تزايد الاقبال على "الدجالين" في كردستان العراق

إيلاف من أربيل: أثار إنتشار مراكز الطب والأعشاب إمتعاض ورفض الجهات الصحية والدينية التي تهدد المعالجين بالطب النبوي بمقاضاتهم بسبب مخالفاتهم لقوانين الصحة والشريعة الإسلامية، فيما يلجأ مواطنون ومرضى الى المعالجين بالطب والأعشاب بدلاً عن الأطباء والعيادات الطبية، ويعزو الباحثون والإستشاريون في علم النفس السبب الى التخلف وعدم التوعية الإجتماعية.

يقول الملا علي كلك، الذي يسمي نفسه المعالج بالطب النبوي في إقليم كردستان، في حديث لـ "إيلاف"، إنه نجح في علاج الكثير من المواطنين الذين يتوافدون عليه بواسطة اللمس أو الضرب على رأس المرضى والمراجعين، مضيفاً أن العلاجات التي يقدمها للمرضى مستمدة من علاجات الطب النبوي والأعشاب، الى جانب قراءة سور من القرآن الكريم على المرضى، كما يزعم لإخراج وطرد الشياطين والروح الشريرة من جسدهم، بل إنه يتحدّث بثقة عن قدرته على مخاطبة الجنّ وتوجيه الأمر إليه بترك جسد المريض أو يواجه القتل.

الأرواح الشريرة

ويشير إلى أن الكثير من المرضى الذين يتوافدون الى مركزه يوميًا بحاجة الى طرد الأرواح الشريرة التي تؤذيهم وتضربهم.&

كما ويتحدى الملا علي كلك، الذي يدير مركزًا طبيًا في ناحية كلك التابعة لأربيل، الأطباء المختصين بتقديم علاج ناجع وفعّال على غرار ما يقدمه هو لمرضاه، خاصة المصابين بالسرطان من خلال مزيج من بول الإبل ونبتة الأعشاب.

وتابع بالقول لابد أن يقوم المعالج بالرقية الشرعية، وأثناء ذلك لا بد من تحديد المكان الذي يستقر فيه الجني الصارع عن طريق سؤال المريض عن بعض الأعراض التي يعاني منها وأماكنها، ويستطيع المعالج المتمرس معرفة مكان تواجد ذلك الجني لطرده من جسد المريض.

وكان ملا علي كلك قد ألقي القبض عليه مؤخرًا بناء على شكوى قدمتها وزارة الصحة في إقليم كردستان، بسبب ممارسته الخارجة عن قانون الصحة.

خدعة المرضى

من جانبه، أكد خالص قادر المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة في حكومة الإقليم في تصريح لـ"إيلاف"، أن ما يقوم به الملا علي كلك ما هو الا خدع وأباطيل وسحر، وأن ممارسته لا تستند الى أساس علمي وطبي، مشيراً الى تسجيل الوزارة دعوى قضائية ضده.

كما أشار الى أن وزارة الصحة طلبت من الجهات المختصة ووزارة الداخلية اتخاذ الاجراءات اللازمة لايقاف هذا العمل، الذي وصفه بالمقزز والسحري.

أما وزارة الأوقاف والشؤون الدينة في حكومة إقليم كردستان تشير الى أن مراكز العلاج الروحي هي نشاطات خاصة لاتكون للحكومة سيطرة مباشرة عليها، وهي شبيهة بعمليات الشعوذة.

وقال مريوان النقشبندي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الأوقاف، في تصريح لـ"إيلاف"، يجب ان تكون هنالك آلية من قبل الحكومة وبالاتفاق مع جهات أمنية والمؤسسات الصحية، لمعالجة مثل هكذا المراكز التي تمارس عمليات النصب والاحتيال، بحسب تعبيره.

وبين النقشبندي أن وزارة الأوقاف قررت فصل الملا علي كلك الذي كان منتسبًا لها بسبب ممارسته غير الشرعية، وهي لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية، وأنها تهدف فقط الى جني الأموال.

التخلف وإنعدام التوعية

وتقول ليلى كمال، الباحثة الإجتماعية، في حديث لـ"إيلاف"، إن الأوضاع الراهنة الذي يمر بها البلد وكذلك تدهور الوضع الصحي وأداء الخدمات الصحية وكثرة الامراض، بالاضافة الى التأثيرات النفسية على المواطن بسبب الحروب والمعارك، تدفع الكثير من المواطنين الى مراجعة مراكز طب الأعشاب وأحيانًا السحرة، بالإضافة الى غياب التّوعية الإجتماعيّة والقوانين الّتي تتعامل مع ظواهر كهذه، وأن المجال يمثّل تجارة مربحة، بحسب تعبيرها.

وأوضحت كمال أن ظاهرة الدجل والشعوذة لا تزال تطغى على المجتمعات الشرقية التي لم تزل تعاني تحليق بعض أبنائها في تخوم فلسفة الغيب والانزلاق على أوهام تدل عليها مؤشرات الخوف من المجهول وتستثيره دوافع الجهل المتوارث، وكذلك الاعتقادات الخاصة التي تنبثق من جهل لا يرتبط بحركة التطور العلمي والطبي، ناهيك عن الترويجات والإعلانات في مواقع التواصل الإجتماعي وأحيانًا من خلال القنوات التلفزيونية لتلك المراكز التي تتدعي طرد الأرواح الشريرة للمرضى.

ضحايا السحرة

أم سارا، إحدى المراجعات لمراكز الأعشاب والطب النبوي، تؤكد بأنها نقلت إبنتها الى مركز أعشاب طبية في أربيل لمعالجة الإضطرابات النفسية التي تعاني منها منذ فترة، مشيرة الى أنها دفعت أموالاً كثيرة بغية شفاء ومعالجة إبنتها، لكن تلك العلاجات لم تجدِ نفعًا، واصفة هذه المراكز بأنها تستغل المرضى النفسيين وتأخذ منهم أموالاً دون فائدة، كما أن المعالجين يدعون بأن الجن يسكن جسد إبنتها، وأنهم يرددون نفس العبارات لأغلب المرضى، الذين يلجأون اليهم، بحسب قولها.
&