تساؤلات حول عودة واشنطن وباريس إلى الخط الكيميائي الأحمر بسوريا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
باريس: بعد إعراب رئيسي فرنسا والولايات المتحدة عن استعدادهما ل "رد مشترك" في حال حصول هجوم كيميائي في سوريا، اثارت العودة الى مفهوم "الخط الاحمر"تساؤلات بين خبراء الملف.
وكانت باريس وواشنطن توعدتا بان "تعاقبا" معا السلطات السورية غداة هجوم كيميائي في اغسطس 2013 ادى الى مقتل اكثر من 1400 شخص بغاز السارين قرب العاصمة السورية، لان النظام يكون بذلك قد تخطى "الخط الاحمر" الذي رسمه الرئيس السابق باراك اوباما.
لكن اوباما تراجع في اللحظة الاخيرة، ورمى الكرة في ملعب الكونغرس، قبل ابرام اتفاق مع روسيا لتفكيك ترسانة سوريا من الاسلحة الكيميائية.
وشعرت فرنسا التي لا تستطيع ان تتدخل عسكريا بمفردها في سوريا، بالمرارة بعد تخلي الحليف الاميركي عن تنفيذ تهديده. وباتت مسالة التراجع عن التهديد بالتدخل في حال تجاوز "الخط الاحمر"، علامة مهمة في النزاع السوري راى فيها البعض بداية هزيمة للمعارضة السورية وانقلابا للوضع لمصلحة النظام السوري وحليفيه الايراني والروسي. مع ذلك، وبعد اربع سنوات، عاد مفهوم "الخط الاحمر" مجددا الى مقدمة المشهد.
ففي بداية ابريل 2017 وبعد هجوم كيميائي مفترض اوقع 88 قتيلا على الاقل في خان شيخون في شمال سوريا، قال الرئيس الاميركي دونالد ترمب انه "تم تجاوز العديد من الخطوط" وشن هجمات على قاعدة الشعيرات الجوية وسط سوريا. وفي نهاية مايو ولدى استقباله نظيره الروسي فلادمير بوتين، تحدث الرئيس الفرنسي مجددا عن "الخط الاحمر" واكد ان باريس ستضرب سوريا، منفردة ان اقتضى الامر، في حال استخدام السلاح الكيميائي.
واعلنت واشنطن وباريس الثلاثاء استعدادهما للتدخل بطريقة منسقة ردا على اي هجوم كيميائي للسلطات السورية، وذلك بعدما اعلنت الادارة الاميركية انها رصدت استعدادات "محتملة" في هذا الاتجاه وخلصت الى وجود نشاط مشبوه في قاعدة الشعيرات.
جعجعة
لكن مصدرا قريبا من الملف اعتبر ان الامر لا يزيد على "الجعجعة الكلامية"، مشيرا الى انه "حتى في حال تنفيذ ضربات، وفرنسا يمكنها بالفعل تنفيذها منفردة، فان الامر سيكون اقرب مرة اخرى الى تسجيل الموقف اكثر منه اجراءات يمكن ان تقود النظام (السوري) الى تغيير سياسته".
كما ان الستين صاروخ توماهوك التي اطلقتها واشنطن ليل 6 الى 7 ابريل على قاعدة الشعيرات، لم يستتبعها تغيير جذري في المقاربة الاميركية للملف السوري. وكتب شارل ليستر الخبير في الشأن السوري "لن تكفي غارات تأديبية محدودة او تصريحات قوية، لردع نظام قتل مئات آلاف الاشخاص".
ويرى خبراء ان الغارات والتهديد بغارات اميركية فرنسية لا يستهدف تغيير موازين القوى في سوريا. من جهته يرى الباحث كريستوفر فيليب ان الامر لا يتعلق "بتهديدات جوفاء، لكن الامر اقرب الى رسالة الى سوريا وايران". وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون نفسه اكد في الاونة الاخيرة ان رحيل الرئيس السوري بشار الاسد لم يعد اولوية لدى فرنسا.
من جهة اخرى لا يزال التعاون الاميركي الفرنسي بحاجة الى اثبات، خصوصا وانه تم ابلاغ باريس بالغارات الاميركية في ابريل 2017 بشكل متأخر، ولم يكن بامكانها الانضمام اليها حتى ولو كانت راغبة في ذلك. كما ان مسالة "الخط الاحمر" تطرح اشكالا آخر اخلاقي الطابع، بحسب باحثين، حيث انه يمكن تاويلها على انها تعني منح "صك على بياض" لاي فعل مغاير لما هو وارد بانه يتجاوز "الخط الاحمر".
في هذا السياق تساءل البروفسور اللبناني في الجامعة الاميركية في باريس زياد ماجد عن رد الفعل ازاء "التعذيب في سجون النظام وبراميل المتفجرات والسكان المحاصرين".
اما الباحث برونو تيرتري فراى ان مفهوم "الخط الاحمر" له مزية وهي التذكير بالمحرم التاريخي الذي يشكله استخدام الاسلحة الكيميائية. لكن هذا المحرم جرى انتهاكه مرارا منذ بداية النزاع السوري في 2011، بحسب تقديرات منظمة حظر الاسلحة الكيميائية.