أخبار

الدكتور شادي الغزالي حرب في مقابلة مع "إيلاف" (1ـ 2)

السيسي ضغط على البرادعي لخوض انتخابات الرئاسة

الدكتور شادي الغزالي حرب
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: قال الدكتور شادي الغزالي حرب، أحد رموز ثورة 25 يناير، إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عندما كان رئيسًا لجهاز المخابرات الحربية، عقد لقاء مع الدكتور محمد البرادعي عام 2012، لإقناعه بالترشح لرئاسة الجمهورية، والعدول عن قرار كان قد اتخذه بعدم خوض تلك الإنتخابات.

وأضاف "شادي"، في مقابلة مع "إيلاف" تنشر على حلقتين، إنه حضر اللقاء الذي طالب فيه السيسي، واللواء محمد العصار، وزير الإنتاج الحربي الحالي، وعضو المجلس العسكري السابق، البرادعي بالترشح لإنتخابات رئاسة الجمهورية، التي فاز فيها الرئيس السابق محمد مرسي في العام 2012.

ويعتبر "شادي الغزالي" من أقرب الشباب إلى المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي، لا سيما في الفترة التي ناضل فيها ضد نظام حكم حسني مبارك، وقيادته لثورة 25 يناير، مرورًا بفترة حكم المجلس العسكري، ثم حكم جماعة الإخوان، وانتهاءً بثورة 30 يونيو، وحكم الرئيس الموقت عدلي منصور، التي شغل فيها البرادعي منصب نائب الرئيس للشؤون الخارجية.

ويرى "شادي" أن البرادعي هو "المنقذ الحقيقي" لمصر من حكم جماعة الإخوان، وليس الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقال: " لولا الدور الذي لعبه الدكتور البرادعي، &في ثورة 30 (يونيو) حزيران 2013، لكانت مصر تحت حكم الإخوان، حتى الآن"، وذكر " شادي" أن ثورة 25 يناير في تراجع حاليًا، واصفًا المشهد السياسي الحالي في مصر، بأنه "حالة ثورة مضادة لثورة يناير".

ويعمل "شادي" طبيبًا، ويعتبر من أوائل الشباب الذين شاركوا في التمهيد وقيادة ثورة 25 (يناير) كانون الثاني التي أطاحت بنظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ويشارك حالياً في ما يعرف بـ"تيار الشراكة الوطنية"، الذي يسعى إلى لمّ شمل رموز وقيادات وشباب ثورة 25 يناير، من أجل المحافظة على مطالب الثورة والسعي إلى تحقيق أهدافها.

وإليكم نص الحوار:

بعد عودة الأوضاع في مصر إلى ما قبل 25 يناير 2011، أين تقف الثورة الآن؟

الثورة الآن في حالة تراجع، وأستطيع القول، إننا نعيش في ظل ثورة مضادة لـ25 يناير. وهذا ما نراه في البرلمان الذي تم انتخابه مؤخراً، والسلطة التنفيذية سواء في الرئاسة أو الحكومة، وفي الإعلام الموجه، الذي أصبح يعرف بإعلام الصوت الأوحد، الذي يهاجم ثورة يناير، وعكس ذلك نعتبر أصواتًا قليلة يتم إسكاتها واحداً تلو الآخر. نحن نعيش في ظل ثورة مضادة لثورة 25 يناير، إن أصحاب المصالح استطاعوا تجميع أنفسهم، ويسعون إلى إجهاض الثورة وأهدافها.

كما يمكنني القول إن جماعة الإخوان المسلمين دقت المسمار الأول في نعش هذه الثورة المضادة، عندما تحالفت مع المجلس العسكري أثناء استفتاء 19 مارس 2011، والذي كان &نقطة البداية لانقضاض الثورة المضادة على ثورة 25 يناير. ثم اختلف الطرفان على تقسيم الغنائم، مما أدى إلى وصولنا إلى الوضع الحالي. فعادت المؤسسات الأمنية تحكم مثلما كانت الأوضاع في أيام مبارك، بل وبشكل أكثر قسوة وأكثر قمعًا. إنها لم تعد للحكم فقط، بل رجعت لتنتقم من الشعب، وتحاول أن تجهض أية محاولة لتغييرها أو إصلاحها من الداخل وتقمع أي صوت معارض.

هذه هي الأجواء التي نعيش فيها الآن، ولكن كل الثورات المضادة إلى زوال. والتاريخ أثبت أنه مهما طالت المدة أو قصرت، فمصيرها الهزيمة، والثورة الحقيقية سوف تنتصر.

هل تقصد أن ثورة 30 (يونيو) حزيران 2013 تمثل الثورة المضادة لـ25 يناير؟

&لم أقل ذلك، ولكن قلت إن بداية الثورة المضادة كانت يوم 19 مارس 2011، والإخوان كانوا شريكاً أساسياً في هذه الثورة المضادة. وعندما وصلت الجماعة للسلطة، كانت رؤية قياداتها تتمثل في تحويل الآلة البيروقراطية من يد الحزب الوطني المنحل، إلى أيديهم دون إصلاح، وبالتالي هم جزء من ثورة مضادة ضد مطالب ثورة 25 يناير.

جماعة الإخوان تعتبر نفسها فصيلاً ثورياً، ولكن مطالب الثورة هي التي تحدد إذا كان هذا الفصيل ثورياً أم لا. مطالب الثورة هي (العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية)، والجماعة لم تكن تؤمن بهذه المبادئ، بل استخدمتها في البداية، حتى تتمكن من الوصول إلى السلطة، وبالتالي يمكن القول إن قيادة جماعة الإخوان لم تكن تنتمي للثورة، ولكن هناك قواعد من الإخوان، كانوا يحلمون بالتحرر، و شاركوا في الثورة، والدليل أن الجماعة أو بالمعنى الأدق قيادتها، كانت ضد النزول يوم 25 يناير، ولكنهم استغلوا الزخم الثوري بالقفز على السلطة.

هل معنى ذلك أن جماعة الإخوان المسلمين ركبت الثورة واستغلتها لأهداف خاصة؟

&هم استغلوها لتحقيق أهداف ضيقة لجماعتهم ولمشروعهم ولطمس الهوية المصرية، فـ"30 يونيو" جاءت لتصحح مسار ثورة 25 يناير، والتأكيد على أنها ليست ثورة إسلامية قامت بها جماعة الإخوان، ولكن مثلما قفز الإخوان على "25 يناير"، قفزت الأجهزة الأمنية بأبواقها الإعلامية على "30 يونيو"، التي كانت انتفاضة شعبية حقيقية ضد الإخوان. وتم اختطاف الثورتين، ولم تتحقق مطالب أي منهما.

عندما خرجنا في ثورة 30 يونيو، لم نطلب أن يتم إقصاء جماعة الإخوان من السلطة فقط، ولكن المطالب الأساسية هي تحقيق مطالب ثورة 25 يناير، وهي "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية"، بجانب الحفاظ على الهوية الوطنية واستقلال الوطن. وكنا نتوقع أن نعيش حياة مدنية بعد 30 يونيو، ولكن لم تحدث.

ونرى الآن أن الدين يستخدم لمصلحة السلطة الحالية، مثل ما حدث مع الإخوان، فالمساجد تستخدم لصالح الحاكم، ويكفر الخطباء الخروج عليه. كما أن هناك أحكاماً قضائية بالسجن بتهمة ازدراء الأديان، ضد من وقفوا في صف "30 يونيو"، مثل إسلام بحيرى وفاطمة ناعوت، بالإضافة إلى اتهامات التخوين والعمالة للخارج التي تطال رموز ثورة يناير، وبعض رموز ثورة يونيو، مثل الدكتور محمد البرادعي.

بما أنك كنت مقرباً للدكتور محمد البرادعي، هل هو باع الثورة؟ وهل هو عميل لأميركا؟

كنت محظوظاً بالقرب من الدكتور البرادعي، والعلاقة بيننا سمحت لي أن أعرفه بشكل جيد، إنه رجل لديه قيم ومبادئ لم نتعوّد عليها في نخبتنا السياسية. ولذلك تقول الناس إنه "جاي من كوكب تاني"، فعلاً هو قادم من كوكب أحسن منا كثيراً، والرؤية المبدئية عنده واضحة، وكلنا تعلمنا منه، ولم يكن متماشياً مع أجواء النخبة السياسية.

أثبتت الأيام أن البرادعي يمتلك بصيرة نافذة، وأن رؤيته كانت الأوضح والأصح. وكل الاتهامات التي طالته، لم تكن إلا من قبيل التشهير، لاسيما أنهم يعلمون جيداً أنه الرجل الوحيد، الذي تجتمع عليه الغالبية العظمى من الشباب، والسياسي الوحيد الذي يصلح للقيادة، وبالتالي حاولوا إحراقه سياسياً، حتى نظل نقول إن الثورة ليست لها قيادة.

رغم أن البرادعي يحظى بحب الشباب، إلا أنه رفض الترشح للإنتخابات الرئاسية في 2012، ما أصابهم بالإحباط؟

أنا كنت قريباً من الدكتور البرادعي في هذا التوقيت، وحضرت لقاءً له مع السيسي عندما كان مديراً لجهاز المخابرات الحربية، في أوائل العام 2012، وكانت جلسة ضيقة ومغلقة وغير معلنة، وأذكر أن &السيسي واللواء محمد العصار عضو المجلس العسكري السابق، كانا يحاولان إقناع الدكتور البرادعي أن يترشح للإنتخابات الرئاسية، ويتراجع عن قراره الذي اتخذه بعدم خوض تلك الانتخابات، ولكن الدكتور البرادعي أصر على موقفه، وكانت حجته وجيهة جدًا، وقال إنه لن يترشح للإنتخابات الرئاسية &في ظل مناخ يعلم جيداً أنه لن يساعده على إجراء انتخابات تتسم بالنزاهة، ولا تتوافر فيه فرص متكافئة لجميع المرشحين. وكان يعلم جيداً أن الأجواء السياسية في مصر وقتها موجهة نحو تحقيق أهداف محددة.

كما أن المناخ الذي كان سائدًا في مجلس الشعب وقتها، هو دعم وصول الإخوان للحكم بكل الطرق، وكانت المساجد تعمل لصالح الإخوان. وفي الوقت الذي كان المجلس العسكري يقول إنه لا يستطيع تحييد الجوامع عن العملية السياسية والإنتخابية، تتحكم فيها السلطة حالياً، مما يثبت أنه كان هناك تعمد لعدم توفير أجواء نزيهة لإجراء الإنتخابات الرئاسية. هذا المشهد كان نصب عيني الدكتور البرادعي، ورأى أن اجراء الانتخابات الرئاسية بهذه الطريقة، يعني أن هناك اتجاهًا لاختيار رئيس يتوافق مع المجلس العسكري أو تابع له.

ولماذا تفاوض السيسي مع البرادعي لخوض الإنتخابات الرئاسية إذا كان المجلس العسكري يريد رئيسًا تابعًا له؟

كان المجلس العسكري السابق يريد جر الدكتور البرادعي إلى فخ مصنوع له بإحكام، من أجل إحراقه، والبرادعي كان يعلم ذلك.

والحق إنني في هذه الجلسة كنت أحاول الضغط عليه، ولكن رؤيته هذه جعلتني اسكت، وثبت أنه كان على حق، وكان الغرض من دفعه لنزول الانتخابات، هو السقوط في فخ الخسارة، "وبعد كده مش هيقدر يفتح بقه".

ولو ترشح البرادعي للانتخابات الرئاسية وقتها، لتم فتح النار عليه بشكل أكثر شراسة من القنوات الفضائية وخاصة القنوات الدينية، "اللي كان فتحها المجلس العسكري على البحري"، وعلى الرغم من أنني كنت ضده، إلا أنني اكتشفت فيما بعد أن رؤيته كانت الأصوب.

لكن البعض يعتقدون أن رفضه الترشح أوقع مصر في يد الإخوان والمجلس العسكري، وصولاً إلى الوضع الراهن؟

الفضل الأكبر لما حدث فى "30 يونيو" يعود إلى الدكتور البرادعي، "مش زى ما هما بيروجوا أن شخص واحد أنقذ البلد هو المشير السيسي"، المنقذ الحقيقي هو البرادعي، ولولا الدور الذي لعبه ورفضه الرضوخ للإخوان، لكنا&لا نزال حتى الآن تحت حكم الإخوان. الدكتور البرادعي رفض مقترحات وضغوط من قيادات المؤسسة العسكرية والسفارة الأميركية بمصر لخوض إنتخابات برلمانية تحت حكم الإخوان، من أجل إخراجها من المأزق السياسي الذي وضعت نفسها فيه، والحصول على شرعية برلمانية.

والغريب أنه تعرض لهجوم بعد ذلك من شخصيات نجحت الجماعة في استمالتها، لخوض تلك الإنتخابات. وهذه الشخصيات كانت قيادات بارزة داخل جبهة الإنقاذ التي عارضت مرسي، ولو رضخ البرادعي لتلك الضغوط، مثلما رضخ هؤلاء، لاستمر الإخوان في الحكم. البرادعي رفض كل الإغراءات التي قدمت له، وتمسك بموقفه، وثار ضد الجماعة.

ولماذا انسحب البرادعي من المشهد السياسي تماماً وغادر مصر مع فض اعتصام رابعة في 14 (أغسطس) آب 2013؟

أعلن البرادعي أسباب انسحابه من المشهد في استقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية، وهي أسباب وجيهة، وقد نختلف أو نتفق حول توقيتها، لكن سيظل البرادعي هو الأب الروحي للثورة وقيمها.

هل تعتقد أن للسيسي دورًا سلبياً في احتواء شباب الثورة بعد تنحي مبارك؟

&كان للسيسي دور مهم جداً في إدارة المشهد بعد رحيل مبارك، من خلال المجلس العسكري، بإعتباره أحد أهم قياداته، وتقييم هذا الدور متروك للناس في ضوء أداء المجلس العسكري بشكل عام.

&

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف