البرازيل تتّجه نحو سياسة جديدة تمليها العدالة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ريو دي جنيرو: يتخوف البعض من ان يؤدي التحقيق في قضية بتروبراس الذي نجمت عنه عملية تنظيف كبيرة للديموقراطية البرازيلية، من تحويل البلاد الى "جمهورية للقضاة" مع عمليات الدهم والتنصت على المكالمات الهاتفية والوشايات المدفوعة والاحكام التي تشمل السياسيين من كل الاتجاهات.
فخلال ثلاث سنوات، بلغت عملية "الغسل السريع" التي يجريها من كوريتيبا (جنوب) بسرعة كبيرة مدعون شبان وقاضي المحكمة سيرجيو مورو، اعلى مستويات السلطة وكشفت عن اختلاسات كلفت العملاق النفطي اكثر من مليوني دولار.
ويواجه الرئيس المحافظ ميشال تامر اتهامات خطيرة بتلقي رشاوى وعرقلة عمل القضاء، ولم تعد ولايته معلقة إلا بخيط رفيع. فكبار وزرائه يتعرضون للتحقيقات، وكذلك عشرات النواب.
وتستهدف ستة اجراءات قضائية الرئيس الاسبق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا (2003-2010) الذي يعد رمز اليسار الاميركي الجنوبي، وقد يحكم عليه بالسجن.
ويقول دانيال فارغاس، استاذ القانون العام في "مؤسسة غوتيليو فارغاس" في ريو دو جانيرو، ان هؤلاء القضاة "يملون اليوم التحركات السياسية"، سواء ارادوا ذلك ام لا.
وخلال ظهورهم العلني، لا يكتفون بإبداء اراء تقنية حول قراراتهم، لكنهم يعبرون عن "رؤيتهم للبرازيل" التي غالبا ما تستهدف "عدوا واحدا هو النشاط السياسي الذي يلوثه الفساد"، كما يؤكد فارغاس.
- السياسة بالمعنى الواسع -
ويعرف المتخصص بالعلوم السياسية اندري سينغر، مستشار الاتصالات للرئيس لولا دا سيلفا في ولايته الاولى، هذا الحراك بأنه حراك "حزب القضاء".
ويرفض كبار المعنيين هذا التعبير.
وفي بريد الكتروني بعث به الى وكالة فرانس برس، اكد المدعي دلتن دالانغول (37 عاما) الذي ينسق عملية الغسل السريع، "لا يمكننا ان نتحدث كما اعتقد عن +حزب القضاء+".
ويؤكد ان مداخلاته ومداخلات معاونيه في نقاشات المواطنين هي مع ذلك "سياسية، لكن بالمعنى الواسع"، وتسعى الى "التأثير على السياسات العامة لمكافحة الفساد"، لكنها ليست سياسية بالمعنى "الحزبي" للكلمة.
وينفي القاضي مورو (44 عاما) الذي رفعه البعض الى مصاف البطل الوطني، اي طموح سياسي. وهذا لا يمنعه من ان يكون واحدا من الشخصيتين الوحيدتين العامتين القادرتين على التغلب على لولا في الدورة الثانية من انتخاب رئاسي، كما يفيد استطلاع للرأي اعده معهد داتافولها وصدرت نتيجته في 30 نيسان/ابريل.
- +تقليد الافلات من العقاب+ -
تعتبر سيلفانا باتيني، مدعية الجمهورية في ريو دو جانيرو، ان هذا القضاء العنيد يقوم بوضع حد نهائي "لتقليد الافلات من العقاب المتعلق بالجرائم التي يقترفها رجال السياسة".
واضافت "للمرة الاولى في تاريخنا، حطمنا حواجز كانت تحمي طبقة بكاملها".
ومن اجل هذه الغاية، يتوافر لمدعي عملية "الغسل السريع" سلاحان يثير استخدامهما الجدل، وهما الحبس على ذمة التحقيق و"الوشايات المدفوعة" والاعترافات من خلال إسقاط العقوبة.
ويواجه تامر تسجيلا قام به من دون علمه رئيس شركة ثم سلمه في وقت لاحق الى القضاء.
وفي هذا التسجيل، اعطى الرئيس على ما يبدو موافقته على دفع رشاوى لشراء صمت نائب سابق مسجون اليوم.
- حركة ضد المؤسسة الحاكمة -
في العام الماضي، اصدر حوالى مئة محام بيانا قارنوا فيه عملية "الغسل السريع" ب "محاكم التفتيش، او محاكم التفتيش الجديدة" التي "لا تحترم الحقوق الاساسية للمتهمين".
لكن سيلفانا باتيني تعتقد أن الوسائل التي يستخدمها مورو والمدعون منصوص عنها في الدستور، وان كان "من الصعب احترام بعض الجوانب".
لكنها تعول على المحكمة العليا، الوحيدة المخولة مع ذلك محاكمة رجال السياسة الذين يتمتعون بالحصانة، للاضطلاع بدور "الضامن" للمؤسسات.
وبدأ عدد كبير من البرازيليين يتساءلون من سيكون قادرا على اخراجهم من دوامة "الغسل السريع".
ويزداد ظهور شخصيات معادية لمؤسسة الحكم تمهيدا للانتخابات الرئاسية في 2018.
ومن هذه الشخصيات، نائب اليمين المتطرف جاير بولسونارو او جواو دوريا العمدة الجديد لساو باولو، الشهير بلقاءئه الاعلامية، والذي تعرضت اساليبه المتشنجة لمكافحة آفة السحر للانتقادات الشديدة.
واكدت باتيني "القول اننا لا نشعر بالقلق سيكون كذبا، لكن لدى البرازيل مؤسسات قوية".