واشنطن تتمسك بالأمل بينما تغرق سوريا في الدماء مجددًا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نيويورك: فيما تغرق سوريا مرة اخرى في سفك الدماء، وبعد ان اوقفت الامم المتحدة قوافل مساعداتها الانسانية في البلد المضطرب الثلاثاء، تسعى الدول الكبرى جاهدة الى اقناع نفسها بان وقف اطلاق النار يمكن انقاذه.
واكد وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان المساعي الاميركية الروسية للتوصل الى وقف لاطلاق النار في الحرب الدائرة منذ اكثر من خمس سنوات "لم تنته"، ووعد باستئناف المحادثات الدولية هذا الاسبوع.
وايد الرئيس الاميركي باراك اوباما وزيره وقال بعد وقت قصير من تصريحاته ان الدبلوماسية هي الطريق الوحيد لانهاء الحرب، مؤكدا انه لا يمكن تحقيق نصر عسكري حاسم، وعلينا ان نبذل جهودا دبلوماسية حثيثة تهدف الى وقف العنف وتوصيل المساعدات للمحتاجين".
الا ان تصريح كيري الحاسم بعد اجتماع مقتضب في نيويورك للمجموعة الدولية لدعم سوريا، لم تخف جو التشاؤم بين وزراء خارجية دول المجموعة. ووصل كيري الى الاجتماع مع نظيره الروسي سيرغي لافروف ليتراس المجموعة التي تضم 23 دولة.
والعلاقات بين اعضاء المجموعة متوترة بعد الغارة الجوية التي شنها التحالف خطأ وادت الى مقتل اكثر من 60 جنديا سوريا السبت. والاثنين بدا ان المفاوضات محكوم عليها بالفشل بعد ان اعلن الجيش السوري انتهاء وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه بوساطة اميركية روسية، واصابة قافلة مساعدات تابعة للامم المتحدة في غارة جوية.
الا ان كيري انتهز فرصة اجتماع اعضاء مجموعة الدعم في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة ليجري محادثات ازمة. ورغم ان جو المحادثات كان قاتما ولم تثمر عن نتائج، الا انها شكلت فرصة لكيري ومبعوث السلام الدولي لسوريا ستافان دي ميستورا للتاكيد على ان العملية لم تنهار.
ولم تستمر المحادثات اكثر من ساعة، وقال المشاركون فيها ان الجو كان متوترا وجديا.
وصرح جون كيربي المتحدث باسم كيري ان الوزراء "اتفقوا على انه رغم استمرار العنف الا انه لا يزال من الضروري السعي للتوصل الى وقف للعداوات في جميع انحاء سوريا يستند الى الترتيب الذي تم التوصل اليه الاسبوع الماضي في جنيف بين الامم المتحدة وروسيا.
وصرح وزير خارجية بريطاني بوريس جونسون للصحافيين ان "الجو السائد كان ان احدا لا يريد التخلي عن وقف اطلاق النار". واضاف "بصراحة فان عملية كيري ولافروف هي المساعي الوحيدة الان وعلينا ان نعيدها الى مسارها".
وصرح وزير خارجية فرنسا جان-مارك ايرلوت ان الاجتماع كان متوترا، الا انه قال ان على الدول الاخرى ان تساعد موسكو وواشنطن الان في التغلب على الخلافات. وقال "لقد كان اجتماعا دراماتيكيا، والجو العام كئيب. هل يوجد امل؟ لا استطيع الاجابة عن ذلك بعد، لكن علينا ان نبذل كل ما بوسعنا".
واضاف "المفاوضات الاميركية الروسية وصلت الى حدها. والكثير لم يقل بعد. الروس والاميركيون لا يمكنهم ان يقوموا بذلك لوحدهم". وبدون التوصل الى وقف لاطلاق النار، فستفشل محاولات ايصال المساعدات للمدنيين الذين يعانون من الجوع او التوسط في اجراء حوار سياسي.
وقال اميل حكيم من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية لوكالة فرانس برس "فشل وقف اطلاق النار يعني ان شقي المقاربة الاخرين سيفشلان".
"هجوم وحشي"
وطالب مسؤولون اميركيون روسيا بتحمل مسؤولية ما قالوا انه ضربة جوية شنتها الطائرات الروسية او السورية على قوافل المساعدات الدولية قرب مدينة حلب. الا ان وزارة الدفاع الروسية نفت اي دور لها في الهجوم وحاولت توجيه الاتهام الى الفصائل المسلحة التي تقاتل ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد.
كما نفى الجيش السوري علاقته بالغارة. ودان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون "الهجوم المشين والوحشي الذي يبدو انه متعمد" الذي ادى الى مقتل نحو 20 شخصا.
واكد وزير خارجية المانيا فرانك-والتر شتاينماير ان الهجوم سمم اجواء اجتماع مجموعة دعم سوريا حيث كان المشاركون يشعرون ب"الاستياء الشديد".
وقال "كان الجميع مدركون اننا نجد انفسنا مرة اخرى على اعتاب سوريا". واضاف "لا يوجد سوى مسار وحيد للحل في سوريا وهو بذل الجهود الجديدة دائما لخفض مستوى العنف. ولتحقيق ذلك على القوى الاقليمية ان تبذل المزيد من الجهود".
اشتعال القتال
ميدانيا، تعرضت الاحياء الشرقية في مدينة حلب الثلاثاء لقصف مدفعي وجوي كثيف. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان بسقوط اكثر من 27 برميلا على شرق المدينة خلال النهار، بعد قصف كثيف مساء الاثنين استمر حتى ساعات الصباح الاولى.
وقال مراسل لوكالة فرانس برس ان سكان هذه الاحياء لازموا منازلهم خشية من القصف. وفي الاحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام، تعرض حي الموكامبو للقصف.
وتسببت غارات على قافلة مساعدات في بلدة اورم الكبرى في ريف حلب الغربي امس بمقتل "نحو عشرين مدنيا وموظفا في الهلال الاحمر السوري بينما كانوا يفرغون مساعدات انسانية حيوية من الشاحنات"، وفق ما اعلن الاتحاد الدولي للصليب الاحمر والهلال الاحمر السوري.
ونعى الهلال الاحمر في حلب رئيس شعبته في اورم الكبرى عمر بركات اضافة الى عدد من سائقي الشاحنات وعمال تفريغ المواد الذين قضوا خلال القصف. واعلن في بيان تعليق جميع اعماله في محافظة حلب ثلاثة ايام.
وقال الاتحاد الدولي للهلال الاحمر والصليب الاحمر ان غارة الاثنين دمرت 18 الى 31 شاحنة على الاقل اضافة الى مخزن تابع للهلال الاحمر. وقال الاتحاد ان "قسما كبيرا من المساعدات دمر" مؤكدا ان "الهجوم يحرم الاف المدنيين من المساعدات الغذائية والطبية الضرورية".
ويأتي استئناف القصف وتحديدا في محافظة حلب بعد اعلان الجيش السوري مساء الاثنين انتهاء مفعول سريان الهدنة. وتبادلت روسيا والولايات المتحدة الاتهامات منذ ايام حول اعاقة تنفيذ الاتفاق. وقال الكرملين الثلاثاء انه لا يمكن اعادة العمل بالهدنة في سوريا ما لم يوقف "الارهابيون" هجماتهم.
"نستعد للبراميل"
على جبهات اخرى، شهدت الغوطة الشرقية قرب دمشق اشتباكات عنيفة بعد ساعات على اعلان الجيش السوري بدء عملية واسعة ضد الفصائل المقاتلة. وتردد دوي المعارك بين الطرفين خلال ساعات الليل حتى صباح الثلاثاء.
وفي وسط البلاد، قال الناشط المعارض حسان ابو نوح لفرانس برس ان قوات النظام استهدفت بالمدفعية مدينة تلبيسة، احدى ابرز معاقل الفصائل المعارضة في محافظة حمص.
وفي محافظة ادلب (شمال غرب)، حلقت الطائرات الحربية في اجواء مناطق عدة بينها مدينة سلقين التي تسيطر عليها جبهة فتح الشام المتحالفة مع فصائل مقاتلة.
وقال الناشط المعارض نايف مصطفى لفرانس برس "الوضع هادئ حاليا، لكن خلال الليل قصف الطيران بالرشاشات الثقيلة المدينة". واضاف "انهارت الهدنة والناس تستعد مجددا لتلقي البراميل. هذا هو حالنا".
وانهارت كافة الهدن التي تم التوصل اليها سابقا بموجب اتفاقات اميركية روسية، في محاولة لانهاء النزاع الذي تسبب بمقتل اكثر من 300 الف شخص في سوريا.
من ناحية اخرى صنفت الولايات المتحدة جماعة "جند الاقصى" الجهادية السورية رسميا منظمة "ارهابية عالمية"، فيما تتواصل المحادثات لاستئناف وقف اطلاق النار في سوريا.
وقالت وزارة الخارجية الاميركية ان الجماعة التي ظهرت قبل اربع سنوات كانت في الاساس وحدة في جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، قبل ان تنشق عنها.