمى قادمه , وعلى هذه المبادئ اقاموا اكبر دوله ديمقراطيه وأكثرها تعدديه في العالم , وجميع العالم ماذا اصبح في الجزء الأخر من الهند المسمى باكستان الذي رفض الدستور الانجليزى وأصر على قيامة دوله مسلمه منفصله عن الهند , ولكن المثل الأكبر هو أمريكا نفسها كانت تحت الاستعمار الإنجليزي ومقسمه الى 13 ولايه , أمريكا تحررت من الحكم الإنجليزي ولكن على مبادئ القوانين الأنجليزيه ( المجناكارتا ) قاموا ببناء اعظم دوله وحضاره في تاريخ البشريه , لا حل امام الشعب المصري والعراقي سوى العوده الى االدساتير التي تركها الاستعمار ولا امل الى أي شعب بالتقدم بدون أن يتعلم من الثقافه الغربيه والتي هي عصارة التجارب الانسانيه من الحضاره الأغريقيه الى الرومانيه الى وقتنا الحاضر .