اليونان: مخيم موريا للاجئين حيث تهدر كرامة البشر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يتوهم من تطأ قدماه شواطىء جزيرة لسبوس الواقعة على بعد ثمانية كيلومترات فقط من الأراضي التركية أنه بات على أبواب النعيم الأوروبي أو قاب قوسين منه. لكن الجزيرة الجميلة التي تبلغ مساحتها 1632 كيلو مترا مربعا ويسكنها 85 ألف شخص وتغطيها جبالها وسهولها كروم الزيتون، فيها أسوء مكان يمكن أن يعيش فيه اللاجئ على وجه الأرض وهو بمثابة الجحيم حسب وصف أحد نزلائه السوريين. إنه مخيم موريا الذي يضم في الوقت الراهن نحو 7500 شخص من مختلف الدول والعرقيات.
هؤلاء الذين فروا من حجيم العنف والحروب من بلدانهم وصلوا إلى هذه الجزيرة بعد رحلة محفوفة بخطر الموت غرقا، باتوا سجناء هذا المخيم عمليا، بعد توصل الدول الأوروبية وتركيا إلى اتفاق بهدف وقف تدفق المزيد من اللاجئين انطلاقا من تركيا إلى القارة الأوروبية عبر اليونان، مقابل تعهد أوروبا بتقديم مليارات الدولارات لتركيا لمساعدتها في تحمل أعباء أكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون لاجىء سوري.
المخيم الذي يفترض أن يستوعب ألفي شخص فقط بات يضم ما بين سبعة إلى ثمانية آلاف لاجىء ولا يزال يستقبل المزيد من قوارب اللاجئين الذي ينجحون في الوصول الجزيرة انطلاقا من تركيا.
وكان من المفترض ألا تتجاوز مدة مكوث اللاجىء في المخيم أسبوعا ينتقل بعدها من يستحق اللجوء إلى البر اليوناني استعدادا لنقله إلى البلد المضيف، بينما يعاد من لا يستحق ذلك إلى تركيا، لكن الواقع أن أن مدة البقاء والانتظار والبت في طلبات اللجوء تبلغ سنواتاً ولا خيار أمام اللاجئ سوى الاعتصام بحبل الانتظار والصبر عسى أن يأتي الفرج. وحتى من تقدم بطلبات اللجوء تم تحديد موعد أول جلسة للبت في الطلب عام 2020 أو 2021.
ألفان من نزلاء المخيم يعيشون في كرفانات بينما البقية تعيش في خيم تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط الصحة والسلامة وأغلبها سيئة وفيها ثقوب لا تقي من الحر في الصيف ولا من المطر والثلوج في الشتاء.
ويصف البعض المخيم بأنه سجن تهدر فيه كرامة الانسان بسبب الظروف المريعة السائدة فيه. وحذر محافظ الجزيرة أواخر العام الماضي من امكانية تحول الجزيرة وغيرها من الجزر القريبة من الشواطىء التركية إلى "معسكرات اعتقال مفتوحة تهدر فيها كرامة البشر".
ومخيم "موريا" هو سجن عسكري سابق تم تحويله إلى مخيم عام 2015 في إطار الاتفاق الأوروبي التركي، لكنه بات سجنا بالمعنى الحرفي للكلمة لآلاف اللاجئين العالقين فيه.
وجاء في تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود التي تدير عيادة داخل المخيم: "لاحظت أطباء بلا حدود تصاعد أعمال العنف اليومية في المخيم خلال الأشهر القليلة الماضية وقد عالج موظفو المنظمة العديد من ضحايا العنف الجنسي التي حدثت في المخيم والمناطق المحيطة به. والسبب الأساسي للتوتر الذي يسود المخيم هو الاكتظاظ الشديد والظروف اللاإنسانية السائدة فيه. هناك دورة مياه واحدة لكل 72 شخصا وحماما واحدا لكل 84 شخصا لسكنة المخيم والتوسع العشوائي المحيط به بين أشجار الزيتون ".
ويقول أحد الشبان في المخيم إنه لم يستحم منذ أشهر وأضاف "إننا لا نعيش حياة آدمية". وأوضحت لاجئة سورية إنها لا تذكر متى تحممت أخر مرة وقالت "أسخن بعض الماء داخل الخيمة وأغسل شعر أبني هذا كل ما يمكنني القيام به".
أعمال العنف والمواجهات الجماعية بين مختلف الأعراق والقوميات والجنسيات وحتى الطوائف شائعة في المخيم بسبب الظروف المريعة والفوضى السائدة فيه.
وقالت لاجئة أفغانية إنها وأطفالها يعيشون في حالة خوف دائم من تعرضهم لاعتداءات في الليل لأسباب طائفية. بينما يقف البعض منذ الساعة الثالثة صباحا في طوابير للحصول على وجبة الإفطار التي يقدمها المخيم.
وقد شهد المخيم في شهر مايو/ أيار الماضي أعمال عنف واسعة بين مقيمي المخيم السوريين وكان طرفا المواجهة الأكراد من جهة والعرب من جهة أخرى. وقد اضطر نحو ألف لاجئ إلى تركه وقيل وقتها إن الهجوم كان بسبب إفطار بعض اللاجئين الأكراد خلال أوقات الصيام في شهر رمضان وعدم أداء الصلاة. وأدخل أربعة أشخاص إلى المستشفيات بسبب إصابتهم في المواجهات.
ومن بين نزلاء المخيم من هم دون الثامنة عشرة من العمر ولا يرافقهم أحد، ونساء حوامل وذوي احتياجات خاصة وجرحى وكبار سن ومنهم من يعاني من مشاكل في الصحة العقلية والعديد منهم يعانون من مشاكل نفسية.
عنف جنسيكما تتعرض بعض النساء وصغار السن للاستغلال الجنسي داخل المخيم. وبسبب الخوف من تعرضهن للاغتصاب والاعتداءات الجنسية الشائعة في المخيم تستعمل النساء حفاضات البالغين لقضاء حاجاتهن اثناء الليل بدلا من الذهاب إلى دورات المياه.
وأتهمت هيومان رايتس ووتش السلطات اليونانية بالاخفاق في حماية النساء والبنات في مخيم موريا. وقالت المنظمة إن أغلب النساء يتعرضن للتحرش وعرضة للاعتداءات وأعمال العنف اللفظي والجسدي.
كما يفتقر المخيم للانضباط والأمن وتخشى النساء من الابلاغ عن حالات العنف الجنسي أو الاعتداءات خوفا من تكرار الاعتداء عليهن من قبل المعتدي أو مقربين منه.
أما الأوضاع الصحية فهي مثيرة للفزع حسب وصف منظمات حقوق الانسان وتتجمع أكوام القمامة في أزقة المخيم ولا تفي دورات المياه والحمامات بحاجة السكان وبسبب الضغط المتزايد عليها تفيض شبكة الصرف الصحي داخل المخيم بشكل دائم.
كما يلجأ العديد من اللاجئين وخاصة الأطفال وصغار السن إلى قضاء حاجاتهم في الخلاء بسبب الطوابير الطويلة على هذه المرافق. وفي هذه الظروف تنتشر العديد من الأمراض الجلدية. كما تنتشر المخدرات في المخيم الى جانب تعاطي الكحول وحالات السكر شائعة وما يرافق ذلك من أعمال عنف ومشاجرات.