أخبار

بعض ردود الأفعال معادية للحرية

مخاوف من عودة محاكم التفتيش في محاربة "الأخبار الكاذبة"

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

واشنطن: أثارت الدعوات المطالبة بمحاربة "الأخبار الكاذبة" مخاوف من أن أصحابها يسيرون في طريق سيفضي في النهاية الى أساليب محاكم التفتيش والرقابة الدينية. وممن لديهم مخاوف كهذه الحقوقي الدنماركي ياكوب مشانغاما الذي أسس معهد ابحاث للدفاع عن حرية التعبير ضد أي مساس بها. 

لا يستهين مشانغاما بالخطر الذي تشكله الأخبار الكاذبة و"سلاح" المعلومات على عمل الديمقراطية. ولكنه يعتقد ان بعض ردود الأفعال على هذا التحدي معادية للحرية. وهو يشير، على سبيل المثال، الى قانون الماني يفرض غرامات على شبكات التواصل الاجتماعي التي تتخلف عن إزالة محتوى "غير قانوني" في غضون 24 ساعة. 

ورغم ان مشرعي القانون يقولون انه موجه ضد خطاب الكراهية والتشهير فان مشانغاما يعتقد ان السلطات الالمانية تطمس الحدود بين الأقوال التي تكون غير قانونية في كل الأحوال والتعريف الخاطئ لمفهوم الأخبار الكاذبة. 

ويلاحظ ان البرلمان الايطالي يناقش مشروع قانون يعاقب المنافذ الاعلامية على اختلاف انواعها إذاً نشرت "اخباراً كاذبة أو مبالغاً بها أو مغرضة عن بيانات أو حقائق من الواضح انها زائفة أو غير ثابتة". ولكن مشانغاما يتساءل كيف يمكن تحديد ما هو "مغرض" من دون إغراض؟ 

تاريخ الحرية في الغرب المسيحي

وللتحذير مما قد تؤول اليه مثل هذه القيود يلقي مشانغاما نظرة على تاريخ الحرية في الغرب المسيحي تاريخياً. وكان المسيحيون احتفلوا في عام 2013 بمرور 1700 سنة على فتوى الامبراطور قسطنطين التي أنهت اضطهادهم وأتاحت لهم قدراً من الحرية الدينية. ولكن بعد ستة عقود على تلك الفتوى بدأت الامبراطورية الرومانية الشرقية تفرض فهمها الخاص للمسيحية. 

ويتحدث القانون الذي اصدره الامبراطور جستينيان في اوائل القرن السادس عن وجود "هراطقة" أو منشقين دينيين يجب منعهم من التعبير عن آرائهم. 

وعلى الغرار نفسه يُذكر اختراع المطبعة في القرن الخامس عشر بوصفه محطة مهمة على طريق الحرية الفكرية والروحية تضاهي مجئ الاعلام الالكتروني والشبكات الاجتماعية. ولكن الحقوقي الدنماركي مشانغاما يلاحظ ان من اول ردود الافعال على اختراع المطبعة كان خطوة الكنيسة الكاثولكية بإعداد قائمة بالاعمال الممنوع طباعتها وتحديث القائمة بانتظام حتى القرن العشرين. وبررت الكنيسة قائمتها بالقول ان "حرية المعتقد" و"حرية ان يكون المرء مخطئاً" تضران بالفرد والمجتمع على السواء. 

احتكار الفكر

وجاء الاصلاح البروتستانتي بوصفه، بين اشياء أخرى، ثورة على تعنت الفاتيكان في فرض احتكاره للفكر ولكن مشانغاما يلاحظ "ان دولا بروتستانتية ايضاً حرصت على حماية نسخها الرسمية من "الحقيقة" واحتكارها لهذه الحقيقة ضد المذاهب المنافسة". 

وبرع علمانيو الثورة الفرنسية في تنديدهم بالطغيان المسيحي على العقل ولكنهم سرعان ما اصبحوا أنفسهم مستبدين. وحتى انصار الحرية الذين أسسوا الولايات المتحدة لم يدافعوا عن فكرة الحرية بثبات حين تسلموا مقاليد الحكم. 

القوانين الاوروبية لضبط وسائل التواصل الاجتماعي مهما كانت بغيضة وركيكة الصياغة لا تصل، بالطبع، الى حد حرق الهراطقة. ولكن الجدير بالتذكير ان السلطات في الماضي البعيد والماضي غير البعيد جداً كانت ترى ان هناك طرق تفكير وتعبير معينة تشكل تهديداً للمجتمع وتلاحمه بحيث انها يجب ان تُمنع بكل السبل الممكنة. فان مفهوم "حرية المرء في ان يكون مخطئاً" مفهوم محفوف بالمخاطر دون ان يكون هناك ما يضمن بقاءه على المدى الأبعد. 

أفكار ضارة

وفي زمننا هناك كثير من الأفكار التي لا تُعد في العالم الغربي الليبرالي خاطئة فحسب بل ضارة وتتجاوز حدود الخطاب المحترم ايضاً مثل انكار المحرقة النازية ضد اليهود (الهولوكسوت) أو الافكار العنصرية بشكل سافر أو الأفكار المعادية لمساواة المرأة. 

ولكن السخرية الهادفة والحجة المضادة القوية رد افضل من السجن أو الغرامات على اصحاب هذه الأفكار طالما انهم لا يذهبون الى حد التحريض على العنف في محاولتهم نشرها.

وأشد الردود فاعلية على الأخبار الكاذبة هي الأخبار الصادقة. ومن لديهم معتقدات عميقة بشأن القضايا الروحية فان أفضل رد يمكن ان يقدموه على التحديات اللاهوتية لمعتقداتهم هو الحجة بالحجة وليس بالسلاح أو الملاحقة. 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الايكونومست". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.economist.com/blogs/erasmus/2017/08/inquisitors-internet
 


 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف