كولومبيا توقع اتفاقًا تاريخيًا مع متمردي "فارك"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كارتاهينا: تعيش كولومبيا الاثنين يومًا تاريخيًا مع توقيع اتفاق السلام الذي تم التوصل اليه مع متمردي "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك) لانهاء اكثر من نصف قرن من حرب اسفرت عن ملايين الضحايا.
وسيوقع الاتفاق الذي تم التوصل اليه في هافانا في 24 اغسطس الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس وقائد حركة التمرد الماركسية رودريغو لوندونيو المعروف باسميه الحركيين "تيموليون خيمينيز" او "تيموشنكو".
خاضت حركة التمرد "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك) كفاحا مسلحا استمر اكثر من نصف قرن حتى التوصل الى اتفاق في 24 اغسطس سيوقع الاثنين في مدينة كارتاهينا.
في ما يلي المراحل الخمس الاساسية التي مرت بها حركة التمرد الماركسية المدعوة الى التحول الى حركة سياسية شرعية:
- 1964: التأسيس
يعتبر السابع والعشرون من مايو 1964 تاريخ ولادة "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" لانه اليوم الذي شهد اول معركة لمجموعة من الفلاحين بقيادة بيدرو انطونيو مارين الذي عرف باسمه الحركي مانويل مارولاندا فيليز او "تيروفيخو"، بعد هجوم للجيش على ماركيتاليا البلدة الواقعة في وسط كولومبيا التي كانت تعتبرها حكومة الرئيس حينذاك غييرمو ليون فالنسيا "جمهورية مستقلة" تميل الى الشيوعية.
- 1984 و1991 و1999: ثلاث عمليات سلام وثلاثة اخفاقات
اول محاولة حوار للسلام بين الحكومة و"فارك" بدأت في 28 مارس 1984 برئاسة بيليساريو بيتانكور من اجل هدنة ثنائية. هذه المفاوضات اخفقت في 1987 مثل الجولات التي تلت في 1991 في عهد سيزار غافيريا و1999 في عهد اندريس باسترانا. وهذه العملية الاخيرة استمرت حتى 2002 وتعرف باسم "حوارات كاغان" المنطقة المنزوعة السلاح التي تبلغ مساحتها 42 الف كيلومتر مربع في جنوب البلاد حيث تجمع المقاتلون خلال المحادثات.
- تسعينات القرن العشرين: تصعيد من قبل المتمردين
تحمل تسعينات القرن الماضي ذكرى استراتيجية "فارك" التي تشمل عمليات خطف مدنيين للحصول على فديات وهجمات على القرى وعلى قواعد عسكرية ومراكز للشرطة. ومن اشهر هذه العمليات السيطرة على بلدة ميتو في الامازون في 1998، الذي اسفر عن سقوط 37 قتيلا واحتجاز 61 شرطيا، وكذلك مجزرة بوخايا في 2002 التي قتل فيها 79 شخصا.
لكن القضية التي كان لها اكبر اثر مدو في الخارج كانت على الارجح خطف المرشحة السابقة للرئاسة انغريد بيتانكور في 2002. وخطف هذه السيدة الفرنسية الكولومبية شكل رمزا لمأساة الكولومبين المحتجزين لدى المتمردين بعضهم لعشر سنوات.
- الالفية الجديدة: خطة "كولومببيا لمكافحة المخدرات" وهجوم الدولة
اطلقت الولايات المتحدة وحكومة اندريس باسترانا في العام 2000 "خطة كولومبيا لمكافحة تهريب المخدرات" التي وسعت بعد ذلك لتشمل المتمردين. بذلك بدأ عقد من هجوم شرس على "فارك" في عهد الرئيس الفارو اوريبي (2002-2010) الذي اقسم على دحر المتمردين عسكريا.
في 2008 وبعد موت "تيروفيخو" لاسباب طبيعية كما يبدو، قتل الجيش لويس ادغار ديفيا الملقب راول رييس المسؤول الدولي لفارك في عملية جرت في الاكوادور بالقرب من الحدود.
تواصل ضرب حركة التمرد في عهد الرئيس خوان مانويل سانتوس: في 2010 قتل خورغي بريسينيو الملقب "مونو خوخوي" في قصف، ثم في 2011 سقط غييرمو سينز الملقب الفونسو كانو خليفة "تيروفيخو".
- 2012: على طريق انهاء المواجهة
في 18 اكتوبر 2012 وبمبادرة من دوس سانتوس وزعيم "فارك" الجديد رودريغو لوندونيو الملقب تيموليون خيمينز "تيموشينكو"، بدأت في اوسلو عملية سلام جديدة. وقد دشنت رسميا في نوفمبر في هافانا بحضور كوبا والنروج كدولتين ضامنتين، وتشيلي وفنزويلي كدولتين مواكبتين للمفاوضات.
بعد اربع سنوات وفي 24 اغسطس 2016، اعلن متمردو "فارك" والحكومة التوصل الى اتفاقات سلام.
وسيوقع الاتفاق رسميا بحضور عدد كبير من المسؤولين والشخصيات الاجنبية الاثنين في مدينة كارتاهينا في يوم تاريخي لكولومبيا. وستعرض هذه الوثائق على الكولومبيين ليصوّتوا عليها في استفتاء مقرر في الثاني من اكتوبر.
سيلقي كل منهما كلمة في حفل توقيع الاتفاق الذي يبدأ في الساعة 17:00 (22,00 ت غ) في باحة مركز المؤتمرات في كارتاهينا المنتجع الذي يوصف بانه "لؤلؤة الكاريبي"، بحضور حوالى 2500 شخص دعوا الى ارتداء ملابس بيضاء، وبينهم عدد من ضحايا النزاع.
وقال الرئيس سانتوس الاحد "اشعر بفرح كبير للكولومبيين". واضاف "اشعر ببعض الرهبة من التحدي الذي ينتظرنا، المتمثل ببناء السلام. هذا الامر سيتطلب جهدا كبيرا جدا من قبل كل الكولومبيين". وينتظر وصول 15 رئيس دولة اميركية لاتينية، من بينهم الكوبي راوول كاسترو، الذي وصل الاحد، واستضافت بلاده لاربع سنوات مفاوضات السلام التي جرت برعاية النروج وفنزويلا وتشيلي ايضا.
قلم حبر مصنوعة من رصاصة
بين الشخصيات الاخرى المدعوة الى هذا الحدث غير المسبوق، الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ونظيره لمنظمة الدول الاميركية لويس الماغرو ووزيرا خارجية الولايات المتحدة جون كيري والفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين.
وستحضر المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ونظيرها على رأس البنك الدولي جيك يونغ كيم المراسم التي ستستغرق سبعين دقيقة وتبث على التلفزيون مباشرة.
في المجموع، سيحضر وزراء خارجية 27 بلدا، بينهم النروجي بورجي بريندي، وملك اسبانيا السابق خوان كارلوس والرئيسان السابقان للاوروغواي خوسيه موخيكا والمكسيك ارنستو زيديو، ورئيس الحكومة الاسبانية السابق فيليبي غونزاليس وكذلك الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان.
وستسبق الحفل مراسم تكريم في الساعة الثامنة (13,00 ت غ) من قبل الرئيس سانتوس لقوات الامن. وفي الساعة 12,00 سيترأس الكاردينال بارولين في كنيسة سان بيدرو كلافر "صلاة من اجل المصالحة بين كل الكولومبين" تجري في الوقت نفسه في "كل اماكن العبادة" في البلاد. وبعد ذلك ستقام مأدبة غداء بحضور الرئيس الكولومبي وكل ضيوفه.
سيوقع سانتوس الاتفاق بقلم حبر تم صنعه من رصاصة رشاش ثقيل او بندقية استخدم اثناء الحرب سمي "باليغرافو". وقد حفرت عليه عبارة "الرصاص كتب ماضينا، والتعليم هو مستقبلنا". وسيقدم نموذج منه بعد ذلك الى كل رئيس دولة والامين العام للامم المتحدة.
وصادقت حركة "فارك"، التي انبثقت في 1964 عن تمرد للفلاحين، وتضم اليوم نحو سبعة آلاف مقاتل، على اتفاق السلام الجمعة خلال مؤتمر وطني نظم في ال ديامانتي في قلب معقلها التاريخي في كاغوان (جنوب شرق).
حركة تمرد ثانية تعلن هدنة
شاركت في النزاع المسلح على مر العقود عدد من مختلف حركات التمرد اليساري المتطرفة بينها "جيش التحرير الوطني" التي تؤمن بمبادئ تشي غيفارا، والتي ما زالت ناشطة بعديدها البالغ 1500 مقاتل، وقوات شبه عسكرية يمينية متطرفة والقوات المسلحة.
وقد اسفر هذا النزاع عن سقوط اكثر من 260 الف قتيل، و45 الف مفقود ونزح 6,9 ملايين شخص من بيوتهم. واعلنت حركة "جيش التحرير الوطني" الاحد هدنة من جانب واحد طوال الفترة التي تسبق الاستفتاء الذي سيجري في الثاني من اكتوبر الذي يفترض ان يوافق فيه الناخبون على اتفاق السلام ليدخل حيز التنفيذ.
وقال بابلو بيلتران زعيم "جيش التحرير الوطني" في مقابلة مع الاذاعة الناطقة باسم هذه الحركة المتمردة "قررنا انه لن تجري تحركات هجومية من قبل جيش التحرير الوطني في ايام الاستفتاء هذه لتسهيل مشاركة الناس" في التصويت.
وحشدت السلطات الكولومبية 2700 شرطي وعسكري لضمان امن مراسم توقيع الاتفاق، وكذلك 29 طائرة ومروحية يحلق بعضها فوق كارتاهينا الاحد. كما تقوم اربع سفن وتسعة زوارق بمراقبة الساحل. ولا يرتدي هذا المنتجع الساحلي السياحي الذي لم يطله النزاع، اي طابع رمزي.
واختيرت كارتاهينا التي ادرجت منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) المدينة المحصنة التي بنيت في عهد الاستعمار فيها، على لائحة التراث العالمي، بسبب بنيتها التحتية. وقد فضلتها السلطات على العاصمة بوغوتا التي يمكن ان يسبب موقعها على ارتفاع 2600 متر، مشاكل لبعض الضيوف.