البرلمان يفشل في انتخاب رئيس لها في 4 مناسبات
اتهامات لحزبيْ الحكم في تونس بإحتكار هيئة الإنتخابات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وجهت أحزاب تونسية معارضة اتهامات للحزبين الحاكمين "النهضة والنداء" بوضع اليد على هيئة الإنتخابات بعد أن اتفق الحزبان فيما بينهما على رئيس جديد لها "في الغرف المغلقة" على حدّ تعبيرهم.
مجدي الورفلي من تونس: لا يبدو أنّ أزمة "الهيئة العليا للإنتخابات" في تونس إنتهت بإنتخاب رئيس لها، فقد حذرت عديد الأحزاب سياسية من خطورة التوافق الحاصل بين حركتي النهضة ونداء تونس والذي أنتج إنتخاب شخصية إختارها الحزبان بمعية حزب صغير، وهو الإتحاد الوطني الحرّ، على رأس الهيئة الدستورية التي تتكفل بالعملية الإنتخابية برمّتها.
من وجهة نظر تلك الأحزاب، فالإتفاق بين حزبي النهضة ونداء تونس خارج البرلمان على إنتخاب شخصية لا تحظى بتوافق واسع لرئاسة الهيئة التونسية للإنتخابات مؤشّر قوي على وضع الحزبين يدهما على الهيئة وسيطرتهما عليها، مما سيؤدي الى ضرب مصداقية هيئة نجحت في إجراء إنتخابات تشريعية ورئاسية شفافة ونزيهة في العام 2014.
بداية الأسبوع، أعلن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ان حزبه ونداء تونس والإتحاد الوطني الحر، إتفقوا على شخصية واحدة للتسريع بانتخاب رئيس الهيئة الدستورية التي تشرف على كل مراحل الإنتخابات في تونس.
أرجع الغنوشي توافق الأحزاب الثلاث فيما بينها الى فشل البرلمان خلال أربع مرات في إنتخاب رئيس لهيئة الإنتخابات بسبب عدم حصول أي من المترشحين على الأغلبية المطلوبة المتمثلة في 109 أصوات التي يتيح له تولي منصب رئاسة الهيئة الشاغر منذ مايو الماضي.
كما ان أعضاء الهيئة لم يتّفقوا فيما بينهم على مترشّح وحيد لرئاسة مجلسها.
ولكن ليلة الثلاثاء الماضي، تم إنتخاب محمد التليلي المنصري، الذي إتفق عليه حزبا النهضة والنداء، رئيسا لهيئة الإنتخابات التونسية بعد تحصله على 115 صوتا من بين 6 إعضاء لمجلس هيئة الإنتخابات قدّموا ترشّحهم. ويتكون مجلس الهيئة من 9 أعضاء.
كانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شهدت استقالة مدوية في مايو الماضي لرئيسها شفيق صرصار، الذي أدار انتخابات ناجحة في 2014، وألمح صرصار واثنان من اعضاء الهيئة المستقلين آنذاك الى انه لم يعد بامكانهم العمل بطريقة "شفافة ومحايدة".
يُذكر ان الكتلة البرلمانية لحركة النهضة تتكون من 68 نائبا فيما تتكون كتلة نداء تونس، الذي أسسه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في 2012، من 56 نائبا اما كتلة الوطني الحرّ فتتكون من 12 نائبا. ويتكون البرلمان التونسي في مجمله من 217 نائبا.
إستقلالية الهيئة محلّ شكّ
بعد إعلان الغنوشي على توافق حركة النهضة مع حزب حركة نداء تونس والإتحاد الوطني الحرّ على إنتخاب شخصية من جملة المترشّحين لرئاسة هيئة الإنتخابات، أصدرت عدد من الأحزاب السياسية بيانا مشتركة تلقت "إيلاف" نسخة منه، إعتبرت فيه ان إقتصار التوافق بين النهضة والنداء أساسا على رئيس للهيئة الإنتخابات "مس من استقلاليتها وبرصيد الثقة التي يجب أن تحظى به لدى التونسيين".
وإعتبرت تلك الأحزاب، وهي حركة مشروع تونس وحزب المستقبل وافاق تونس والمبادرة الوطنية الدستورية التونسية وحزب العمل الوطني الديمقراطي والجمهوري والمسار وحركة تونس أولا والبديل التونسي وحزب البناء الديمقراطي، ان تسمية رئيس هيئة دستورية خلال إجتماع حزبي "تمهيد لوضع اليد عليها والتحكم فيها".
تحذير من تجديد ثلث الأعضاء
النائب عن إئتلاف الجبهة الشعبية، (تحالف بين أحزاب قومية ويسارية ممثلة في البرلمان التونسي بـ15 نائبا)، عمار عمروسية إعتبر في حديث لـ"إيلاف" ان الإتفاق على ترأس شخصية معنية لرئاسة اهم هيئة دستورية موجودة في البلاد خارج أطر البرلمان وخلال إجتماع حزبي، مؤشر واضح على وضع حزبي النهضة والنداء يديهما على هيئة الإنتخابات مما يضرب إستقلاليتها ويجعل مصداقية الإنتخابات المقبلة محلّ تشكيك.
ويرى النائب المعارض في خروج رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والإعلان عن ان إسم رئيس هيئة الإنتخابات وقع تحديده بالإتفاق مع نداء تونس قبل يوم من عقد البرلمان لجلسة إنتخابية، ضرب للمهام الإنتخابية الموكلة للبرلمان ويجعل من الجلسات العامة الإنتخابية مجرّد صورة لديمقراطية مغشوشة قائمة على إتفاقات بين حزبي النهضة والنداء داخل مكاتب مغلقة.
وحذّر عمروسية من تواصل عملية التوافق بين الحزبين خارج البرلمان والصفقات التي تبرم بين الطرفين خلال عملية تجديد ثلث مجلس هيئة الإنتخابات الذي سيتمّ خلال الفترة المقبلة، وإعتبر انه وفي حال واصلت حركة النهضة والنداء إحتكار تحديد الشخصيات التي سيقع إنتخابها خلال تجديد ثلث مجلس الهيئة، فلن تكون للهيئة أي إستقلالية ولن تكون للإنتخابات المقبلة اي مصداقية، على حد تعبيره.
ومن المنتظر ان يقوم 6 أعضاء من جملة 9 أعضاء في مجلس الهيئة بإجراء قرعة لتحديد الأعضاء الثلاثة الذين سيغادرون الهيئة، حيث ينصّ القانون المحدث لهيئة الإنتخابات التونسية في فصله التاسع على انه "يتم تجديد تركيبة مجلس الهيئة بطريقة تجديد الثلث كل سنتين".
ومن ثم يفتح البرلمان باب الترشّحات في الأصناف التي سيشملها التجديد لإنتخاب 3 أعضاء جددا، ويتطلّب الحصول على مقعد في مجلس هيئة الإنتخابات حصول المترشّح على أغلبية ثلثي البرلمان التونسي.
يشار الى ان أعضاء الهيئة أعلنوا ان إستقالة رئيسها السابق وعضوين من مجلسها في مايو الماضي وتعويضهم بإنتخاب ثلاث أعضاء جدد هو بمثابة التجديد الذي ينصّ عليه القانون المحدث للهيئة، ولكن المحكمة الادارية وبعد إستشارتها أكدت ان الإستقالات وتعويضها لا يُمكن ان تعتبر تجديدا وحدّدت 6 أعضاء من جملة 9 يشملهم التجديد وهم المنتخبون الجدد لتعويض الإستقالات والمنتخبون في أول تركيبة للهيئة.
الحلّ الوحيد في ظل التعطيل المتعمّد
في مقابل الإتهامات لحزبي النهضة والنداء، أكد رئيس كتلة حركة نداء تونس البرلمانية سفيان طوبال لـ"إيلاف" ان فشل البرلمان في إنتخاب رئيس للهيئة طيلة الفترة الماضية بسبب عدم حصول اي من المترشّحين على الأصوات المطلوبة، جعل حزبي النهضة والنداء وبمساعدة الوطني الحرّ يتحمّلون مسؤوليتهم في الإتفاق على رئيس ووضع حدّ لأزمة هيئة الإنتخابات التي طال امدها بسبب تعمّد بعض الأحزاب إبقاء وضعها على ما هو عليه.
يعتبر طوبال أن بعض الأحزاب السياسية غير المستعدّة للإنتخابات البلدية المقبلة، تسعى بكل الطرق الى إبقاء هيئة الإنتخابات تتخبّط في أزمتها سواء في علاقة بتجديد الثلث أو إنتخاب رئيسها أو حتى في علاقة بالخلافات الحاصلة بين أعضائها والتي تغذّيه بعض الأحزاب في ذات التوجه نحو حصر الهيئة داخل مربّع أزمتها التي إندلعت بعد إستقالة رئيسها شفيق صرصار.
تجدر الإشارة الى ان تاريخ الإنتخابات البلدية في تونس يعتبر أحد الملفات المثيرة للجدل، حيث تم التخلي عن موعدين سابقين أعلنتهما هيئة الانتخابات لإجراء الانتخابات البلدية، 30 أكتوبر 2016 ومن ثم مارس 2017 ومؤخرا تم تأجيل موعد 17 ديسمبر الذي كان مقرّرا رسميًا لإجراء أول إنتخابات بلدية في تونس بعد سقوط نظام بن علي في 2011، الى 25 مارس 2018، نظرا لكونه لا يمثل تاريخًا توافقيًا بين كل الأحزاب السياسية.
إعادة الثقة إلى الهيئة
الرئيس الجديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري، إعتبر في تصريحات إعلامية انه لا يتدخل في طريقة انتخابه للهيئة التي ضبطها القانون والتي تفرض "توافقا" للوصول الى 109 صوتا، كما أكد انه سيسعى الى اعادة الثقة في الهيئة التي اهتزت صورتها نوعا ما في الفترة الاخيرة.
وفق رئيس الهيئة الجديد، سيقع الإنطلاق في اجراءات القرعة للتجديد لثلث أعضاء المجلس مباشرة اثر إنهاء تسلّم المهام رسميّا من الرئيس السابق شفيق صرصار، كما أكد ان الهيئة ستسعى الى انجاح الانتخابات التشريعية الجزئية لمقعد المانيا وانجاز الانتخابات البلدية في مارس 2018 واستكمال كل ما يتعلق بالمسار الديمقراطي.
تجري تونس إنتخابات تشريعية جزئية بدائرة ألمانيا أيام 15 و16 و17 ديسمبر 2017، لسدّ شغور بمقعد بالبرلمان بعد تعيين النائب حاتم الفرجاني كاتب دولة لدى وزير الشؤون الخارجية مكلف بالديبلوماسية الإقتصادية في التحوير الوزاري الأخير.