حماسة بين المقاتلين الليبيين في سرت بعد الضربات الاميركية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سرت: خلف سور اسمنتي يحميه من قناصة تنظيم الدولة الاسلامية في مدينة سرت، يعبر محمد الاحجل ومقاتلون موالون لحكومة الوفاق الليبية عن حماستهم للضربات الاميركية التي رفعت من معنوياتهم بعد الخسائر الكبيرة في صفوفهم.
ويقول محمد الذي يرتدي سترة عسكرية واقية من الرصاص فوق قميص اسود من دون اكمام ويعتمر قبعة رعاة البقر بنية اللون لوكالة فرانس برس "التدخل الاميركي الاخير جيد جدا، والضربات جيدة جدا، وقد استهدفت مواقع حساسة لتنظيم داعش".
ويضيف "نتمنى ان تتكثف الضربات في الايام المقبلة حتى نتمكن من تحقيق التقدم الميداني الذي نتطلع اليه".
في باحة منزل مهجور يبعد، بحسب ما يقول المقاتلون، اقل من 250 مترا عن "اقرب نقطة لداعش"، يستريح حوالى عشرة مقاتلين من سرية "صقور مصراتة"، على ان يعودوا الى الجبهة عندما تنتهي فترة خدمة زملاء لهم في السرية ويأتي دورهم في الاستراحة.
ويمكن رؤية آثار رصاص في جدران المنزل الخارجية وآثار قذيفة هدمت جزءا صغيرا من المنزل.
ويقف خالد الغوش بين مجموعة من زملائه خلف سور اسمنتي آخر كتبت عليه عبارة "الله اكبر". ويؤكد المقاتل الليبي ان "المعنويات ارتفعت خصوصا بعد القصف الاخير لاصدقائنا الاميركيين".
ويتابع "ما شاء الله، كانت ضربات ممتازة. في المستقبل، ان زادت هذه الضربات، فلن يتأخر النصر".
- شاطئ وسواتر -
وبدأت الولايات المتحدة الاثنين تنفيذ ضربات جوية ضد مواقع واليات لتنظيم الدولة الاسلامية في سرت (450 كلم شرق طرابلس) بطلب من حكومة الوفاق الوطني المدعومة من المجتمع الدولي والامم المتحدة.
وجاءت الضربات الاميركية لتساند القوات الحكومية في عمليتها العسكرية الهادفة الى استعادة سرت من ايدي التنظيم الجهادي والتي قتل فيها منذ انطلاقها في ايار/مايو اكثر من 300 من مقاتلي هذه القوات المؤلفة من جماعات مسلحة ووحدات من الجيش المفكك.
وتخوض القوات الحكومية المجهزة بسيارات رباعية الدفع محملة باسلحة رشاشة ومضادة للطائرات، وبعدد محدود من الدبابات، حرب شوارع في سرت في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية الذي يعتمد على القناصة والسيارات المفخخة والالغام التي زرعها بين المنازل.
وقال المتحدث باسم عملية "البنيان المرصوص" (الاسم الذي اطلق على معركة سرت) العميد محمد الغصري الاربعاء ان اعداد قتلى القوات الحكومية تعتبر "كبيرة جدا جدا"، مضيفا "طلبنا المساعدة (الاميركية) لتخفيف الاضرار". واشار الى ان "هناك اكثر من مئة مقاتل باطراف مبتورة، وهناك حالات موت سريري عديدة وجرحى في حالات خطيرة" نتيجة المعارك.
وتخسر القوات الحكومية العديد من مقاتليها كلما حاولت التقدم بين المنازل المفخخة.
على الشاطئ في غرب سرت، يجلس مقاتل مرتديا بزته العسكرية قبالة البحر بالقرب من نقطة مراقبة صغيرة مؤلفة من سجادة تتكئ على عصي خشبية في ما يشكل خيمة صغيرة، الى جانب سواتر ترابية ومجموعة من الفرش الملونة.
تحت السجادة البنية، يحتمي مقاتلان آخران من الشمس الحارقة وقربهما علب من سمك التونة، يحمل احدهما منظارا زيتي اللون يستخدمه بين وقت وآخر، بينما يحمل الآخر رشاشا.
ولم تتمكن وكالة فرانس برس من الوصول الى الخطوط الامامية للجبهة في سرت، لكن الاحياء التي تسيطر عليها قوات حكومة الوفاق الوطني والخالية من السكان كانت تشهد الاربعاء هدوءا.
رغم الهدوء الذي ياتي بعد معارك عنيفة في نهاية الاسبوع الماضي ومطلع الاسبوع الحالي، يلتزم المقاتلون الحذر، ويحاولون الاحتماء من رصاص القنص في الاماكن التي يعتبرونها مكشوفة.
ويرى المقاتل عبد الرحمن القط ان الغارات الاميركية ستساعد على اعطاء زخم جديد للعملية العسكرية.
ويقول "كل يوم أفضل من الذي قبله. ما شاء الله، الطائرات الاميركية دخلت الاجواء وساعدتنا في ضرب بعض المواقع. هذا كله بفضل الله وبفضل قادتنا. كنا ننتظرها، ونحن متاكدون انها ستكون سندا لنا".
- "دمك حياة لغيرك" -
عند مدخل سرت الغربي، اقامت القوات الحكومية مستشفى ميدانيا يستقبل الجرحى ويقدم لهم الاسعافات الاولية قبل نقلهم الى المستشفى المركزي في مدينة مصراتة، مركز قيادة العملية العسكرية.
ويتألف المستشفى من غرفة عمليات وغرفة اسعافات اولية تتوزع في ارجائها عشرات الاسرة وانابيب الاوكسيجين البيضاء الضخمة وطاولات مغطاة بقطع من القماش الابيض وقد وضعت عليها مقصات طبية ومعدات جراحية.
وينشر المستشفى الميداني على صفحته في موقع "فيسبوك" اسماء وصور جرحى وقتلى القوات الحكومية.
كما يروج المستشفى لحملة تطالب عناصر القوات الحكومية بارتداء الخوذات والسترات الواقية من الرصاص. وكتب تحت صورة لسترة وخوذة "نظرا لما يحصل من اصابات مباشرة في الرأس والصدر والبطن (...) ساهم معنا في توعية مقاتلينا حول ارتداء الخوذة وواقي الرصاص".
في موازاة هذه الحملة، تروج الصفحة لحملة اخرى تطالب المواطنين بالتبرع بالدم لصالح جرحى القوات الحكومية تحت شعار "دمك حياة لغيرك. تبرع بالدم لخدمة ابناء وطنك الغالي".
في طرابلس، تنتشر على الطرق الرئيسية لوحات اعلانية ضخمة تدعو الى التبرع بالمال لصالح المقاتلين الليبيين تحت عنوان "حملة جاهد لمحاربة التطرف والارهاب: زكاتك جهاد في سبيل الله لدحر الخوارج البغاة".
في هذا الوقت في مصراتة، المعنويات الى ارتفاع.
ويقول عضو في المجلس البلدي لسرت فضل عدم الكشف عن اسمه لفرانس برس "الضربات الاميركية ستسرع العملية، لكن المقاتلين على الارض هم من سياتون بالنصر".
ويضيف "جثث عناصر تنظيم الدولة الاسلامية تنتشر في الطرق، وكذلك القمامة ومخلفات الحرب. نحن ننتظر بفارغ الصبر حتى نعود الى سرت وننظفها من كل ذلك".