بعد 26 عامًا من اللقاءات المصورة
وجوه أنجيلا ميركل المتعددة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لندن: لم تكن أنجيلا ميركل يومًا موضوعًا لقصص من النوع الذي يُنشر في مجلة "فوغ"، أو لحكايات محورها علاقات عاطفية حميمة. وتُجرى المقابلات معها عادة في الفترات التي تسبق الانتخابات. والذين سربوا قصصًا عن حياتها الخاصة ممن كانت تثق بهم في الأيام الأولى من ولايتها وجدوا أنفسهم خارج السلطة.
مستشارة وفنانة
على الرغم من أن المستشارة الالمانية هي الأطول خدمة بين زعماء الاتحاد الاوروبي، فليس ما يثير الاستغراب شحّ ما نعرفه عن حياتها خارج مكتبها فحسب، بل عدد الحكايات الشخصية التي نعرفها عنها استنادًا إلى مصدر واحد فقط أيضًا.
حين أُثيرت التساؤلات في شتاء العام الماضي عمّا إذا كانت ميركل ستترشح لولاية رابعة، اعتمد الصحافيون الذين توقعوا تنحيها على مقابلة أُجريت معها قبل 20 عامًا، قالت فيها إنها تريد أن تجد ذات يوم "الطريق الصحيح لترك السياسة".
ما يزيد الأمر صعوبة على الصحافيين أنها وافقت على إجراء المقابلة مع فنانة تكبرها بنحو 15 عاماً، تربطها بميركل علاقة من أغرب العلاقات في السياسة الحديثة. إنها هيرلندا كولبيل، المصورة التي كانت تلتقي المستشارة الالمانية مرة كل عام منذ 1991 لالتقاط صورتها وإجراء مقابلة معها، كثيرًا ما تطرح فيها الأسئلة ذاتها التي طرحتها في السنة الماضية.
&
آثار السلطة
قالت كولبيل لصحيفة "غارديان" إن تعاملها مع التصوير الفوتوغرافي تعامل مفهومي. ولإصدار سلسلتها الفوتوغرافية الموسومة "آثار السلطة" أرادت أن تسجل كيف أن المناصب الرفيعة تغيّر قوام الشخص. وطلبت كولبيل من 15 سياسيًا&وقطب اعمال تولوا مناصب رفيعة أخيرًا، وقيل إن لديهم مستقبلًا مشرقًا، أن يوافقوا على التقاطها ثماني صور لهم خلال السنوات الثماني التالية.
وبمرور العامين، تلاشت&بعض الشخصيات الخمس عشرة الأصلية في الصفوف الخلفية أو اختفوا في مهن أخرى، بل أن أحدهم توفي أخيرًا بنوبة قلبية.
كانت ميركل عضو حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي منذ سنة فقط حين طلبت منها كولبيل الموافقة على التقاط ثماني صور لها. ولم يكن هناك الكثير مما يُعرف عن الباحثة السابقة التي تحمل شهادة دكتوراه في الكيمياء الفيزيائية سوى أن المستشار السابق هيلموت كول عيَّنها بصورة مفاجئة وزيرة للمرأة والشباب.
في البداية، ترددت ميركل إزاء الفكرة متسائلة ما جدوى مشروع فوتوغرافي لن يُنشر إلا بعد ثماني سنوات. لكن المصورة كولبيل أقنعتها.
&
ماسة ميركل
أول ما تفاجأت به المصورة خلال اللقاء الأول هو خجل السياسية البالغة من العمر 37 عامًا وقتذاك على النقيض من نظرائها الآخرين مثل شرودر الذي طلب تصويره وهو يدخن سيجارًا. &
بحلول عام 1996، لاحظت كولبيل أن لغة جسد ميركل تغيّرت. فهي لم تعد متشنجة بل أخذت تنظر من وراء نظاراتها بقوام منتصب وأصبحت أشد ثقة بنفسها.
تقابل كولبيل عادة نجومها فور التقاط صورهم. وفي عام 1996، باحت ميركل لها بأنها كانت تجد صعوبة بالغة في الوقوف والاستماع إلى خطاب ولم تكن تعرف أين يجب أن تكون يداها، وأين يجب أن يكون جسمها، لكنها اصبحت أشد ثقة بنفسها. وقالت: "إنه على الأرجح مزيج من شيئين هما أن يقوم المرء بدور وان يكون منسجمًا مع نفسه".
نُشرت الصورة الموسومة "ماسة ميركل"، التي تضع فيها المستشارة يديها امام بطنها&للمرة الاولى في عام 1998، قبل أن تبدأ ميركل باستخدامها علامة شخصية مميزة لها في الحملات الانتخابية بسنوات.
تقول كولبيل: "المنصب يغيّر الأشخاص، ولا يغيّرهم دائمًا بصورة إيجابية فهم يتعلمون ارتداء قناع بحيث لا يمكن رصد عواطفهم بسهولة".
&
السلسلة مستمرة
تحرص كولبيل على أن يكون الشخص الذي تصوره مسترخيًا لا يشعر بضغط عليه. وكانت تطرح على ميركل ثلاثة اسئلة: "ماذا تعلمتِ هذا العام؟ وما الذي&لم تتعلميه؟ وهل وجدتِ الوقت لإعداد كعكة برقوق؟"
كانت الاجابات عن هذه الأسئلة تلقي ضوءًا على جوانب حميمة من حياة ميركل الخاصة، بما في ذلك علاقتها مع العالم يواخيم زاور وعدم انجابها أي اطفال وصعوبة منع حدوث زيادة في وزنها خلال الحملات الانتخابية.
بعدما نشرت كولبيل كتابها المصور "آثار السلطة" في عام 1999، قررت تجديد مشروعها في عام 2006، الذي أعقب عام انتخاب ميركل مستشارة. وهي تقول إن السلسلة ستستمر ما دامت ميركل مستشارة. &
حين زارت كولبيل المستشارة في وقت سابق من العام الحالي، لاحظت إنها لم تتأثر على نحو ظاهر بالأشهر الاثني عشر السابقة التي شهدت ميركل تكافح من أجل البقاء بعد ازمة اللاجئين وأول اعتداء إرهابي نفذه داعش في ألمانيا، وخروج حليف وثيق مثل بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وانتخاب رئيس اميركي هو نقيضها التام في السلوك والفكر.
&
صداقة حذرة
على غرار ميركل التي لم تدخل عالم السياسة إلا في سن الخامسة والثلاثين، قررت كولبيل أن تصبح مصورة في وقت متأخر نسبيًا من حياتها: في سن السابعة والثلاثين. وحين سُئلت عما إذا كانت العلاقة التي تربطها مع ميركل صداقة، أجابت: "لستُ متأكدة من أني أُريد تسميتها صداقة، وعلى أي حال سأكون دائمًا حذرة من عقد صداقة مع سياسي".
اضافت انه بعد عقد من العلاقة بالمستشارة، "هناك احترام متبادل بيننا، وربما شيء من الإرادة الطيبة".
في عام 1998، عادت ميركل في تفكيرها إلى المقابلات السبع التي أجرتها كولبيل معها. وقالت: "في البداية، وجدتُ الأسئلة مزعجة إلى أقصى الحدود، وانتفضتُ ضدها ولم أكن راضية على الاطلاق حين ظهرت&مرة أخرى على عتبة بيتي، وفكرتُ: ما هذا الهراء؟ لكني أدركتُ بأني وجدتُ نفسي اتساءل: هل جاءت كولبيل هذا العام؟"
اعترفت ميركل بأنها تجد نفسها الآن ملزمة بالمساهمة في إنجاح مشروع كولبيل، الذي وصفته بـ"المثير للاهتمام". وقالت: "تحولت المقاومة إلى قبول للمشروع. وهذا أمر عجيب حقًا".
&
أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الغارديان". الأصل منشور على الرابط الآتي: