أخبار

لندن تنعى الصحافي الأستاذ المرموق الجريء بيتر بريستون

رحيل عراب "الطريق الثالث" في صحافة فليت ستريت

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بريستون في صالة التحرير

 نعت لندن في الأوان الأخير رحيل أحد أعمدة صحافة (فليت ستريت) المرموقين، وتدافع قراء صحيفة الغارديان والسياسيون والشخصيات الإعلامية البريطانية والزملاء السابقون لتوجيه التحية لذكرى زميلهم بيتر بريستون رئيس التحرير السابق للغارديان. 

ورحل بريستون البالغ من العمر 79 عاما بعد عطاء ممتد لنصف قرن من الزمن في مهنة المتاعب مراسلاً وكاتبًا وصحافياً استقصائيا ورئيس تحرير، وكان في كل مرحلة من المراحل سباقا لتقديم فكرة نوعية للتطور المهني، وهي فترة من التجارب المهنية الجادة والناجزة ستتذكرها الأجيال لعشرات السنين الآتية.

 

رئيس التحرير الراحل في شارع فليت ستريت

 

خلال رئاسته لتحرير (الغارديان) لعشرين عامًا بين عامي 1975 و 1995، أشرف بريستون على تغييرات كبيرة في الصحيفة، واعتبرت حينها ثورة في عالم الصحافة التقليدية البريطانية. 

كما أنه حين تقاعده استمر كاتبًا ومحللاً وصحافيا متجولاً للصحيفة فضلاً عن قيادته لمبادرات الدفاع عن حقوق الصحافيين عبر العالم. 

 

بريستون وخليفته ألان روزبريغر

 

مبادرات غير مسبوقة

ويحسب لرئيس التحرير الراحل مبادراته غير مسبوقة في مهنة المتاعب، فنيا وتصميما وعمقا، وهو كان وراء إصدار عدد من الملحقات اليومية والأسبوعية لصحيفة الغارديان، ومن بينها "الملحق اليومي G2"، وإعادة التصميم الشهير (سايمون استرسون) الذي عرف لاحقا بتصميم (هيلمان) ليكون الوجه الحقيقي والهوية الحقيقية للصحيفة، وكان حينها (لوغو -Logo) الصحيفة من أبرز الصفات التي ميزتها، اذ كان يتصدر جميع صفحاتها. وفضلاً عن ذلك فإن بريستون بادر مبكرا لتجارب النشر على شبكة الإنترنت. 

تابلويد 

لقد غامر بيتر بريستون بشجاعة في عام 1992 عندما تم إطلاق القسم لأول مرة في عالم مهني "غير مطمئن أو آمن" لإصدار صحيفة تابلويد، وهو يهدف بذلك إلى ترويج الصحف في السوق بشكل أقوى. 

وكان يقول: "لم يكن في صحف فرنسا (لوموند و ليبيراتيون) أو إسبانيا (إل بايس) أو إيطاليا (لا ريبوبليكا) أو حتى أميركا (نوزداي). صحف تابلويد، لهذا يمكن للأوراق الجادة الاستفادة بشكل جيد من أحجام الصفحات الصغيرة، وتنظيمها مع وتيرة والمرونة لذلك الأمر أمر المساحة التي تحتاج إليها (وليس، برودشيت- بلودينغلي، والعكس). 

ويقول زملاء لرئيس التحرير الراحل إن مغامرة الغارديان 2 (G2 ) جلبت كل الملامح العامة للصحيفة في قسم واحد، مع زيادة كمية تغطية الفنون، وسمحت بقدر أكبر بكثير من القصص وجهات النظر. كانت تجمع بين الأخبار الجدية والظريفة السريعة معا. هذا فضلاً عن القرار اللافت الجريء بنشر الصور باللونين الأسود والأبيض بعيدًا عن كثرة الألوان وعدم انسجامها، وكذا الحال مع العناوين الرئيسية (المانشيتات) وطريقة عرضها. 

 

ملحق الغارديان 2

 

الطريق الثالث

وكان لتلك الخطوات الجريئة التي اتخذها رئيس التحرير الراحل، الدور الأبرز للتطورت المهنية والفنية التي شهدتها صحيفة (الغارديان) حيث اختارت منذ سبتمبر 2005 ما يمكن تسميته بـ"الطريق الثالث" في الإخراج الصحفي، وذلك بعد 183 عاماً من صدورها أول مرة تحت اسم (مانشستر غارديان).

 

بريستون وأرشيف مانشستر غارديان

 

وفي العاشر من سبتمبر 2005 واستنادا لمبادرات بريستون السابقة قبل تقاعده، ودع قراء صحيفة (الغارديان) البريطانية صحيفتهم بشكلها الذي اعتادوا عليه، ليطووا صفحة من تاريخ الصحيفة التي تعود الى عام 1821، ويقلبوا صفحات جديدة لصحيفتهم، تكون 6 سنتمترات أقل عرضا و12 سنتمترا أقصر طولا، من التي اعتادوا عليها خلال السنوات الماضية.

وأعلنت الصحيفة على لسان رئيس تحريرها آنذاك اللان روسبريدجر انها ستنتقل من حجم "برودشيت" الكبير الى حجم "بيرلينر" الأصغر، لتكون أول صحيفة بريطانية تأخذ "طريقا ثالثا " يختلف عن حجم "برودشيت" الكبير، وحجم "تابلويد" الصغير، الذي انحصر سابقا بالصحف الشعبية. كانت الغارديان انتهجته منذ عام 1988 في عهد رئيس التحرير الراحل. 

مقال فينر

وإلى ذلك، فإن أحد أعمدة النعي اللافتة في رحيل بريستون جاء بقلم خليفته رئيسة التحرير الراهنة لصحيفتي (الغارديان اليومية وأوبزرفر الأسبوعية) كاثرين فينر، التي كتبت تقول: "في الساعة العاشرة صباح كل يوم اثنين، كالمعتاد، كان لدينا اجتماع تحرير الغارديان - اجتماعنا اليومي الذي يستضيفه رئيس التحرير، ولكن على خلاف معظم المؤسسات الإخبارية، فإن اجتماع الغارديان كان بتوجيه من بيتر بريستون الذي قدم فكرة جعل هذا الاجتماع مفتوحًا للجميع، واليوم الاثنين كان اجتماعنا في صالة التحرير كالعادة وبطبيعة الحال لم يتغير إطلاقا، وتركزت المناقشة، على بريستون وأفكاره ورؤيته وابتكاره ولطفه وقدرته النادرة على الاعتراف بخطائه وحصافته وخبرته ودراسته الثاقبة للأمور .. وحتى غليونه،، لقد شعرت دائما أن بيتر كان ظهري وسندي، ولقد كان بريدي الالكتروني يحمل لي كل يوم أملاً جديدًا من بيتر".

وختمت فينر: "كان عمود بيتر الأخير، الذي قدم قبل أيام قليلة من وفاته، قويًا. وكتب في الأوبزرفر الذي قال فيه إن وسائل الإعلام يجب أن عملا كالمربى، وتركز على معملة القراء كالبشر وتميز ما يواجهون من مشكلات وتوتر وأن تنخرط في معالجة ذلك، لا أن يكتبوا تعليقات ومقالات هامشية، وهذا هو أفضل ما أرغب أن تكون الغارديان عليه". 
 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف