تغييرات قد تخرج الاشتراكيين والجمهوريين من الحكم
فرنسا... تداعيات انتخاباتها تتخطى حدودها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تُنبئ الانتخابات الفرنسية بإحداث تغيير جذري لم يُعرف له مثيل منذ عشرات السنين. &إذ يمكن اسقاط الحزبين الاشتراكي والجمهوري اللذين تعاقبا على السلطة منذ تأسيس الجمهورية الخامسة في 1958 من الجولة الاولى للانتخابات الرئاسية في 23 ابريل/نيسان. &وقد يجد الناخبون الفرنسيون أنفسهم امام خيار بين مرشَحين متمردين على الوضع القائم هما مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف وايمانويل ماكرون زعيم حركة "الى الأمام" الليبرالية الجديدة ، التي أُنشأت العام الماضي.&
ومن الصعب المبالغة في مغزى فوز أي من هذين المرشحين اللذين يعبران عن اتجاه عام يعلن ان الانقسام القديم بين اليمين واليسار يتراجع امام انقسام جديد بين الانفتاح والانغلاق. &وستكون للاصطفاف الناجم عن ذلك تداعيات تتعدى الحدود الفرنسية ويمكن ان تجدد حيوية الاتحاد الاوروبي أو تدمره.&
ويتمثل السبب المباشر لهذا الاتجاه بغضب الناخبين على عدم كفاءة الطبقة الحاكمة وانانيتها. فان هبوط شعبية الرئيس فرانسوا اولاند الى الحضيض دفعته الى عدم الترشيح لولاية ثانية في حين ان فرص الحزب الجمهوري المعارض الذي ينتمي الى يمين الوسط تلقت ضربة قاصمة بفضيحة الوظيفة الوهمية التي شغلتها زوجة مرشح الحزب فرانسوا فيون.&
ومن اسباب الغضب الأخرى الحالة التي آلت اليها فرنسا حتى ان استطلاعاً وجد ان الفرنسيين أكثر شعوب العالم تشاؤماً. &فالاقتصاد الفرنسي يعاني من ركود مزمن والبطالة بين الشباب تبلغ 25 في المئة. &ولكن العلة تغور أعمق من ركود مستوى المعيشة. &فالهجمات الارهابية تسببت في توتر اعصاب الفرنسيين ودفعتهم الى العيش في ظل حالة طوارئ وكشفت عن وجود انقسامات ثقافية عميقة في البلد الذي يضم أكبر عدد من المسلمين بين الدول الاوروبية في تركيبته السكانية.&
ويستثمر ماكرون ولوبان على السواء مشاعر الاحباط هذه بين الفرنسيين لكنهما يقدمان تشخصيات مختلفة تماماً لاسباب المرض والعلاج. &فان لوبان تلقي باللائمة على قوة خارجية وتعد بمزيد من الموانع ضد الهجرة ومزيد من الرعاية الاجتماعية. &
وهي تتوجه الى من يريدون انغلاق فرنسا وتندد بالعولمة قائلة انها تهدد فرص العمل وبالمسلمين قائلة انهم محرضون على الارهاب يجعلون ارتداء تنورة قصيرة في الاماكن العامة مغامرة خطيرة. &وتصف لوبان الاتحاد الاوروبي بأنه "وحش معاد للديمقراطية". &وتتعهد بغلق المساجد ووقف الهجرة وتقييد التجارة الخارجية والعودة الى الفرنك الفرنسي بدلا من اليورو وتدعو الى استفتاء على الخروج من الاتحاد الاوروبي.
ماكرون يرى العكس، ويقول إن مزيدًا من الانفتاح سيجعل فرنسا اقوى. وهو مع الانفتاح التجاري والمنافسة، ومع الهجرة والبقاء في الاتحاد الاوروبي. &
ويرحب ماكرون بالتغيير الثقافي والثورات التكنولوجية. &وهو يعتقد ان توفير فرص العمل يكون بتخفيض الضوابط على سوق العمل. &ويقدم ماكرون نفسه مدافعاً صلباً عن العولمة.&
وسيكون فوز ماكرون دليلا على ان الليبرالية لم تفقد شعبيتها بين الاوروبيين في حين يرى مراقبون ان ان فوز لوبان سيجعل فرنسا أفقر وأكثر عزلة محذرين من لوبان إذا أخرجت فرنسا من منطقة اليورو ستفجر ازمة مالية وتحكم بالموت على اتحاد تمكن رغم نواقصه من الحفاظ على السلام وتحقيق الازدهار في اوروبا خلال العقود الستة الماضية. &وسيصفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لانهيار الاتحاد الاوروبي. &ولا غرو في ان حزب لوبان حصل على قرض كبير من بنك روسي وتعرضت حركة ماكرون الى اكثر من 4000هجوم الكتروني.
قبل أقل من شهرين على الانتخابات يبدو من المستبعد ان تفوز لوبان بالرئاسة. &وتشير الاستطلاعات الى فوزها في الجولة الاولى وخسارتها في الجولة الحاسمة. &ولكن كل شيء ممكن في هذه الانتخابات الاستثنائية. &وان فرنسا هزت العالم من قبل ويمكن ان تهزه مرة اخرى.&
اعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الايكونومست". &الأصل منشور على الرابط التالي
http://www.economist.com/news/leaders/21717814-why-french-presidential-election-will-have-consequences-far-beyond-its-borders-vote