الشباب يتحفظ على ممارسات الحرس القديم الصدامية
الإنقسامات تمزّق جماعة الاخوان المسلمين في مصر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مشاكل الاخوان المسلمين في مصر ليست مع نظام عبد الفتاح السيسي فقط، فالجماعة تشكو أيضا انقسامات ومشاكل داخلية كثيرة، بين الشباب من جهة، والقيادات التاريخية المُتهمة بانتهاج سلوك صدامي كلّف الحركة ثمنا باهظا.
القاهرة: في ليل الثالث عشر من آب/اغسطس 2013، جلس الناطق باسم الاخوان المسلمين جهاد الحداد على سلم مبنى مجاور لمسجد رابعة العدوية في القاهرة وقال بيأس "نحتاج لمعجزة".
وفي اليوم التالي، فضت السلطات المصرية اعتصام انصار الرئيس الاسلامي محمد مرسي المنتمي الى جماعة الاخوان المسلمين حول المسجد والميدان قبالته. وفي 12 ساعة قُتل اكثر من 700 متظاهر بالرصاص.
كما قتل مسلحون من المتظاهرين نحو عشرة من رجال الشرطة.
واوقفت الشرطة الحداد ومعظم قيادات جماعة الاخوان المسلمين اضافة الى آلاف الاسلاميين مذذاك.
ولا يبدو ان احدا ممن افلت من الاعتقال من مسؤولي الجماعة التي تأسست العام 1928 وتمزقها الخلافات الداخلية حاليا، يعرف كيف يمكن ان تتجاوز الجماعة ازمتها الراهنة.
فقبل خمس سنوات فقط، كانت جماعة الاخوان المسلمين في وضع مختلف تماما، ذلك ان خصمها اللدود الرئيس حسني مبارك اجبر على التنحي في 11 شباط/فبراير بعد انتفاضة شعبية.
وتحول الاخوان المسلمون من جماعة محظورة الى حزب فاز بالانتخابات الرئاسية في 2012 واوصل رئيس حزبها السياسي محمد مرسي الى سدة الرئاسة.
لكن بعد عام واحد، اطاح الجيش مرسي بعد تظاهرات حاشدة ضد حكمه الذي خلف انقسامات واضطرابات سياسية.
ونظم الاسلاميون من انصاره اعتصاما حول مسجد رابعة العدوية للمطالبة بعودته للحكم. ومن حينه بدأ العد التنازلي للمذبحة.
الا ان مرسي لم يعد للحكم، بل صدر ضده حكم بالاعدام واخر بالسجن المؤبد كحال الاف من انصاره.
الجسد لا يزال ينبض
ويقول عمرو دراج، القيادي في الاخوان والمقيم في تركيا وهو احد القيادات المعارضة للحرس القديم في الجماعة ان "الشباب لا يرون افقا او قيادة يمكنها تحقيق اي شيء لهم في مواجهة قمع النظام" الحالي.
ويتساءل علي احد اعضاء الاخوان المخضرمين في القاهرة "هل كنا مستعدين لمواجهة الحكومة بعد مرسي؟ لا. كان يجب حل الاعتصام لانقاذ الارواح. كان يمكن ان ننظم اعتصامات في اماكن اخرى".
ولا يزال علي، وهو اسم مستعار، يتظاهر منذ ذلك الحين.
ويساعد علي في تنظيم تظاهرات سريعة وصغيرة في الشوارع الضيقة في احياء الطبقات العاملة في القاهرة. واضاف "علينا ان نوجه رسالة تفيد بان الثورة مستمرة. ما دام الجسد ينبض، فهذا يعني انه لا يزال يمكنه ان يعيش".
لكن هذا لا يعني ان كل اعضاء الاخوان يتمتعون بهذا القدر من رباطة الجأش. فهناك يأس كبير في مجموعته التي يطلق عليها تنظيميا اسم "الاسرة" وتضم نحو عشرة اعضاء.
ويقول علي "البعض محبطون. لكن المحبط يمكن ان يتحدث لشخص اخر يرفع من معنوياته".
وتفادى علي حملة القمع ضد الاخوان بالتواري عن الانظار قدر المستطاع.
واولويته حاليا هي الحفاظ على تعاليم جماعة الاخوان المسلمين، حتى لو كان اعضاؤها مرتبكين ويتفرجون على صراع بين القادة المسجونين واولئك المنفيين او المتوارين.
قيادة اكثر تمثيلا
وادت هذه الفوضى في صفوف الإخوان الى تزايد الاتهامات بأنها تشارك في الهجمات المسلحة التي راح ضحيتها مئات من رجال الشرطة والجنود منذ الاطاحة بمرسي، وهي هجمات غالبا ما يتبناها الجهاديون الذين يعارضون فكر الاخوان.
وصنفت السلطات المصرية الاخوان المسلمين "تنظيما ارهابيا" وكذلك فعل ابرز حلفائها المملكة العربية السعودية والامارات.
ويقول علي "في هذه الظروف تنسب الينا هذه الامور (الهجمات). كذلك، من المعقول ان تقف انت خلفها وانت لا تدري. الاتصالات على المستويات الادارية سيئة جدا الآن".
ويرى دراج، الذي يتهم قادة الجماعة التقليديون مجموعته بالميل نحو العنف، ان الصراع الان يتمحور حول تقديم قيادة اكثر تمايزا عن الحرس القديم، الذي يمثله الان فرع الجماعة في لندن.
وبالنسبة لوائل حدارة المساعد السابق لمرسي والموجود الآن في كندا فان "السبب الحقيقي (للانقسامات) هو الفشل".
واضاف "لقد فشلوا في مواجهة الموقف. ولم يتمكن احد من طرح مسار واقعي".
ورفض الرئيس عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش السابق الذي اطاح مرسي، اي تهاون مع الاخوان، وضغطت الحكومة المصرية على بلدان عدة، خصوصا بريطانيا، لحظر الاخوان.&
وبناء عليه، قررت بريطانيا التحقيق في صلة الجماعة بالعنف في مصر، ولكن من دون ان تعثر على ما يبدو على ادلة دامغة.
وتقول الشرطة المصرية ان هناك ادلة تؤيد تورط اعضاء، سابقين وحاليين، في الاخوان في حمل السلاح ضد قوات الامن وتفجير ابراج الكهرباء.
ولكن لا يبدو واضحا ما اذا كان ذلك يتم بمبادرات فردية من الاسلاميين الذين سئموا التظاهر وقرروا الثأر ام لا.
ويقول مختار عوض الباحث في برنامج دراسة التطرف في جامعة جورج واشنطن ان "هؤلاء الذين يميلون للانخراط في العنف المسلح ليسوا من الانصار الذين سينتظرون للحصول على الضوء الأخضر من القيادة" حيال الامر.