أخبار

بين كسر المعايير الكاثوليكية وكسر معايير السياسة الأميركية

لوثر وترمب: كثير من القواسم الشخصية المشتركة وقليل من السياسة

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

هل تجوز مقارنة دونالد ترمب بمارتن لوثر؟ فلوثر أراد كسر قوة الكنيسة الكاثوليكية وترمب أراد كسر معايير السياسة الأميركية، وكل منهما يدور في فلك فشل المؤسسات السياسية طويل الأمد في التعامل مع الغرباء مثيري الشغب في البلاد.

عندما أثارت 95 رسالة لمارتن لوثر جدلًا بوقوفها ضد إحدى تقنيات جمع التبرعات في نقدٍ شامل لمذاهب الكنيسة الكاثوليكية وممارساتها، وقفت الكنيسة عاجزةً عن الرد. وبدلًا من التعامل مع أفكار لوثر، اكتفى رجال الكنيسة بتكفيره، في حين لم تلقَ محاولات بعض المعارضين مواجهته ومحاسبته على التناقضات في كلامه ردًا منه، سوى أنه – وببساطة - غيّر رأيه!

وعلى الرغم من تصاعد الإتهامات ضده، فإن ذلك صبّ في صالحه، وزاد عدد داعميه الذين وجدوا عظمةً في تلك الإتهامات.

عطلا المؤسسات القديمة

من بين نقاط التشابه بين ترمب ولوثر، نذكر أن الأخير تمتع بحس فكاهة وبشهية كبيرة وضغينة تجاه أي شخص يغضبه، فكان يصف هؤلاء بالـ"متعصبين"، ويستخدم أسلوبًا عنيفًا وصريحًا في مهاجمة الكنيسة.

لكن بالنسبة إلى الإثنين، ساهمت هذه الخصال في تعطيل المؤسسات القديمة، لا في بناء أخرى جديدة؛ فتمامًا كما يعود ترمب بإستمرارٍ إلى إنتصاره الانتخابي غير المتوقع من أجل التأييد، كذلك فعل لوثر طوال حياته حين كان يعود دومًا إلى مجلس وورمز في عام 1521، وتحديدًا إلى اللحظة التي كان يتوقع فيها أن تدينه الكنيسة الكاثوليكية ويستشهد، فأُنقذ بأعجوبةٍ بعد أن قرر أميرٌ ألماني رعايته وحمايته.

مع ذلك، فتلك اللحظات - التي تمسك بها لوثر ويتمسك بها ترمب - ليست كافية لتسمح لهما ببناء عالمٍ جديد. فلوثر  أراد للحرية أن تتماشى مع ما يريده هو، إلا أنه لم يستطِع أن يحتوي رغبة المجتمع الكبيرة في التغيير، والتي كان هو من أوجدها في الأساس، وخيب بالتالي آمال داعميه الذين ثاروا عليه، فواجههم بجيوشٍ قمعتهم وذبحتهم. 

ضمير!

لو عاش لوثر  ليلتقي بترمب، فكانا على الأرجح سيتفقان من دون شك، وتحديدًا على فكرة أن الرجال أذكى من النساء، وأن الجنس اللطيف خلقه الله كي يبقى في المنزل!

هذا، وكان القائدان سيكتشفان سريعًا قلة صبرهما المشترك تجاه القانون والمحامين؛ فالإثنان مستعدان لإعطاء الضوء الأخضر لأي حاكم هما بحاجةٍ لخدمة منه، ولا سيما الحاكم الذي لا يرفض التغاضي عن القواعد المتعارف عليها في سبيل إتمام المطلوب مع عدم التدخل في ما يقومان به.

لكن، في النهاية، كان لوثر رجل ضمير، وقابلًا لأن يليّن مبادئه حين يفرض عليه الواقع ذلك، وهو على الأرجح ما كان ليعطي رأيًا حسنًا بسياسي لم تكن إرادته في السلطة ترتكز بقوةٍ على أي قناعاتٍ أعمق!

إذا أراد ترمب أن يصبح لوثر عصره، فالطريق لن تكون سهلة أبدًا؛ سيحتاج إلى تجميع "فتته" السياسية والأيديولوجية والعاطفية ليكوّن منها فكرةً واحدة ومتماسكة تكون مبدأً ثوريًا يستطيع أن يحرك أرواح الناس، حتى بعد قرونٍ قادمة!

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير عن "فورين بوليسي". الأصل منشور على الرابط التالي:
http://foreignpolicy.com/2017/05/23/martin-luther-was-the-donald-trump-of-1517/

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف