بيروت: "مركز تنصت" على الصراع في سوريا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
هيو سايكس
بي بي سي
تعد بيروت مركزا للصحفيين والدبلوماسيين يلجأون إليه لرصد وتحديد ما يحدث في سوريا، وما الذي قد يحدث بها في المستقبل.
تبعد العاصمة السورية دمشق 137 كيلومترا عن العاصمة اللبنانية بيروت. ومازال بالإمكان الذهاب إلى هناك بسيارة أجرة مقابل 150 دولارا. لكن إن كنت لا ترغب في الخضوع للقيود الشديدة التي تفرضها الاستخبارات السورية، فلا داعي لهذه الخطوة.
ويسود اعتقاد في بيروت بأن الرئيس السوري بشار الأسد وجيشه سيتحرك، مدعوما بالضربات الجوية الروسية، بعد طرد ما يعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية" من تدمر ليلحق هزيمة بهم على طول الطريق حتى معقلهم في الرقة.
ويعتقد كثير من المحللين في بيروت ممن قابلتهم بأن الدول الغربية وصلت إلى استنتاج يشوبه التردد (وإن كان غير معلن حتى الآن) بأن أسوأ خيار لسوريا هو بقاء بشار الأسد في السلطة رئيسا للبلاد بدعم روسيا وإيران وميليشيا حزب الله الشيعية في لبنان المدعومة من طهران.
ومن المفترض أن تقاتل الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى جانب روسيا وإيران وحزب الله وبشار الأسد، لاسيما، بحسب ما سمعت، "إذا عمدوا إلى محو الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة بأن السعودية صديقتهم وإيران عدوة لهم".
ويقول حسام مطر، الباحث في العلاقات الدولية في بيروت، هذا ليس نفاقا بل هو الواقع.
وأضاف لي ونحن نحتسي القهوة في مطعم في بيروت: "هذا هو ما يحدث الآن. القوى الغربية تدرك بأن التهديد الرئيسي لأمنها وللسلام الدولي، هو تنظيم "الدولة الإسلامية"".
ويقول مطر إنه منذ حدوث كوارث العراق وليبيا وخيبة الأمل الأخرى من (انتفاضات) الربيع العربي: "ساد الناس قلق بشأن الاستقرار، وليس بشأن الديمقراطية أو حقوق الإنسان أو الحرية". ويقول مطر مؤكدا "أعطني الاستقرار وبعد ذلك يمكننا السير بخطى بطيئة نحو الديمقراطية والحرية".
ويشير قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، الذي ووفق عليه بالإجماع في ديسمبر /كانون الأول 2015، إلى فترة انتقالية "بقيادة سورية وملكية سورية"، بدون الإشارة إلى ضرورة مغادر بشار الأسد السلطة أم لا.
ولم يرد ذكر كلمة "رئيس" ولا كلمة "الأسد" في متن القرار. وبموجب الدستور السوري يعتبر "المارشال بشار الأسد" قائدا أعلى للقوات المسلحة السورية.
كما يوجد عيب آخر خطير في خارطة الطريق المقترحة بشأن الديمقراطية في سوريا. إذ يقضي القرار الأممي بإجراء انتخابات في يونيو/حزيران 2017، ولم يذكر القرار إذا كان يمكن للأسد أن يكون مرشحا فيها.
ويوجد نحو 4 ملايين لاجئ سوري في الأردن وتركيا ولبنان، استطعت أن أقابل الكثير منهم خلال السنوات الخمس الماضية.
وقال جميعهم لي إنه لا يوجد سبيل للعودة إلى الوطن للتصويت في انتخابات تحدد مصير بقاء الأسد في السلطة أم لا.
ويقولون إنهم لن يشعروا بالأمان طالما بقت الشرطة السرية للمخابرات عنصرا فاعلا، ويساورهم الخوف من العقاب بوحشية لفرارهم من البلاد.
وقالت مؤيدة للأسد في بيروت، فضلت عدم ذكر اسمها، بنبرة غاضبة إن اللاجئين يستحقون العقاب.
وأضافت: "إنهم خونة. كان ينبغي لهم أن يبقوا في سوريا لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية"".
وعندما أشرت إليها بأن معظمهم فروا من البراميل المتفجرة التي كانت تلقيها قوات الحكومة بلا تمييز، وليس تنظيم "الدولة الإسلامية"، قالت إن القوات الجوية السورية استخدمت البراميل المتفجرة "لأنهم لا يملكون أي صواريخ موجهة".
وقبل عامين، عندما بدا أن الأسد يخسر المعركة، أسرع حزب الله اللبناني إلى دعمه لأن هزيمته كان لا يمكن تصورها بالنسبة للبنان المجاور.
وقال لي الصحفي علي رزق: "تصور أن ذلك حدث في سوريا، إسقاط الحكومة، ووجود تنظيم "الدولة الإسلامية"، الشبيه بطالبان على أعتابنا. كانوا سيدخلون إلى لبنان. ربما كان ذلك بمثابة انتحار لحزب الله إذا لم يتدخل".
رجل قويوفي قرية شياح الواقعة جنوبي بيروت، دعاني أحد الداعمين للحكومة السورية من البنانيين البارزين، وهو سليم زهران، لمكتبه الذي يضع عليه صورة التقطت له في مايو/أيار الماضي وهو جالس مع الرئيس بشار الأسد.
قال لي: "زرته كثيرا".
سألته: "كيف حاله؟"
أجابني: "كعادته، رجل قوي. الحديث عن رحيل بشار الأسد من السلطة أصبح غير مجد على الإطلاق".
لكنه أعطاني مفتاحا مهما يشير إلى احتمال وجود بعض التغييرات. وكشف عن مفاوضات تجرى عن بعد بين دبلوماسيين إيرانيين وجماعات المعارضة في سوريا في السفارة الإيرانية في بيروت.
لكن توجد أيضا في بيروت معارضة شديدة لفكرة احتمال بقاء الأسد الذي يتزعم حزب البعث في السلطة رئيسا للبلاد، على الأقل حتى نهاية الفترة الانتقالية المقترحة والمحددة بعامين.
وتقول مها يحيى، من مؤسسة كارينغي للسلام الدولي، في بيروت: "البقاء في السلطة جعل الشعب يتعرض لقصف البراميل المتفجرة بأوامر الأسد، كما أصبح استخدام الأسلحة الكيمائية من قبيل الجنون الشديد، حتى خلال الفترة الانتقالية".
وأضافت أن الأسد "سيتسغل تلك الفترة لنشر معداته الأمنية لتقويض أي نوع من الإصلاح".
وقالت: "سيكون ذلك بمثابة انتقال يخضع لعقوبات من المجتمع الدولي، ولن يعرف أحد ما يحدث بالفعل حتى ينفجر الأمر في وجوههم".