أخبار

أعداد الباعة المتجولين تزداد بشكل ملحوظ

مدن المغرب تتحول الى أسواق عشوائية في رمضان

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

«إيلاف» من الرباط: مع حلول شهر الصيام في المغرب، تتغيّر طبيعة مختلف المدن والحواضر بالبلاد لتتحول إلى مراكز تجارية "متنقلة" وأسواق"عشوائية"، في ظل تزايد الباعة المتجولين وظهور مهن موسمية ترتبط بشكل وثيق بالأجواء الرمضانية، حيث يكثر الإقبال على منتوجات مختلفة بشكل متزايد، تلبية لحاجيات الأسر المغربية طوال الشهر.

أحياء وطرقات مكتظة

تبدأ الحركة التجارية بشكل يومي بعد صلاة الظهر، لتشهد مرحلة الذروة بعد صلاة العصر مباشرة وقبيل غروب الشمس بفترة وجيزة، حيث تخرج الأسر للتبضع  واقتناء ما يلزمها من مواد ومنتوجات غذائية خاصة بمائدة الإفطار، من فطائر جاهزة، فواكه، خضر، لحوم، أسماك وتوابل و غيرها.

رواج تجاري يصاحبه اختناق كبير على مستوى حركة السير، خاصة مع وجود باعة متجولين يعملون على إغراق الطرقات ومداخل الأحياء الشعبية بالعديد من المواد المعروضة للبيع، اكتظاظ واضح يوازيه استحواذ بعض أصحاب الدكاكين على مساحات إضافية من الطريق المخصص للمارة، بهدف عرض أكبر عدد ممكن من المواد الغذائية، والحصول على ربح وفير.

لا تخفي بديعة، ربة منزل، امتعاضها من الازدحام الذي تشهده المدينة العتيقة لسلا بشكل يومي خلال رمضان، حيث تشهد محلات البقالة والمواد الغذائية إقبالاً كبيرًا، إضافة إلى احتلال الباعة المتجولين لأجزاء مهمة من الطريق، يتم تحويله لاحقًا لملكية خاصة، مما يتسبب في نزاعات بينهم في أحيان كثيرة، ليتطور الأمر إلى مشادات كلامية ومشاجرات.

تقول بأسف شديد "الخروج للتبضع واقتناء حاجيات المنزل أصبح هاجسًا بالنسبة لي، بسبب الازدحام الحاصل وضيق المكان، إضافة إلى الإزعاج الذي تسببه العربات المجرورة التي يستخدمها الناس لحمل مقتنياتهم، لكونها لا تتناسب إطلاقًا مع طبيعة الأحياء الشعبية المزدحمة في مختلف المدن".

ترى بديعة أن الأمر لا يخلو من تشويه لصورة وجمالية المدن، والتي يتسبب فيها كثرة البائعين من دون اكتراث بما يحصل، حيث يقومون بترك مخلفاتهم في الشارع، من بقايا لفواكه وأسماك، غير آبهين بالروائح والأضرار الصحية، التي قد تسببها للسكان المجاورين.

مهن موحدة

تكتري فاطمة، مطلقة وأم لطفلين، محلا تجاريا بأحد الأحياء الشعبية لمدينة سلا، تخصصه لصنع الفطائر التي يكثر عليها الإقبال قبيل الإفطار، بهدف إعالة أسرتها الصغيرة، وتوفير عيش كريم لابنيها، اللذين يتابعان تعليمهما.

ما يغيظ هذه السيدة الأربعينية هو توافد العديد من النساء اللواتي يجلسن غير بعيد عن محلها، لبيع نفس الفطائر المغربية التي تقدمها لزبائنها، من"رغايف"،"رزة القاضي"،"بغرير"و"بطبوط"، مما يساهم في التضييق على تجارتها بشكل مباشر، خاصة أن لديها مصاريف إضافية تهم كراء المحل، ومنح أجرة يومية لإمرأة تقوم بمساعدتها على توفير الطلبات للوافدين على المحل.

من جهتها، تؤكد "مي عيشة" او "أمي عائشة"، أن رواية التضييق على من يمارسون نفس الحرفة لا أساس لها من الصحة، فالرزق مسألة يكفلها الله سبحانه،"شخصيًا، لست هنا لأنافس احدًا، الظروف المادية الصعبة التي امر بها هي التي دفعتني للخروج للشارع لكي أكسب قوت يومي، علمًا أني لا أمتهن بيع الفطائر طوال السنة، صحتي لم تعد تقوى على بذل المزيد من الجهد، وخلال باقي الايام العادية، أقوم ببيع الملابس المستعملة".

تجد"مي عيشة" نفسها مضطرة للعمل رغم تقدمها في السن، وذلك رغبة منها في مساعدة ابنتها على توفير مصروف البيت،"لديّ ابنة وحيدة منفصلة عن زوجها، وبالتالي من الضروري أن نساعد بعضنا البعض لنتمكن من العيش وتوفير مصاريفنا اليومية الإضافية، بما في ذلك مصاريف حفيدتي الصغيرة".

تعتبر أن كثرة الباعة المتجولين والمهن المقتصرة على المناسبات الدينية في رمضان بالمغرب مسألة إيجابية، لكونها تساهم في إعالة أسر كثيرة، خاصة في ظل تزايد أعداد من يعانون من البطالة، مضيفة: "نحن نساعد النساء المغربيات بتوفير أصناف معينة من الأكلات والمواد الخاصة بالشهر الفضيل، علمًا أن المرأة لم تعد تجد الوقت الكافي لتجهيز كل المنتوجات، بالنظر لمتابعة دراستها وخروجها للعمل"، تضيف بابتسامة عريضة.

حلول بديلة

يؤكد عبد العالي الرامي، وهو فاعل جمعوي، أن الأسواق العشوائية التي يشهدها المغرب لها نتائج سلبية عديدة، تشمل عرقلة السير، فضلاً عن كونها لا تخضع للمراقبة في ما يخص جودة المنتوجات التي يتم عرضها لعموم المواطنين، وكذا تسببها في خدش جمالية المدن التي تحتضنها.

وأضاف الرامي في اتصال هاتفي مع"إيلاف المغرب" أن هناك مشاريع لأسواق نموذجية، كما هو الحال في السوق النموذجي المقام بحي يعقوب المنصور بالعاصمة الرباط، والذي تم إنشاؤه بناء على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية".

واعتبر المتحدث أن ظاهرة الباعة المتجولين أضحت موجودة طيلة السنة، مطالبًا في الآن ذاته بضرورة توفير أسواق تفتح وفق توقيت محدد، وبمعايير خاصة، كما هو الحال ببعض الدول التي تنتهجها.
وتكمن الإشكالية وفق الفاعل الجمعوي في الإضرار بالشكل الجمالي للأحياء، والاستحواذ على الأرصفة الخاصة بالمواطنين، مما يطرح مشكلًا أساسياً في تناول هذه الظاهرة، يؤكد الرامي قائلاً: "يجب عدم التساهل مع من يقومون بهذا الأمر، وكذا توفير حلول بديلة لهؤلاء الباعة، توفر لهم العيش الكريم، لذا، أصبح من الضروري تنظيمهم وفق أسواق نموذجية في أماكن محددة، والأهم من ذلك ان تخضع هذه المهن للتنظيم".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف