تسريبات ويكيليكس: قطر تحمي أموال الإرهابيين
فيلم وثائقي يكشف الزواج السري بين الدوحة والإرهاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
«إيلاف» من دبي: كشف أكاديميون النقاب عن فيلم وثائقي بعنوان "قطر: حليف خطير"، إذ يقدم فيه خبراء يعملون في مؤسسات أكاديمية ومراكز أبحاث عالمية نظرة تحليلية لأزمة قطر الحالية وانعكاساتها على المنطقة، وهو فيلم وثائقي لشركة بيك ميديا- PIC Media، ويكشف ذلك الفيلم الزواج السري بين الدوحة والإرهاب. وفي سياق متصل، كشفت تسريبات "ويكيليكس" عن أن قطر تحمي أموال الإرهابيين وتردد في محاربة تمويل الإرهاب كون لها مصالح مشتركة مع تنظيمات ارهابية عديدة.
ومن جهة أخرى، أكد مفكرون وباحثون وأكاديميون من الإمارات والكويت والبحرين على أهمية الضغط على قطر لثنيها عن سلوكها الخاطئ، ودفعها للاستجابة للمطالب المشروعة للدول الأربع لإنهاء الأزمة، لافتين إلى أن الأزمة أعادت مجلس التعاون الخليجي إلى المربع الأول، وأن القضية أظهرت أن هناك من يبحث عن ثغرة لتفكيك منظومة مجلس التعاون، وهو ما يفسر دخول إيران وتركيا على الخط من جانب قطر التي تحولت إلى أداة ينفذ بها ذلك.
فيلم أميركي
وفي التفاصيل، سيجري عرض فيلم "قطر: حليف خطير" على القنوات الفضائية الأميركية بالتزامن مع جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ويتكون الفيلم من ستة فصول، الأول هو "تاريخ مضطرب" ويدرس تاريخ قطر وعلاقاتها داخل دول مجلس التعاون الخليجي، والثاني "الإخوة في أكثر من الاسم" ويركز على علاقة قطر مع الإخوان المسلمين، والثالث "التصاميم الخطرة"، وهو تحليل لتحالف قطر المتنامي مع تركيا والعناصر الأخرى التي تروج للإسلاموية، والرابع "وضع العلاقات التطبيعية بين قطر وإيران في سياق تصاميم إيران في المنطقة"، والفصل الخامس "صوت الجزيرة"، وهو استكشاف للخط الفاصل بين الأخبار والدعاية، وكيف تؤثر شبكة قطر الممولة من الحكومة على أجندة متطرفة، والفصل الأخير "متابعة المال" والتحقيق في كيفية استخدام قطر ثروة لا توصف للحفاظ على التحالفات مع الدول الغربية، في الوقت نفسه تمويل الأنشطة المتطرفة والإرهابية تقويض تلك الدول نفسها.
الدوحة تدعم منظمات راديكالية عديدة
وأكد جوناثان شانزر نائب رئيس البحوث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومحلل مكافحة الإرهاب السابق في وزارة الخزانة الأميركية، أن هناك قائمة بالمجموعات الراديكالية التي يدعمها القطريون، وأن هذا يشمل حماس وحركة طالبان وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة في سوريا وجماعة الإخوان المسلمين والجهاديين في ليبيا، ويشمل بشكل أعم المتطرفين من جميع أنحاء العالم العربي".
في سياق متصل، أفاد ويليام نيكسون الذي كتب الفيلم وأصدره، قائلاً "هدفنا هو تقديم نظرة عامة مقنعة عن الوضع الخطير الذي تجده قطر، مع تقديم تحليل موضوعي للعواقب الخطيرة التي يخلقها الوضع بالنسبة للبقية، من أجل تحقيق ذلك أنتجنا الفيلم الوثائقي في ستة فصول سهلة المشاهدة، كل منها يتناول المخاوف التي يشاطرها جيران قطر في الخليج، وكذلك الولايات المتحدة وأوروبا".
ويدرس فيلم "قطر: حليف خطير" تعقيد علاقة الدوحة مع الدول الغربية. حيث أوضح لي سميث زميل أول في معهد هدسون أن قطر حليف وخصم للولايات المتحدة وأن هذا هو الدور الذي تلعبه قطر على مدى السنوات العشرين الماضية، من أنها تواصل دعم الكثير من الجهات الفاعلة السيئة، وتستضيف أيضًا أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط.
ويشارك في الفيلم أيضًا السفير حسين حقاني وهو أحد أبرز الباحثين في فكر الإخوان المسلمين، الذي عمل سفيرًا لباكستان لدى الولايات المتحدة في الفترة من 2008 إلى 2011، وألكس فاتانكا، أحد كبار زملائه من معهد الشرق الأوسط.
برقيات سرية
من جهة أخرى، كشفت برقيات سرية كتبها دبلوماسيون أميركيون عن قطر، قناعة واشنطن بأن المستوى العام للتعاون القطري في مكافحة الإرهاب هو الأسوأ في المنطقة، وتطرقت البرقيات السرية التي نشرتها وسائل إعلام إماراتية اليوم نقلاً عن موقع التسريبات "ويكيليكس" إلى أسباب تردد الدوحة في محاربة تمويل الإرهاب، وتخاذل النائب العام القطري في هذه المسألة.
ففي برقية كتبتها وزيرة الخارجية الأميركية -حينها- هيلاري كلينتون، يوم 30 ديسمبر 2009، قالت فيها "لقد تبنت قطر نهجًا سلبيًا إلى حد كبير في التعاون مع الولايات المتحدة ضد تمويل الإرهابيين.. المستوى العام للتعاون القطري مع الولايات المتحدة يعتبر الأسوأ في المنطقة".
وأضافت كلينتون القاعدة وطالبان، وقائمة الأمم المتحدة 1267، وجماعات إرهابية أخرى تستغل قطر كمنطقة لجمع الأموال، وعلى الرغم من أن لدى الأجهزة الأمنية في الدوحة القدرة على التعامل مع التهديدات المباشرة وأحيانا استخدمت تلك القدرة، فقد كانت مترددة في التصرف ضد الإرهابيين المعروفين".
معتقل جوانتانامو
وأشار السفير الأميركي لدى الدوحة جوزيف لابارون، في برقية سرية وجهها يوم 5 مارس 2009 إلى وزيري الخارجية والعدل في بلاده، إلى أن مكافحة قطر للإرهاب لا تسير على النحو المطلوب. وكتب في برقيته إن "العلاقة الأميركية - القطرية في مكافحة الإرهاب لا تعمل الآن، ولم تعمل جيداً منذ عدة سنوات، وتعتقد السفارة بقوة وجوب اتخاذ خطوات شديدة لتحسين هذه العلاقة".
وتطرق السفير الأميركي إلى سماح السلطات القطرية للمعتقل السابق في سجن جوانتانامو جار الله المري بالسفر إلى بريطانيا. وقال إن "تفسير النائب العام القطري له بشأن سفر المري إلى الخارج بأن ليس لديه سند قانوني يمنعه من السفر ليس مرضياً على الإطلاق".
وأشار لابارون إلى "نكوص قطر لعهدها في مذكرات دبلوماسية متبادلة، التي نعتبرها تعهدًا رسميًا قطريًا، والتأكيدات الشفوية التي قدمها النائب العام القطري لمسؤولي السفارة عام 2008 بمنع جار الله من السفر لمدة 3 سنوات".
قطر.. لا خبرات.. لا موظفين
وجاء في نص البرقية التي كتبها السفير الأميركي "رد النائب العام القطري كان مؤشرًا على محادثاتنا مع الحكومة القطرية حول مكافحة الإرهاب ومراوغة في تحمل المسؤولية ومؤشرًا على نقص التنسيق الداخلي القوي في الحكومة القطرية". ومن القضايا التي تبرزها الوثائق السرية الأميركية هي أن قطر تمتلك المال لشراء معدات الأمن التي يمكن تركيبها في المطارات، ولكنها تفتقر إلى الخبرات والموظفين لتطبيقها على نحو فعال.
وفي برقية وجهها السفير الأميركي نفسه في الدوحة إلى وزراء الخارجية والعدل والدفاع الأميركيين في 24 مارس 2009 كتب فيها "تمتلك قطر الموارد المالية لشراء معدات الأمن لتركيبها في المطارات ولكنها تفتقر إلى الخبرة والموظفين لتنفيذها على نحو فعال.. أخذًا في الاعتبار عدد سكان قطر الصغير، فإن امتلأت جميع المناصب في الأمن والهجرة من قبل مواطني هذا البلد سيكون أكثر صعوبة في الأشهر الـ 36 المقبلة".
وذكر السفير لابارون أن "التعاون القطري في مجال مكافحة الإرهاب ضعيف جداً.. مستوى التعاون من قبل قطر حول مكافحة الإرهاب متشابك إلى حد ما مع العلاقات الثنائية السياسية وسيستمر على هذا النحو.
لافتا إلى أن "قطر ستظل شريكاً غير متسق في مكافحة تمويل الإرهابيين.. وأسباب تردد الدوحة في محاربة دعم الإرهاب غير مفهومة تمامًا.. ونعتقد أن قطر مترددة في مكافحة تمويل الجماعات والأنشطة الإرهابية جزئيا".
وتشير البرقية ذاتها إلى أن جميع القرارات المهمة في البلاد سواء السياسية أو القانونية أو الاقتصادية في قطر لا تزال تتخذ من قبل دائرة ضيقة من أفراد عائلة آل ثاني".
مستقبل الأزمة القطرية
قال مفكرون وباحثون وأكاديميون من الامارات والكويت والبحرين خلال الندوة الحوارية الخاصة حول الأزمة القطرية، تحت عنوان "واقع ومستقبل الأزمة القطرية السياسي والاقتصادي والإعلامي"، التي نظمها مركز جامعة الإمارات للسياسة العامة والقيادة في الإمارات أمس، إن "التأثير السيئ الذي طال الاقتصاد القطري وشمل جميع القطاعات وأسفر عن خسائر كبيرة، كما نبهوا إلى دور الإعلام المهم كقوة ناعمة أشركت الشعوب ورفعت مستوى وعيها لتدرك ما يحاك حولها".
وذكر الدكتور عتيق جكة المنصوري، رئيس مركز جامعة الإمارات للسياسة العامة والقيادة، أن المنطقة تشهد أزمة سياسية واقتصادية وإعلامية حادة بسبب السياسات القطرية ومقاطعة دول مكافحة الإرهاب والتطرف "السعودية، الإمارات، البحرين، ومصر" لقطر. موضحًا أن هذه المقاطعة جاءت بسبب استمرار قطر في دعم الجماعات الإرهابية والمتشددة التي تعمل على تفكيك مؤسسات الدولة بالسلاح والمال، وإيواء العديد من رموز هذه الجماعات على أرضها، وتسخير الآلة الإعلامية لها بهدف كسب التعاطف الجماهيري، وإبراز خطابها عبر توفير المنصة لقياداتها، وخاصة من خلال استضافتهم على قناة الجزيرة القطرية.
انقلاب في قطر
وقال الدكتور عايد المناع، الباحث والمحلل السياسي الكويتي، "ليس منا من يكره قطر على الإطلاق، حيث نجحنا سابقاً فيما فشل فيه الآخرون وهو تأسيس مجلس التعاون الذي كنا نعتقد أنه خطوة أولى لما هو أكبر، لكن للأسف فإن هذه الأزمة أعادتنا للمربع الأول، لكننا جميعاً ورغم ذلك نريد أن تعود قطر إلينا ولا تذهب بعيدا".
واستعرض جذور الأزمة التي بدأت في 1995 بانقلاب في قطر وما تلاه وصولاً إلى اتفاق الرياض، حيث بقيت العقدة القطرية من الإمارات والسعودية باقية في قلب القيادة القطرية خاصة الحمدين، الذين بدأوا بالإثارة عبر إنشاء قاعدة العديد ومن ثم احتضان الهاربين من بلدانهم وجمعهم في الدوحة والاستعانة بمدفعية إعلامية بعيدة المدى تسمى قناة الجزيرة، التي كانت الكويت أول ضحاياها، ثم جاءت أكاديمية التغيير التي وجدت لجمع الشباب من الخليج للقيام بأعمال عدائية بحجة التصدي والتمرد.
وتابع أن القيادات الخليجية كانت تنصح قطر بوجوب العدول عن هذه التصرفات، لكنها كانت تتحجج بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو كلام للاستهلاك فقط، وهو ما أدى إلى أن طفح الكيل وبدأت المحادثات ليتم سحب السفراء بسبب تلقي الضربات ممن كان يفترض أن يكون شريكاً.
دولة مختطفة
من جهته، أكد الدكتور محمد بن هويدن، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الإمارات، أن ما حدث من قطع العلاقات والمقاطعة مع قطر من جانب السعودية والإمارات والبحرين ومصر أمر طبيعي، وحق سيادي لأي دولة، ضد طرف يعبث بأمنها ويهدد استقرارها، خاصة أن دول الخليج لم تشهد من قبل تدخلاً من هذا النوع الذي يستهدف ضرب الكيان الأساسي للدول، حيث كانت الخلافات السابقة عادية لم تصل إلى محاولة ضرب النسيج السياسي، لذلك ما فعلته قطر أمر خطر للغاية، لأنه يمس ديمومة وكينونة الدول الأخرى، وهو أمر مرفوض في جميع الشرائع والقوانين.
وتابع ابن هويدن أن ما تفعله قطر له تفسير واحد، وهو أنها دولة مختطفة، والدليل على ذلك أنها لا تحقق مصلحتها الوطنية في ما تفعل، لافتًا إلى أن هناك جماعة اختطفت قطر وقرارها السياسي، متوقعًا عدم وجود حل للأزمة في الوقت القريب بسبب تعنت قطر وإجهاضها للوساطات.
خسائر بالمليارات تلحق بالاقتصاد القطري
من جهتها، تحدثت الدكتورة فاطمة الشامسي نائب مدير جامعة السوربون في أبوظبي، عن واقع ومستقبل الأزمة القطرية اقتصاديًا، منوهة أن السلوك اللاعقلاني لحكومة قطر أثر على أدائها ونظامها الاقتصادي، حيث تأثرت القطاعات الاقتصادية فيها بشكل كبير من جراء المقاطعة التي اتخذتها الدول الأربع.
وتابعت الشامسي أن هناك 30 مليار دولار خرجت من النظام المصرفي القطري إلى جانب 38.5 مليار دولار، ذهبت كدعم من المصرف المركزي القطري بسبب ارتفاع عجز الموازنة، كما سجل قطاع الاتصالات والسلع والقطاع المالي انخفاضًا كبيرًا بنسب 26% و 32% و17% على التوالي كما تراجع الإنتاج الصناعي في الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 2.2 % وسجل النمو الاقتصادي تباطؤاً وصل إلى 2% في عام 2017.
وأضافت أن الأزمة الاقتصادية تسببت أيضًا في تقليص خطط الإنفاق الرأسمالي وانخفاض صافي الأصول الأجنبية، وكذلك عجز الموازنة القطرية العامة واللجوء للتمويل الخارجي إلى جانب تراجع عدد الزوار الخليجيين بنسبة 70% مما أثر على جميع الخدمات والقطاعات داخل قطر، إلى جانب تأثر قطاع النقل والتجارة الخارجية وانكماش الفائض التجاري واللجوء لطرق بديلة للاستيراد، مما أدى إلى ارتفاع التكلفة إلى 10 مرات حسب تصريح وزير الخارجية القطري.
الربيع العربي والجزيرة
وذكرت الإعلامية البحرينية سوسن الشاعر أن الإعلام هو الكتيبة رقم 1 وأن جنوده ليسوا من رجال الإعلام فقط، بل كل شرائح المجتمع ، خاصة أن ثورات ما يسمى الربيع العربي عرفت ذلك، فاستغلت المواطن البسيط وسعت إلى تجييشه واستغلاله، لذلك فإن الإعلام مهم كقوة ناعمة بحيث يتم إشراك الشعوب ورفع مستوى وعيها لتدرك ما يحاك حولها، خاصة أن المنطقة مستهدفة بكل دولها.
وتطرقت الشاعر إلى الدور الإعلامي التآمري الذي لعبته قناة الجزيرة ضد البحرين، والذي تم كشفه بالأدلة من خلال الاتصالات الهاتفية وصور التحويلات المالية التي استهدفت دعم المعارضين سعيًا للبلبلة. كما أشادت بالإعلام الإماراتي وتعامله مع الأزمة مع قطر.