خبراء مغاربة أكدوا على دور المغرب في تأمين المنطقة وتدبير الهجرة
قضايا الأمن والهجرة والتعليم تتصدر اهتمامات منتدىٌ الحوارات الأطلسية بمراكش
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مراكش: استأثرت محاور التعليم و الهجرة والأمن و الإقتصاد والسياسات الخارجية باهتمام المشاركين في أشغال منتدى الحوارات الأطلسية الذي أسدل الستار عليه الستار، مساء الجمعة بمراكش، بعد تداول لمختلف القضايا الشائكة التي تهم المستقبل الإفريقي وعلاقته بمحيطه، وذلك على مدى ثلاثة أيام تبادل خلالها الخبراء والقادة السياسيون من 90 جنسية مختلفة عبر العالم وجهات النظر حول مستقبل إفريقيا وطرح تجارب بلدانهم.
الهجرة و تأمين الحدود
وقال خالد الزروالي والي بوزارة الداخلية المغربية مكلف بالهجرة ومراقبة الحدود، خلال أشغال اختتام منتدى الحوارات الأطلسية الذي ينظمه مركز الأبحاث التابع للمجمع الشريف للفوسفات إن المغرب هو البلد الوحيد في المنطقة الذي استطاع أن يبلور استراتيجة واضحة لتدبير أزمة الهجرة وتأمين الحدود، مشيرا إلى أن 80 في المائة من المهاجرين يوجدون في وضعية قانونية، بينما 20 في المائة لايزالون في وضع غير قانوني، مما يتطلب معالجة الآثار المترتبة عن هذه الوضعية التي اعتبرها غير مقلقة لكونها تبقى قابلة للحل.
ويرى الزروالي أن الخطر الكبير الذي يهدد أمن المنطقة و استقرارها يأتي من إفرقيا جنوب الصحراء، معتبرا أن المغرب كان سباقا إلى التنبيه إلى هذه المخاطر، حيث واجهها منذ البداية بصرامة من خلال تأمين حدوده الشرقية و الجنوبية بالإعتماد على أنظمة متطورة للرصد جعلته في منأى عن أي تسربات محتملة.
وعن تدبير المغرب لمسألة الهجرة و المهاجرين ،أكد المتحدث أن الملك محمد السادس اطلق منذ 2013 مبادرة لتسوية وضعية المهاجرين في المغرب، وكذلك الشأن بالنسبة للمغاربة المهاجرين، باعتبارهم مسؤولين عن نشر قيم التسامح و التضامن المنبثقة من الإسلام المعتدل، كما أكد على أن التطرف ثقافة غريبة على المغرب و المغاربة، و أنها فكر دخيل جاء من خارج المغرب.
تفعيل معاهدة الصخيرات
وبدوره ،شدد يوسف العمراني ، مكلف مهمة بالديوان الملكي المغربي على ضرورة حل الأزمة الليبية التي اصبحت تثير تخوفات بالمنطقة، مشيراإلى أن حل هذه الأزمة لن يتأتى فقط باندحار تنظيم « داعش »، بل إن الفراغ الذي سيتركه التنظيم سرعان ما ستملؤه ظواهر وعصابات أخرى.
وأشاد العمراني بأهمية تفعيل معاهدة الصخيرات بين الأطراف الليبية، والتي تهدف إلى وضع دستور و خلق مؤسسات الدولة، لتجاوز وضع انعدام الدولة والفراغ المؤسساتي في ليبيا، مؤكدا أنه لا يمكن تحقيق نجاح في مكافحة الإرهاب بالمنطقة دون حل الأزمة الليبية.
كما ركز العمراني على أهمية الاندماج الاقليمي في تأهيل إفريقيا لرفع التحديات، وعلى ضرورة أن يأخذ الأفارقة بزمام أمورهم ومصائرهم بأيديهم، مشيرا إلى الكلفة الباهظة التي تتحملها المنطقة على جميع المستويات بسبب تعطيل الإتحاد المغاربي.
التعليم و دوره في تقليص الفوارق الإجتماعية
وكانت آسية بن صالح العلوي، السفيرة المتجولة ، قد تطرقت خلال جلسة الخميس حول التعليم و السياسات الخارجية، إلى مشكل الفجوة الرقمية التي تفرض إعادة النظر في الأنظمة و المناهج التعليمية على ضوء التحولات التكنولوجية.و أشارت إلى أن التعليم يلعب دورا أساسيا في تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، غير أن واقع الشك بخصوص المستقبل بسبب التحولات السريعة في المجالات التقنية، تطرح بحدة إشكالية الملاءمة بين التعليم والتكوين، في وضعه الحالي وبين متطلبات المستقبل من حيث الكفاءات وفرص الشغل.
و أشارت السفيرة العلوي إلى أن العديد من المهن والوظائف التي تنتشر اليوم ستنقرض وستولد مهن ووظائف أخرى بفضل التطورات التكنولوجية، وبالتالي فعدم استشراف الحاجيات سيؤدي لا محالة إلى انتشار بطالة واسعة في صفوف الشباب الذين يخضعون لتكوين اليوم.
وعبرت العلوي عن تخوفها" من أن يصبح لدينا في المستقل (لاجئين رقميين) إذا لم تعالج الفجوة الرقمية التي تتسع بين المجالات والشرائح الإجتماعية، كما شددت المتحدثة على ضرورة إصلاح التعليم باعتباره السبيل الوحيد لضمان انتقال سلس وآمن إلى المستقبل.
وأشارت إلى أن الكفاءات المطلوبة أصبحت إلى حد ما معروفة ومتوفرة، ويتعلق الأمر بتدريب الشباب على الإبداع والابتكار، والتفاعل مع مختلف الثقافات. وقالت "هناك اليوم لغة جديدة يفرضها التقدم التكنولوجي وعلينا تعلم هذه اللغة وإجادتها"
ودعت السفيرة العلوي إلى إصلاح يستجيب لحاجيات الجميع، عبر توافق وطني حول الرؤية والأهداف، ناتج عن إشراك كل الأطراف في عملية الإصلاح. وأوضحت أن هذه الإصلاحات لا تحتمل الأخطاء، لأن كل خطأ ستكون له نتائج قاتلة على الأجيال المقبلة. لذلك يجب تحديد الأدوار والمسؤوليات، وضمان وسائل تطبيق الإصلاحات من خلال نسج شراكات داخلية واقليمية ودولية، بما فيها مصادر التمويل، حتى لا تتوقف الاصلاحات في منتصف الطريق.
إفريقيا في حاجة للغة الحقيقة
وبشان محور السياسات الخارجية و الإستراتيجيات التنموية على ضوء التطورات التي يعرفها العالم، قال هوبر فيدرين وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، خلال جلسة الخميس، إنه لا توجد علاقة مباشرة بين التوجهات الإقتصادية و السياسة الخارجية، "فالاستراتيجية الإقتصادية شيء، والسياسة الخارجية شيء آخر »، مبرزا أن طبيعة السياسة الخارجية لكل بلد تختلف عن الآخر.
و أوضح أن السياسة الخارجية هي درجات، حيث أن المستوى الأول هو ما تفرضه علاقات الجوار والأحداث الدولية التي تؤثر على الدولة وتفرض عليها اتخاذ مواقف وردود أفعال، أما المستوى الثاني فيكمن عندما تختار الدولة وضع استراتيجيات خاصة في تعاملها مع محيطها ومع العالم، وكنموذج على ذلك أشار فيدرين إلى التجربة المغربية في مجال سياستها الإفريقية خلال العقدين الماضيين، في حين أن المستوى الثالث يتمثل في كون الدولة تعتبر أن لديها مهمة خاصة للاعتناء بالعالم.
ودعا فيدرين إلى احترام لغة الحقيقة في العلاقات بين أوروبا وإفريقيا، وقال إنه يتوجب على أوروبا في تعاملها مع إفريقيا أن تتحرر من العقلية الأبوية وأزمة الضمير، كما أن على الأفارقة أن يتوقفوا عن الاستغلال السياسي للماضي في هذه العلاقة، مؤكدا أن « إفريقيا اليوم ليست محتاجة إلى مساعدات، و أن الأفارقة يريدون التنمية والمعرفة والتكنولوجية، ويريدون التصنيع وولوج الأسواق ».