قراءة بين سطور الزيارة التاريخية
الملك سلمان في موسكو: علامة فارقة في علاقات روسيا بالمنطقة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
خاص "إيلاف" من موسكو: تقرأ "إيلاف" بعمق مفردات زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو، التي يجمع الكثيرون على وصفها بالتاريخية، ليس لأنها أول زيارة في التاريخ لعاهل سعودي إلى العاصمة الروسية فحسب، بل لأنها أيضًا تشكل علامة فارقة في تاريخ العلاقات الروسي – الشرق أوسطية – الخليجية. وتنسحب مفردات هذه الزيارة على الأزمة السورية التي باتت أقرب إلى الانفراج بعد اختزال الخلافات إلى الحد الأدنى بين أهم لاعبين إقليميين: روسيا والسعودية.
تفاؤل حذر
تنقل "إيلاف" عن مسؤول كبير تفاؤلًا يبنيه على نتائج زيارة الوفد السوري إلى الرياض، وكذلك تحفظاته تجاه تصلب الهيئة العليا للمفاوضات، حيث يعلق الكثير من آماله على الجولة المقبلة من مشاورات جنيف في نهاية اكتوبر الجاري في ضوء ما تحقق من تقدم خلال مفاوضات موسكو، وانطلاقًا من الاتفاق بشأن ضرورة الانطلاق من نتائج مشاورات الأستانة وما حققته من تقدم على صعيد إنشاء مناطق خفض التصعيد، وضرورة تنفيذ بيان جنيف والقرار 2254 الصادر عن مجلس الامن الدولي، بحسب ما قال الملك السعودي.
الى جانب ذلك، يتوقف المراقبون في موسكو عند ما تحقق من تفاهمات بشأن باقي الأزمات الاقليمية، ومنها الازمة اليمنية التي خلص الجانبان إلى ضرورة دعم جهود المبعوث الأممي والتزام القرار 2216 الصادر عن مجلس الامن، وباقي القرارات ذات الصلة، وهو موقف ينسحب على رؤية الجانبين تجاه حل الأزمة الليبية من خلال إيجاد التقارب بين الأطراف الليبية ودعم جهود المبعوث الأممي، فضلًا عن تأكيد الاتفاق بشأن التعاون في مجال مكافحة الارهاب، التي أوجز الملك سلمان ما تبذله السعودية بصدده.
قائمة بذاتها
تعليقًا على ما شهدته موسكو من مداولات ومباحثات خلال الأيام القليلة الماضية، وما تبدى من تقارب وانفراج في علاقات البلدين، يقول مراقبون كثيرون إن روسيا لا تطرح نفسها بديلًا للولايات المتحدة او بوصفها طرفًا ثالثًا في علاقاتها مع السعودية.
يؤكد هؤلاء أن شكًا لا يراود أحدًا في روسيا بشأن ما تشكله السعودية من حليف أساس للولايات المتحدة في المنطقة، وأنها باتت تدرك ما تراه موسكو من حقوق لها في هذه المنطقة التي تعتبرها ركنًا أساسياً من أركان أمنها القومي، بعد أن نجحت في ملء الفراغ الناجم عن فشل سياسات الإدارة الأميركية السابقة إبان سنوات حكم باراك أوباما، وصارت جزءًا رئيسًا من الحلول المنشودة في سوريا وغيرها من بلدان المنطقة. ولعل موسكو تدرك أيضًا أبعاد العلاقات الخاصة التي تربط واشنطن ببعض بلدان هذه المنطقة، ومنها قطر والأردن واسرائيل.
هناك من يضم إلى هذه القائمة مصر وتركيا. أما في ما يتعلق بإيران وما كشفت عنه السعودية من مخاوف واعتراضات ضد ما تشكله من أخطار توسعية وتهديدات، فقد أكدت موسكو ما سبق أن أعلنه دميتري بيسكوف، الناطق الرسمي باسم الكرملين، بشأن أن علاقات موسكو بإيران "قائمة بذاتها"، ولا تنسحب آثارها على أطراف أخرى في المنطقة. واللافت اليوم أن موسكو تواصل تمسكها بالنهج البراغماتي في علاقاتها بالخارج، بما يتفق مع أركان عقيدة السياسة الخارجية التي أقرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ثم أدخل عليها تعديلاته بما يتفق مع متغيرات العصر وتغيّر التوجهات من جانب التحالفات الغربية، وهو ما قالت موسكو إنه يتفق مع التوجهات السعودية الجدية التي تطرحها في "رؤية 2030" التي أعلنتها برنامجًا طموحًا بعيد الامد.
سياسات مستقلة
أما عن المكاسب الاقتصادية والصفقات التي تم التوصل إليها على الأصعدة كافة، الاقتصادية والتجارية والعسكرية وكذلك في مجالات النفط والطاقة بما فيها النووية، يقول مراقبون في موسكو إنها باتت تاكيدًا على نجاح موسكو في تجاوز العقوبات والحصار الاقتصادي الذي يفرضه الغرب ومؤسساته على روسيا منذ اندلاع الازمة الاوكرانية في عام 2014.
كما أن نجاحها في الاتفاق مع الرياض وبلدان "أوبك" في التوصل إلى اتفاق حول تخفيض سقف الانتاج، عاد عليها بما يعوضها مع الرياض والأطراف الأخرى خسائرها خلال الفترة الماضية. وفي هذا الصدد، يشيد المراقبون الاقتصاديون بما تحقق من تفاهمات حول التعاون مع شركة أرامكو السعودية في استخراج نفط منطقة القطب الشمالي مع كبريات الشركات الروسية، ومنها لوك أويل وروسنفط وغازبروم.
في هذا الصدد، يقولون إن ما تبذله موسكو من جهود في هذا الشأن يساعد بلدان منطقة الشرق الاوسط على اتخاذ سياسات مستقلة بعيدًا من وطأة الهيمنة الأميركية، وهذا ينسحب على محاولات مصر المضي في تقاربها مع روسيا من خلال صفقات السلاح التي تتولي السعودية وبلدان عربية آخرى تمويلها منذ 30 يونيو، وتحولات الثالث من يوليو 2014.
بالغة الحساسية
واصل الملك سلمان بن عبد العزيز برنامجه في موسكو، فالتقى رئيس الحكومة الروسية ديمتري ميدفيديف، ووزير الدفاع سيرغي شويجو، وتطرق الحديث معهما إلى مشاركة روسيا في تنفيذ برنامج رؤية 2030، والاستثمارات المشتركة والتعاون الاقتصادي بين البلدين، في اطار التزام البلدين تنفيذ ما أعلناه بعد انتهاء مفاوضاتهما في الكرملين، إلى جانب التعاون بين موسكو والرياض في مجال التسليح والعلاقات بين القوات المسلحة للبلدين، بحسب ما قالت المصادر الروسية في ختام اللقاء الذي جمع العاهل السعودي ووزير الدفاع الروسي.
من هنا، يمكن تفسير القلق الذي انتاب الكثير من الدوائر الغربية. في هذا الشأن، تنقل مصادر روسية ما يقال في الاوساط السياسية الغربية بشأن أن الإتصالات الروسية الاقتصادية مع السعودية وبلدان الشرق الاوسط مسألة بالغة الحساسية يصعب النيل منها والتأثير في أهدافها بعيدة المدى، على غير الحال من الموقف من العملية العسكرية الروسية التي أثارت الكثير من اللغط، وهو ما لا بد من أن ينال في نهاية المطاف من مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
فهل تصدق هذه التنبؤات؟