طرح علامات استفهام عن خدمته للأمن القومي
أسلوب مكتب التحقيقات الفيدرالي يثير التساؤلات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يتعرض مكتب التحقيقات الفيدرالي الى انتقادات من خبراء أمنيين ومنظمات حقوقية على خلفية تصنيعه قضايا الارهاب، وذلك من خلال عمليات ايقاع يستخدم فيها مخبرين سريين يشجعون المشتبه فيه.&
نيويورك: اعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي في ليلة رأس السنة الجديدة عن القاء القبض على الشاب ايمانويل لاتشمان بتهمة التخطيط لتنفيذ هجوم مسلح على المدنيين خلال احتفالات رأس السنة في منطقة روتشستر في نيويورك بتوجيه من تنظيم الدولة الاسلامية "داعش".& وقرر سكان المنطقة بعد الاعلان الغاء احتفالاتهم ولكن مساعد المدعي العام جون كارلن طمأنهم بالقول ان الاجهزة الأمنية تمكنت من التدخل واحباط مخطط لاتشمان قبل تنفيذه.
وفي الحقيقة ان الأجهزة الأمنية قامت بأكثر من التدخل، فهي ساعدت لاتشمان المتسول المختل عقلياً على تخطيط المؤامرة وتنفيذها، وتقول عائلة لاتشمان ان ما اثار اهتمام مكتب التحقيقات الفيدرالي به هو تعليقاته النارية على فايسبوك. وتبين وثائق القضية ان المكتب استخدم ثلاثة مخبرين لبناء قضية ضده. ويُزعم ان لاتشمان قال للمخبرين المدسوسين عليه انه يكره اميركا وانه على اتصال مع "أخ" من داعش في الخارج لأنه يريد السفر.&
تساؤلات
واقترج لاتشمان على المخبرين الذين كسبوا ثقته استهداف حانة طُرد منها سابقاً بسبب تسوله فيها، وفي النهاية اشترى لاتشمان وأحد المخبرين ما قيمته 40 دولارا من المواد بينها حربة وشريط لاصق وسكاكين. وكان لاتشمان مفلسا فتولى مخبر مكتب التحقيقات الفيدرالي دفع الفاتورة. وهكذا ضُبط لاتشمان متلبسا بالجرم المشهود الذي ساعد مكتب التحقيقات الفيدرالي في دفعه اليه.&
واثارت قضية لاتشمان واستدراجه تساؤلات عما إذا كان قادرا بحق على ايذاء أحد أم انه كان يثرثر عن تنفيذ هجوم بمساعدة اشخاص مدفوعي الأجر كانت مهمتهم تشجيعه، ففي تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز مؤخرا قالت الصحيفة ان مكتب التحقيقات الفيدرالي يعتمد بصورة متزايدة على عمليات سرية كتلك التي اوقعت بالمتسول ايمانويل لاتشمان في حربه ضد داعش.&&
وفي عام 2014 كانت 30 في المئة من القضايا القانونية ضد متهمين بالتورط &مع داعش تتضمن عمليات استدراج وإيقاع كهذه، ومنذ عام 2015 تضاعف هذا الرقم أكثر من مرتين. وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي ان هذه الزيادة تعود الى تغيير مدروس استراتيجيته ضد داعش، كما وكشف لصحيفة نيويورك تايمز ان الاعتماد على عملاء سريين يعكس نفوذ داعش المتزايد وتصميم المكتب على اجهاض هجماته قبل تنفيذها.&
ولكن مايكل جيرمان، الضابط السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، قال لصحيفة نيويورك تايمز ان المكتب "يقوم بتصنيع قضايا ارهاب" وفي حالات كثيرة يكون الأشخاص الذين يجري الايقاع بهم&بعيدين كل البعد عن تهديد الولايات المتحدة.&
دفعٌ نحو الجريمة
تاريخياً يلجأ مكتب التحقيقات الفيدرالي الى عمليات كهذه للايقاع بالمشتبه فيه&من خلال مخبرين سريين يكسبون ثقته كحل أخير لأنها تتطلب الكثير من التحضير وتعرض المكتب الى تهمة دفع المشتبه فيه دفعاً الى ارتكاب جريمة، وابدى حقوقيون تحفظهم بشأن عمليات كهذه تشخص اهدافها على اساس نشاط اجرامي من المحتمل ان يمارسه المشتبه به وليس نشاطاً اجرامياً فعلياً.
ومنذ هجمات 11 سبتمبر عمد مكتب التحقيقات الفيدرالي الى التوسع في استخدام المخبرين السريين الذين يتعاقد معهم ليس لمراقبة المشتبه فيه فحسب، بل في بعض الحالات لاختراع جريمة وتسليح المشتبه فيه وتمويله ودعوته الى المشاركة في الجريمة.&
وتقول مجلة نيويوركر ان الصحافي تريفور ارنسون بعد تحليله 500 قضية ارهاب أُحيلت الى القضاء منذ هجمات 11 سبتمبر وجد ان مخبرا سريا قام بدور ما في نصف هذه القضايا تقريبا، وفي قضية تعود الى عام 2011 قام مخبر يعمل لمكتب التحقيقات الفيدرالي بإعداد مخطط هجوم على البنتاغون ومبنى الكونغرس واستدرج الى مساعدته في المخطط رضوان فردوس الذي لم تكن له سوابق جنائية وكان يعالج وقتذاك من كآبة شديدة حتى انه كان يستخدم حفاضات بعد ان فقد السيطرة على مثانته، واعترف فردوس بدوره في المخطط وحُكم عليه بالسجن سبع سنوات.
وفي قضية المتسول لاتشمان من الصعب التكهن بما كان سيفعله لو لم يشجعه مكتب التحقيقات الفيدرالي على المضي قدما في مؤامرته وتزويده بالمواد اللازمة لتنفيذ الهجوم، وبحسب عائلة لاتشمان فانه يُعالج بالعقاقير من الاضطراب النفسي منذ طفولته، وحين كان في السادسة عشرة اعترف بسرقة هاتف خليوي وقبعة وبطاقة لركوب الحافلة وسجائر، وحكم عليه بالسجن خمس سنوات، وفي السجن اعتنق الاسلام. وفي اليوم الذي سبق القاء القبض عليه شوهد يبحث بين النفايات عن اعقاب سجائر ويتسول خارج قاعة رياضية وحانة في منطقة روتشستر، وشكك عمر لاتشمان، والد ايمانويل، في علاقة ابنه بداعش قائلا: "ان من السهل التغرير به".
الأمن القومي
إلى ذلك، اثارت اساليب مكتب التحقيقات الفيدرالي وعملياته في الايقاع بالمشتبه بهم تساؤلات عما إذا كانت تخدم الأمن القومي، وكان مدير المكتب السابق روبرت مولر اعلن في افادة امام احدى لجان الكونغرس ان منع وقوع هجمات ارهابية في الولايات المتحدة يعتمد في جانب منه على قوة تعاون مكتبه مع المسلمين الاميركيين.&
لا شك في ان نجاح داعش في تجنيد اميركيين يشكل خطرا حقيقيا على أمن الولايات المتحدة. وتشير تقديرات الحكومة الاميركية الى ان 250 اميركيا على الأقل حاولوا الالتحاق بالجهاديين في سوريا، ولكن حقوقيين يؤكدون ان مواجهة هذا الخطر لا تتطلب يقظة الأجهزة الأمنية فحسب بل مراقبتها هي&لكي لا تسيء استخدام الأدوات المتاحة لها بطرق تسبب من المشاكل أكثر مما تحله.
أعدت إيلاف هذه المادة عن مجلة "نيويوركر" على الرابط أدناه: