قال إن لا سياسة ولا تقدم بدون ثقافة..والإنسان كائن ثقافي
رئيس الحكومة المغربية يدعو إلى جائزة خاصة للثقافة الأمازيغية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&"إيلاف&" من الرباط: دعا الدكتور سعد الدين العثماني،رئيس الحكومة المغربية، إلى إحداث جائزة للثقافة الأمازيغية، وتقوية ودعم كل الجوائز التي تعنى بالثقافة والإبداع، في مختلف التعبيرات والتصنيفات الأدبية.
وقال العثماني، خلال حضوره احتفالية توزيع جائزة المغرب للكتاب، في المكتبة الوطنية، في مدينة الرباط، مساء أمس الخميس، إن الأمازيغية، ولأسباب تاريخية، يصعب عليها أن تنافس المنتوج الثقافي المكتوب باللغات الأخرى، بما فيها العربية.
وانطلاقاً من هذا المعطى، دعا العثماني، ذو الجذور الأمازيغية، إلى التعامل بنوع من التمييز الإيجابي لصالح اللغة الأمازيغية، مضيفًا " يجب أن نكون قادرين على قراءة الأمازيغية، من خلال حرفها تيفيناغ".
وأعطى المثل بنفسه بكونه لا يجيدها بشكل كامل، معترفًا، وهو يتهجى، أمام الحاضرين، عنوانًا فرعيًا لجائزة المغرب، مكتوب& بالأمازيغية،& بأنه في حاجة إلى دروس خصوصية& للدعم لتقوية مداركه وإلمامه&بها.
وكشف عن جلسة جمعت بينه وبين محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، تم خلالها التداول حول فكرة إنشاء جائزة أمازيغية للثقافة، لتشجيع الإبداع الأمازيغي.
&
دور الثقافة في بناء الإنسان
وأكد العثماني أن حكومته عازمة على "تقوية جائزة المغرب كيفًا وكماً"، لترقى إلى تطلعات المثقفين والمبدعين، وتحفزهم على المزيد من الكتابة والإبداع، واصفاً المبدع بأنه "إنسان حر طليق، ويجب أن يبقى حرًا طليقاً".
وبكثير من الحماس، تحدث عن أهمية الثقافة، ودورها في التربية والتكوين والتهذيب، وقال إن& الإنسان كائن ثقافي، والثقافة هي جوهره، فلا سياسة، ولا تقدم، ولا تطور&بدون ثقافة، على حد تعبيره.
وبعد أن حذر من غياب الثقافة، ومن مغبة الفراغ، سجل أنه في ظل تطور التكنولوجيا الحديثة، أصبحت الأمور المادية تكتسي قيمة أكثر، داعياً إلى الاهتمام بالتراث اللامادي.
ورغم أن العثماني لم يحضر منذ البداية لاحتفالية جائزة المغرب للكتاب، إذ دخل القاعة وفقراتها توشك على النهاية، إلا& انه تفاعل مع اللحظة بكل عفوية وتلقائية، وسلم جائزة المغرب للترجمة لمحمد حاتمي، الذي عبر عن سروره بتسلمها مباشرة من يد رئيس الحكومة شخصياً، وقد فاز بها مناصفة مع محمد جادور عن ترجمتهما لكتاب "الأصول الاجتماعية والثقافية للوطنية المغربية" للكاتب والمؤرخ المغربي المعروف عبد الله العروي، الفائز بجائزة "شخصية السنة الثقافية" التي تمنحها جائزة الشيخ زايد للكتاب .
&
الأعرج: نصف قرن في خدمة الثقافة
وكان الحفل قد انطلق بكلمة لمحمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، بحضور لافت للنظر لعبد الحق المريني، الكاتب والمؤرخ والناطق الرسمي باسم القصر الملكي، إلى جانب وزراء وبرلمانيين وسفراء ومدراء دور النشر، وعدد من أهل الثقافة والإبداع.
وهنأ الوزير الفائزين بهذا التتويج المستحق، وتمنى لهم المزيد من التميز لإثراء الفكر والإبداع في المغرب، شاكرًا أعضاء لجان جائزة المغرب للكتاب، على ما بذلوه من جهود لاختيار الأعمال والإبداعات التي تستحق التكريم.
وأكد استمرارية التزام وزارته بالهدف الرئيسي الذي أملى إحداث هذه الجائزة قبل نصف قرن، والمتمثل&في دعم الكتاب المغربي والتنويه بمكانته في الحقل الثقافي الوطني.
وشدد بهذا الخصوص على أن الوزارة عازمة على صيانة وتقوية هذه الجائزة وتعزيز مصاحبتها الإعلامية، إدراكًا منها بأن أهم امتداد لهذه المكافأة يتمثل في تقوية حضور الكتاب المغربي في الإعلام الوطني، خدمةً للقراءة والتنمية الثقافية بالبلاد.
وقال إن هذه الجائزة، راكمت على امتداد الخمسين سنة الماضية، تجربةً غنية بالإنصات المتواصل&لعدد كبير من المسارات الفكرية والإبداعية والنقدية والبحثية والترجمية، مما رسخها كتقليد رمزي يستقطب كل سنة اهتمام كثير من المبدعين والمفكرين والنقاد والباحثين والإعلاميين، فضلاً عن المعنيين بقطاع النشر وتَداول الكِتاب في المغرب.
وبعد الوزير، تناوب على تناول الكلمة ، بعض رؤساء اللجن ومقرريها، حيث تحدث سعيد يقطين، المنسق العام لجائزة المغرب للكتاب، عما سماه بـ "الروح الوطنية" التي طبعت& أعمال واجتماعات اللجنة المختصة، لإعطاء الجائزة رمزيتها الثقافية، وكذا روح التحلي بالصرامة والنزاهة والموضوعية.
الذاكرة والتاريخ..والبعثات التعليمية
وحسب النتائج، فقد كانت جائزة المغرب للعلوم الإنسانية، من نصيب عبد العزيز الطاهري، أستاذ التاريخ المعاصر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بجامعة محمد الخامس بالرباط، عن كتابه "الذاكرة والتاريخ: المغرب خلال الفترة الاستعمارية 1912 ــ 1956"، ويحيى بولحية، اطار تربوي وإداري بأكاديمية وجدة للتربية والتكوين، عن كتابه" البعثات التعليمية في المغرب واليابان، من أربعينيات القرن التاسع عشر حتى أربعينيات القرن العشرين، تباين المقدمات واختلاف النتائج".
أما جائزة المغرب للعلوم الاجتماعية، فحصل عليها عبد الرحيم العطري، أستاذ التعليم العالي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بمدينة فاس، عن كتاب سوسيولوجيا السلطة السياسية: آليات إنتاج نفوذ الأعيان"، وقد اعتبرها تتويجاً لـ"مدرسة القلق الفكري"، ولوالده العصامي.
وذهبت جائزة المغرب للدراسات الأدبية واللغوية والفنية، إلى محمد الخطابي، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بجامعة ابن زهر، عن كتابه "المصطلح والمفهوم والمعجم المختص، دراسة تحليلية نقدية في المصطلح والمفهوم".
واعتادت جائزة الشعر أن تلفت الانتباه دائمًا، وقد فاز بها هذا العام الشاعر نبيل منصر، الحاصل على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي من جامعة محمد الخامس بالرباط، عن ديوانه الموسوم بـ"أغنية طائر التم".
إجماع حول رواية "المغاربة"
وفي صنف جائزة السرديات والمحكيات، كان هناك إجماع، حسب حسن المودن، رئيس اللجنة، على منحها لعبد الكريم جويطي، عن عمله الروائي " المغاربة"، نظرًا لما اتسمت به من خصائص مثيرة للإعجاب.
واعتبر جويطي الذي اشتغل أستاذًا، ثم مندوبًا ومديرًا جهويًا لوزارة الثقافة بجهة بني ملال، أن هذا التتويج موجه لكل المبدعين في الهوامش والأطراف النائية عن المركز، وللمغرب العميق الذي ينتمي إليه، عل ىحد قوله .
وأضاف أنه حاول في هذه الرواية أن يقدم تصورًا معينًا لمسألة الهوية في المغرب، من خلال البحث في التاريخ.
وركز في كلمته على الحاجة إلى الخيال، في السياسة والاقتصاد والإدارة، وفي العلاقات بين مختلف الفئات الاجتماعية، في مغرب واحد ومتعدد، "لكي نتقدم بشجاعة نحو& المستقبل".
غياب العنصر النسوي عن الجائزة
ومن خلال استعراض السير الذاتية للفائزين، يبدو جليًا، وبكل وضوح، أن اغلبهم، إن لم نقل كلهم، أساتذة يعملون في ميدان التعليم، لكن انشغالاتهم بتكوين الأجيال الجديدة، لم تقف حجر عثرة في طريق إثبات ذواتهم كمؤلفين ومبدعين وباحثين، قادرين على حصد الجوائز.
ومن الملاحظات المسجلة أيضًا، من طرف بعض الحاضرين في حفل توزيع جائزة المغرب، غياب الوجوه النسوية المبدعة، التي لم تصل هذا العام إلى منصة التتويج، وكان إسم الطبيبة والأديبة فاتحة مرشد قد تردد كمرشحة لنيل جائزة السرد عن روايتها "التوأم"، لكن يبدو أن الحظ لم يسعفها، أمام رواية "المغاربة" لعبد الكريم جويطي.