انتكاس خلوي تطوري يعود إلى خلية ما قبل مليار سنة
نظرية جديدة قد تغير كل المفاهيم السائدة عن السرطان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ثمة نظرية طبية جديدة تعرف السرطان بأنه انتكاس تطوري للخلايا، تعود فيه هذه الخلايا إلى شكل الحياة أحادية الخلية التي انتشرت في الأرض قبل مليار سنة، ربما تغيّر كل المفاهيم السائدة اليوم بشأن السرطان.
لندن: تُستثمر مليارات الدولارات في مكافحة السرطان، لكن على الرغم من ذلك ما زال هذا المرض عدوًا لا يُغلب. ويلاحظ العالم الاميركي بول ديفيز أن هذا الإنفاق قائم على أساس الفرضية القائلة إن المل هو الحل.
يرجح ديفيز، الفيزيائي النظري في جامعة أريزونا، وأمضى سنوات في دراسة السرطان البعيد عن اختصاصه الأصلي، أن يكون السرطان انتكاسًا تطوريًا للخلايا، تعود فيه من حالتها المعقدة الحالية إلى شكلٍ أشبه بأشكال الحياة أحادية الخلية التي كانت منتشرة في الأرض قبل مليار سنة، وذلك بحسب تقرير نشرته مجلة "نيوزويك"، يمكن أن يبدّل كل المفاهيم السائدة حول الطرائق المستخدمة حاليًا في علاج السرطان.
من خلية إلى خلايا
ربما يكون ديفيز مصيبًا في رأيه، فتكون خلايا المصاب بالسرطان تتصرف كما كانت تتصرف سابقاتها قبل مليار سنة. في هذه الحالة، ربما تكون طرائق العلاج المتبعة حاليًا خاطئة.
انطلق ديفيز في بحثه في أصل السرطان من حقيقة مفادها أنه شائع في جميع أشكال الحياة متعددة الخلايا، أي في أي كائن عضوي يتكون من خلايا عدة، وليس من خلية واحدة مثل البكتيريا. ويشير حدوث السرطان في العديد من الأنواع والأجناس إلى انه نشأ قبل زمن طويل على وجود الانسان. ويقول ديفيز إن السرطان مغروس بعمق في طريقة نشوء الحياة متعدد الخلايا. وهو يوضح أن الأورام الخبيثة تتصرف وكأنها كائنات عضوية أحادية الخلية.
وخلافًا للخلايا الثدية، ليست خلايا السرطان مبرمجة لأن تموت لاحقًا، الأمر الذي يجعلها عمليًا عصية على الموت. كما أن الأورام تستطيع البقاء بقليل من الأوكسجين. ويرى ديفيز وفريقه الذي يضم مختصًا بالبيولوجيا الفلكية وآخر بالمعلوماتية البيولوجية أن هذه الحقيقة تسند الفكرة القائلة إن السرطان ظهر قبل مليار إلى 1.5 مليار سنة، حين كانت كمية الأوكسجين في الجو قليلة للغاية.
آلية دفاعية قديمة
يُضاف إلى ذلك أن عملية التمثيل في الخلايا السرطانية تختلف عنها في الخلايا الطبيعية. فهي تحول السكر إلى طاقة بسرعة هائلة، وتنتج حامض اللاكتيك الذي يتكون عندما تحدث عملية التمثيل في غياب الأوكسجين. بكلمات أخرى، أن الخلايا السرطانية تتخمر، والعلماء لا يعرفون السبب.
كما تنتج الخلايا السرطانية حامضًا يخلق بيئة مماثلة لبيئة الأرض حين نشأت الحياة فيها أول مرة. وقاد هذا التشابه بين البيئة داخل الخلية السرطانية، والبيئة على كوكب الأرض في غابر الزمان، إلى التساؤل عمّا إذا كان انتاج الحامض "صفة بدائية" من صفات الخلايا السرطانية.
لاحظ مارك فنسنت، الباحث الكندي المختص بأمراض السرطان، أن تمكن الخلايا السرطانية "من استخدام هذا الحامض لنهش الجسد الإنساني" يضفي صدقية على النظرية القائلة إن السرطان عودة نشوئية إلى الوراء.
إذا كان السرطان شكلاً من أشكال النكوص إلى حياة سابقة، فما هي آلية تشغيل هذا المفتاح؟
يعتقد ديفيز أن النكوص يحدث عندما يتعرض الجسم لتلف أو يعاني ضغطًا نفسيًا. وهو يستخدم مماثلة كومبيوتر مصاب بخلل في مكوناته الصلبة ويبدأ التشغيبل من نمط الأمان. ويقابل الخلل في المكونات الصلبة حدوث خطأ في استنساخ الحمض النووي في الجسم. ويذهب ديفيز إلى أن السرطان "آلية دفاعية ذات جذور قديمة جدًا".
اعتقاد مختلف
يقول العالم البيولوجي ديفيد غود إن انتقال الخلايا السرطانية من خلايا حيوانية إلى كائن أحادي الخلية ليس نتيجة عرضية محضة لتغيّرات عشوائية، بل تدفع ضرورة البقاء الخلايا السرطانية نحو جينوم أكثر بدائية. يوضح غود أن "العودة إلى حالة أكثر بدائية لا تساعد الخلية السرطانية على الانشطار بسرعة أكبر فحسب، بل على التكيّف أيضًا مع الضغوط البيئية المستمرة التي تواجهها".
يختلف هذا الرأي جذريًا عن الاعتقاد السائد حاليًا في الأوساط الطبية، ومفاده أن السرطان مرض سببه الجينات، وأن طفرات موروثة أو تغيّرات وراثية عفوية وغير متوقعة تسببها أحيانًا مسرطنات بيئية، تنتج نسخًا من الجينات تُحدث خللًا في العمليات الطبيعية داخل الخلية.
يحدث أحيانًا أن بروتينًا مسؤولًا عن تفعيل الانشطار في الخلية لا يتوقف أبدًا وأحيانًا لا تصل الإشارة التي توعز بموت الخلية. واكتشف الباحثون عشرات الطرق التي يحدث فيها خلل نتيجة مثل هذه التغيّرات في الجينات.
يرى الفيزيائي ديفيز أن العقاقير الجديدة تركز على استهداف مواطن قوة السرطان، وليس مواطن ضعفه، مثل الدواء الذي يهدف إلى تعطيل البروتين الشاذ الذي يسمح للخلية بالانشطار بلا توقف. ويقول ديفيز إن لدى الأورام الخبيثة قدرة استثنائية على الإفلات من مفعول أي دواء جديد بإحداث طفرات وراثية تحافظ على قدرتها على الانشطار، مشيرًا إلى أن في الحياة خبرة 4 مليارات سنة لتطوير ردات على مثل هذه التهديدات.
أدوية كثيرة بدأت فاعلة تفقد فاعليتها لأن الخلايا السرطانية تصبح مقاومةً لها، متسببةً في استنزاف الخيارات العلاجية كلها في نهاية المطاف.
نظرية سلفية
تقترح نظرية العودة إلى بدايات نشوء الخلية مقاربات جديدة، ويرى أصحابها أن استهداف الأورام بأقل الجرعات الممكنة يمكن أن يمنع ظهور طرائق مقاومة للعلاج، تتيح انتشار المرض في الجسم. يقول ديفيز: "لا يتعين التخلص من الورم بل يكفي فهمه والسيطرة عليه".
يضع فنسنت في تصوره استغلال سمات أخرى للخلية السرطانية، مثل البيئة الحامضية التي تنتجها وتحمُّلها لقلة الاوكسجين. ويشير إلى إمكانية تطوير دواء يفعّله الحامض بحيث يستهدف الخلايا السرطانية، لا النسيج السليم.
يمكن أيضًا استهداف القوى التي تقف وراء عملية التمثيل في الخلية السرطانية التي تختلف اختلافًا كبيرًا عن العملية الطبيعية. وهناك أدلة متزايدة على انكشاف السرطان لمثل هذه العلاجات. وتختبر شركات صيدلانية الآن عقاقير ضد أنزيم متحول يحرك عملية التمثيل في سرطان الدم الحاد.
ويعمل باحثون على استغلال نقص الأوكسجين ضد الأورام، لكن النتائج الأولية ليست مشجعة حتى الآن، وما زالت هذه المقاربة علاجًا بديلًا يفتقر إلى الأدلة السريرية القوية على فاعليته. وليست هناك دراسات علمية تناولت بعمق إمكانية استغلال البيئة الحمضية داخل الخلية بوصفها علاجًا. فنظرية العودة إلى بدايات نشوء الخلية، أو النظرية "السلفية"، تبقى نظرية جديدة لم تُترجم إلى انجازات في ميدان العلاج. ويشكك كثير من الباحثين المختصين بأمراض السرطان في أن تتمكن هذه النظرية يومًا من تحقيق مثل هذه الانجازات.
نشوء في اتجاه معاكس
وجدت تحليلات وراثية أجراها علماء في جامعة صن يات صن الصينية أن انتشار السرطان في الجسم يحدث حين تفقد جينات متعددة الخلايا وظيفتها، ما ينهي التعقيد حيث تكون الأورام شبيهة بالكائنات العضوية أحادية الخلية.
لكنهم أكدوا أن الخلايا السرطانية لا تصبح "سلفًا بدائيًا" كان موجودًا قبل أكثر من 600 مليون سنة. وهم يرون أن فكرة "النشوء في الاتجاه المعاكس" إطار عام وعملية من عمليات متعددة المستويات، تستحث الإصابة بالسرطان واستفحاله.
بصرف النظر عن السجال الدائر بين النظرية "السلفية" الجديدة والعلاجات التقليدية، فإن كثيرًا من الخبراء يرون فائدة في كسر الحواجز الذهنية المحيطة بمرض السرطان. يقول ديفيد آغوس، مدير معهد لورنس جي. أليسون للطب التحويلي في جامعة ساوثرن كاليفورنيا: "إن مختصين بمرض السرطان مثلي فشلوا ولم يكن لهم في الحقيقة تأثير يُذكر في الصراع ضد هذا المرض الرهيب".
وشارك آغوس مع الفيزيائي النظري ديفيز في بحث عن الحاجة إلى تبصر جديد بشأن مرض السرطان. ويقول ديفيز إن مستقبل السرطان يمكن أن يعتمد على نظرية العودة إلى بداية نشوء الحياة أحادية الخلية.
أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "نيوزويك". الأصل منشور على الرابط التالي:
http://www.newsweek.com/2017/07/28/cancer-evolution-cells-637632.html
التعليقات
دراسة بحاجة الى دراسة
زبير عبدالله -سرطانات الثدي،فقط التحليل الجيني يدل على امكانية هذه المراة اوتلك للاصابة به،عدا عن ذلك،عدا عن ذلك بداية الحياة من البسيط الى المعقد وليس العكس...على الاغلب ازدواجية السلوك الروحي يؤدي الى انشطار الخلية عندما يدخل اليها الروح