الصين تجذب الادمغة التايوانية نحو المال وتبعدها عن السياسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تايبيه: اختبرت تايوان على مدى عقود حلفاءها وهم يبدلون ولاءهم لصالح الصين التي كان نجمها يبزغ، ولكن هناك مخاوف الآن من هجرة الأدمغة في أوساط شباب الجزيرة مع سعيهم إلى متابعة مسيرتهم المهنية في الصين.
وتفاقمت التوترات بين تايوان والصين منذ تولت الرئيسة تساي إينغ-وين المناوئة لبكين السلطة العام الماضي في تايوان، مع قطع الصين جميع الاتصالات الرسمية بجارتها.
ولا تزال بكين تنظر إلى الجزيرة كجزء من أراضيها التي تنتظر إعادة توحيدها في حين نما لدى الشباب تحديدا شعور بالاعتزاز بهويتهم التايوانية.
وكان الشباب في طليعة من أعربوا عن مشاعر معادية لبكين خلال الأعوام الأخيرة، حيث احتلوا البرلمان التايواني احتجاجا على الاتفاقيات التجارية مع الصين في ما عرف بحراك "صن فلاور" (دوار الشمس) عام 2014.
ولكن مع بقاء الرواتب الشهرية لخريجي الجامعات فور بداية مسيرتهم المهنية عند أقل من 1000 دولار منذ تسعينات القرن الماضي وارتفاع أسعار العقارات والمواد الاستهلاكية، بدأ البعض حاليا يتخذون نهجا أكثر براغماتية.
من جهتها، تعمل الصين على جذب المواهب التايوانية اليافعة في ما يصفه محللون بنهج "قوة الاقناع" الهادف إلى تبديل الولاءات السياسية.
وتخلت كاثرين وانغ (33 عاما) عن التعليم في رياض الأطفال في تايبيه وأطلقت عملها الخاص في أيار/مايو حيث تقدم دورات متنوعة للسيدات الصينيات الشابات في مدينة شيامن في جنوب شرق الصين، قائلة إنها "فقدت الأمل" بالاقتصاد التايواني.
وقالت "أرى شعاعا من الأمل في شيامن ويسعدني العمل هناك. أريد أن أصنع اسما لنفسي ولشركائي وآمل بتوسيع نطاق عملنا إلى كافة أنحاء الصين".
وتحصل وانغ على مسكن مجاني ومساحة للعمل كحافز من حكومة مدينة شيامن، في ما يشكل مثالا على الامتيازات التي تقدمها سلطات الاقليم، والتي تتضمن كذلك منحا سخية.
ويشير مكتب شؤون الصين في تايوان إلى وجود أكثر من 6000 شاب تايواني يعملون أو يتدربون في أكثر من 50 موقعا للمشاريع الشبابية الناشئة التي انطلقت منذ العام 2015. وشجع كبار قادة السياسة والأعمال، بمن فيهم رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ ومؤسس موقع "علي بابا" للتجارة الإلكترونية جاك ما، الشباب التايوانيين على البحث عن وظائف في الصين.
وبينما تقول وانغ إنها لا تملك أراء سياسية قوية، يضع آخرون مواقفهم جانبا مفضلين الحصول على وظائف.
واختار شاب في العشرينات من عمره العمل في الصين رغم دعمه استقلال تايوان الذي ترفضه بكين بتاتا.
وقال الشاب الذي رفض الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس "أركز فقط على كيفية أداء عملي بشكل جيد،" معربا عن أمله بأن تشكل الصين نقطة عبور نحو مهنة دولية.
وأضاف "يقول زملائي الصينيين أحيانا أشياء على غرار +تايوان جزء من الصين+ ولكن هذه حريتهم في التعبير".
ورغم كونها ديموقراطية متكاملة، إلا أن تايوان لم تعلن قط انفصالها التام عن الصين. وهددت بكين بالتحرك العسكري في حال قامت بذلك.
سياسة الجزرة
وهناك ارتباطات راسخة في مجال الأعمال بين الصين وتايوان. وتدفق المصنعون التايوانيون إلى جارتهم للاستفادة من مواردها وعمالتها الأرخص بعد رفع القيود أواخر الثمانينات.
وتعد الصين الشريك التجاري والسوق الأكبر لتايوان، حيث بلغ مجموع صادرات الأخيرة إليها 112 مليار دولار، بزيادة قدرها 40 بالمئة عن العام الماضي.
ولكن للروابط الشبابية بعد إضافي، بحسب شيه شنغ-فنغ، المحلل السياسي في جامعة "ناشونال دونغ هوا".
وقال شيه لوكالة فرانس برس إن "الصين تدرك بأن عليها اتباع نهج مرن واستخدام +(سياسة) الجزرة+ لجذب (الشباب) على أمل أن يكون لديهم بعض التأثير في الأوقات العصيبة، مثل فترة الانتخابات الرئاسية".
وأضاف "قد لا يدعم الشباب بشكل نشط اجندة بكين، ولكن يمكن خفض الأعمال العدائية وهو ما يعد استثمارا جديرا بالاهتمام بالنسبة إليها".
ولا توجد معلومات رسمية في تايوان بشأن عدد الشباب الذين يعملون لدى جارتها حاليا.
ولكن أظهرت احصائية أصدرتها مجلة "غلوبال فيوز"، التي تتخذ من تايبيه مقرا لها، في آذار/مارس أن نحو 60 بالمئة ممن استفتيت آراؤهم والذين تبلغ أعمارهم بين 20 و29 عاما، على استعداد للعمل هناك.
وانعكس هذا الاهتمام من خلال تحرك خطوط هاينان الجوية الصينية الأخير للتوظيف حيث تقدم أكثر من 1500 تايواني لـ80 وظيفة في بكين، بحسب وسائل إعلام رسمية صينية.
ويشير البعض إلى أن هذه التحركات عبر المضيق تعد طريقة بديلة جيدة لدعم الاستقرار في وقت تسوء العلاقات الرسمية. ولكن على الضفة الأخرى، هناك من يخشى بأن هجرة الأدمغة هذه قد تؤذي تنافسية تايوان.
واتهم مقال في صحيفة "ليبرتي تايمز" التايوانية هذا الشهر الصين بمحاولة تقسيم الجزيرة وجذب الشباب بعيدا عن مبادئهم السياسية.
واشار المقال إلى أنه "في حال لم تر الأجيال الشابة أملا في تايوان وشعرت بالتشاؤم حيال المستقبل، وإذا تحول الفقر إلى واقع، فكيف سيتمكنون من الشعور بواجب الإصرار على الديموقراطية والدفاع عن مثلهم العليا؟".