انتخابات فرنسا: مقارنة بين رؤى لوبان وماكرون بشأن السياسة الخارجية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يوصف سباق الانتخابات الفرنسية بأنه تنافس بين وجهات نظر متعارضة.
فإذا كان هناك بعض التشابه القليل للغاية بين مرشح الوسط الأوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية، إيمانويل ماكرون، ومرشحة اليمين المتشدد مارين لوبان، فإن الاختلافات بينهما بشأن السياسة الخارجية وسياسة الدفاع كبيرة للغاية، وهو ما يشير إلى أن المعركة بينهما ليست معركة سياسية تقليدية، بل صراع على انقسام جديد: بين نزعة قومية ونزعة دولية.
تنتهج مارين لوبان نزعة قومية بالمعنى الحرفي، وهي نزعة تنطلق منها رؤيتها لجميع القضايا السياسية.
ترغب لوبان في تقوية مركز فرنسا من منطلق تعزيز سيادتها، وتقليص مساحة انخراطها مع دول ومؤسسات أخرى، وهو ما يبرزه شعار حزبها، حزب الجبهة الوطنية، "فرنسا أولا" الذي يلخص ببساطة منهجها في الشؤون الخارجية كما هو الحال بالنسبة لرؤيتها الداخلية.
إنها تضع نفسها، مثل حزبها، راعية لبلادها أمام قوى العولمة.
ويبرز على النقيض إيمانويل ماكرون، على الأقل فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، بوصفه رجل الوضع الراهن ومواصلة طريق فرنسا الحالي، والمؤيد بشدة للاتحاد الأوروبي والنزعة الدولية.
وفيمايلي أبرز الاختلافات بينهما بشأن قضايا رئيسية خارجية:
روسيا:ماكرون: يعارض أي تقارب مع روسيا ويؤيد فرض عقوبات على موسكو في ظل عدم احترام اتفاقات مينسك (المتعلقة بتسوية الأزمة الأوكرانية). ووصف السياسة الخارجية الروسية بأنها "خطيرة" و"لا تتردد في انتهاك القانون الدولي".
وكانت حملة ماكرون قد تعرضت لاختراق إلكتروني من جانب بعض القراصنة في روسيا.
لوبان: التقت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو مؤخرا، ولا ترى أي شئ غير قانوني في ضم روسيا لشبه جزيرة القرم إلى أراضيها عام 2014. وترغب لوبان في تنمية شراكة استراتيجية مع موسكو بهدف محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
وكشفت وسائل إعلام فرنسية أن حزب الجبهة الوطنية حصل على قروض كبيرة من بنوك روسية أو بنوك تربطها صلة بممولين روس. وتنفي لوبان أي علاقة بين الأموال ومواقف يتبناها حزب الجبهة الوطنية بشأن روسيا. وتقول إنها اضطرت إلى السعي للحصول على تمويل من الخارج نظرا لعدم منح أي بنك فرنسي قروضا للحزب.
سوريا:ماكرون: ينبغي للرئيس السوري بشار الأسد أن يمثل أمام محكمة دولية لاستجوابه بشأن ما اقترفه من جرائم.
لوبان : قال متحدث باسم حزب الجبهة الوطنية في أعقاب الهجوم الكيمياوي الذي حدث في سوريا في أبريل/نيسان الماضي إنه ليس واضحا من المسؤول عن تنفيذ الهجوم، وأضاف أن الرئيس الأسد، على الرغم من أي شئ، لايزال يمثل الدفاع الوحيد أمام تنظيم الدولة الإسلامية.
الاتحاد الأوروبي:ماكرون: يؤيد فكرة تطوير الاتحاد الأوروبي، وتخصيص ميزانية لمنطقة اليورو، وتعيين وزير مالية لها. كما يرغب في تنظيم حملة لمواجهة المشاعر المناهضة للاتحاد الأوروبي وإطلاق مشروع أوروبي يجدد نشاط الاتحاد.
لوبان: تنظم حملة لخروج فرنسا من منطقة اليورو واقترحت إجراء استفتاء يتيح للفرنسيين فرصة التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي. كما وصفت عملة اليورو بأنها "ماتت"، وترغب في إعادة عملة الفرنك إلى فرنسا وأن تصبح عملة مشتركة للتجارة، لكنها أشارت إلى أن المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي قد تستغرق بعض الوقت.
المساعدات لأفريقيا:ماكرون: يحرص على زيادة ميزانية فرنسا المخصصة للمساعدات الخارجية، وسوف يراجع القواعد العسكرية الفرنسية المتمركزة في أفريقيا، ويحرص أيضا على مساعدة الدول الأفريقية للوقوف على قدميها بشأن قضايا الدفاع.
لوبان: تحرص هي الأخرى على زيادة ميزانية فرنسا المخصصة للمساعدات الخارجية ولكن من منظور أمني، ورغبة في الحد من الهجرة ومكافحة الإرهاب، وهما قضيتان يربط بينهما حزب الجبهة الوطنية.
حلف شمال الأطلسي والدفاعماكرون: يرغب في زيادة نفقات الدفاع التي تخصصها فرنسا لحلف شمال الأطلسي "ناتو" لتصل إلى اثنين في المئة من إجمالي الناتج المحلي لفرنسا بحلول عام 2025. ولايزال حلف الناتو يمثل قاعدة دفاع فرنسية، لكنه (ماكرون) يحرص على تحقيق أبعاد أخرى تتعلق بالدفاع عن أوروبا، ليس فقط بسبب بعض الشكوك التي برزت أمام الحلف نتيجة تصريحات أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
لوبان: وصفت حلف شمال الأطلسي بأنه منظمة لم بعد الهدف الذي تأسست من أجله قائما، وهو التهديد السوفيتي. وترغب في انسحاب فرنسا من القيادة العسكرية المشتركة للحلف. وتقول إنها ستزيد نفقات الدفاع الفرنسية لتصل إلى اثنين في المئة من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2018، وإلى 3 في المئة بحلول النهاية المفترضة لفترة ولايتها للرئاسة الممتدة لخمس سنوات.
قضت لوبان وقتا طويلا وبذلت جهودا في محاولة "تلطيف" مواقف حزب الجبهة الوطنية، وتحسين صورته وإبعاده عن جذوره اليمينية المتطرفة. وقد حققت بعض النجاح، واستطاعت توسيع نطاق الحزب والاستفادة من التمرد الشعبوي المناهض لعدم المساواة الاقتصادية والوضع الراهن. وعلى الرغم من ذلك سقط قناع الحزب خلال مناسبات مختلفة خلال حملتها الانتخابية.
بالطبع تمثل مواقف مارين لوبان بشأن السياسة الخارجية اتجاها أقرب من اتجاهات والدها مؤسس حزب الجبهة الوطنية، جان-ماري لوبان، المعارض للاتحاد الأوروبي والناتو والولايات المتحدة، فضلا عن كونه من المؤيدين بشدة لنظام بشار الأسد، وبالطبع، لنظام صدام حسين السابق في العراق.
لم تكن السياسة الخارجية بالطبع عاملا حاسما في أي انتخابات رئاسية فرنسية، لكنها لا تزال تمثل مجالا يحدده رئيس الدولة. وسوف ينهض ماكرون أو لوبان بدور رئيسي في تحديد نهج فرنسا تجاه العالم خلال السنوات المقبلة.