الأحزاب الكبرى تساند والصغرى ترفض
سياسيّو تونس مختلفون حول الترفيع في "العتبة الإنتخابية"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تختلف الأحزاب التونسية بشدّة حول قانون لتعديل "العتبة الانتخابية" وهي هي الحد الأدنى من الأصوات التي يشترط القانون الحصول عليه من قبل الحزب أو القائمة ليكون له حق المشاركة في الحصول على أحد المقاعد المتنافس عليها.
مجدي الورفلي من تونس: يحتدم الجدل في تونس بسبب مقترح تعديل القانون الانتخابي بالترفيع في العتبة الانتخابية الذي تقدّمت الحكومة وصادقت عليه لجنة النظام الداخلي والحصانة بالبرلمان في إنتظار عرضه على الجلسة العامة للتصويت، حيث تعتبر الاحزاب الكبرى اساسا ان الترفيع في العتبة الانتخابية سيُنهي حالة التشتّت والتشرذم البرلماني والسياسي فيما يرى رافضو التعديل من احزاب وجمعيات ان مقترح التعديل سيؤدي الى إقصاء الاحزاب الصغرى والتقليل من تمثيلية الحساسيات السياسية في البلاد.
وتقدمت الحكومة بمقترح تعديل قانون الانتخابات والاستفتاء في اتجاه الترفيع في العتبة الانتخابية من 3 بالمائة الى 5 بالمائة.
وبرّرت الحكومة الترفيع في العتبة الانتخابية بانتقال تونس من مرحلة التمثيلية الصورية التي تكون عادة في بداية الانتقال الديمقراطي الى التمثيل وفق مدة العهدة النيابية التي تحدّدها عديد الأنظمة المقارنة بنسبة تصل الى 10 بالمائة.
وفق التعديل الذي طرحته الحكومة وصادقت عليه اللجنة المختصّة بالبرلمان فلن تحتسب الأوراق البيضاء والاصوات الراجعة للقائمات المترشّحة التي تحصلت على أقل من 5 بالمائة من الأصوات المصرح بها على مستوى الدائرة في احتساب الحاصل الانتخابي، وتبعا لذلك لن يدخل مرشّحو تلك القائمات التي تحصّلت على اقل من 5 بالمائة من الاصوات في توزيع المقاعد بالدائرة الانتخابية، كما يشمل الترفيع في العتبة الإنتخابية الى 5 بالمائة شرط حصول القائمات المترشّحة على التمويل العمومي.
مع العلم ان العتبة الانتخابية هي الحد الأدنى من الأصوات التي يشترط القانون الحصول عليها من قبل الحزب أو القائمة ليكون له حق المشاركة في الحصول على أحد المقاعد المتنافس عليها في الانتخابات.
الاحزاب الكبرى تسعى لإقصاء البقية
الترفيع في العتبة الانتخابية رأى فيه النائب عن الجبهة الشعبية أيمن العلوي من خلال إفادة لـ"إيلاف" مسّا من التعددية الحزبية والسياسية التي تكرّست في تونس منذ الثورة وتوجّها إقصائيا من طرف الاحزاب الكبرى والحكومة نظرا لان إعتماد عتبة 5 بالمائة سيقلّص التمثيلية السياسية والحزبية في البرلمان وسيُنتج ضرورة تراجعا لدور المعارضة امام الاحزاب الكبرى التي ستسيطر على المشهدين البرلمان والسياسي، وفق تعبيره.
واشار النائب عن الإئتلاف المعارض، المتكون من احزاب يسارية وقومية وهو إئتلاف ممثل في البرلمان بـ15 نائبا، الى ان الترفيع في العتبة الى 5 بالمائة كشرط للحصول على التمويل العمومي خلال الانتخابات يصبّ كذلك في صالح الاحزاب الكبرى التي تتلقى تمويلات ضخمة سواء من الداخل او الخارج، كما اعتبر ان طرح السلطة التنفيذية لتعديل القانون الانتخابي قبل سنة من الانتخابات التشريعية "غير دستوري".
تجدر الاشارة الى ان الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة في تونس سيقع إجراؤها في أكتوبر او نوفمبر 2019.
تُسهل العمل البرلماني
الاحزاب الكبرى وهي اساسا "حركة نداء تونس "و"حركة النهضة" تساند تعديل القانون الانتخابي في اتجاه الترفيع في العتبة الإنتخابية الى 5 بالمائة وقد صوت نواب الحزبين بالموافقة عليه في إطار لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية صلب البرلمان ومن بينهم النائب عن حركة النهضة محمود قويعة الذي اكد ان الترفيع في العتبة سيكون له تأثير إيجابي على نجاعة العمل البرلماني.
وأوضح النائب عن حركة النهضة في تصريح لـ"إيلاف" ان تحديد عتبة 3 بالمائة خلال الانتخابات السابقة كان هدفه ضمان اكثر ما يمكن من التمثيلية السياسية والحزبية خلال المرحلة التأسيسية التي أنتجت دستورا توافقيا في 14 يناير 2014، ولكن اليوم تغيّر السياق مما يستوجب الترفيع في العتبة لترشيد خيار الناخبين وتفادي تشرذم المشهد البرلماني وتسهيل تشكيل أغلبيات برلمانية لضمان نجاعة اكثر.
ودعا قويعة الاحزاب الصغرى الى التحالف في إطار إئتلافات انتخابية او حتى الاندماج في حزب واحد عوض اتهام المساندين للترفيع في العتبة باقصائهم.&
مع العلم انه يوجد في تونس حاليا اكثر من 200 حزب قانوني.
ازمة الحكم ستتواصل
أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ لم ينف ان يؤدي الترفيع في العتبة الانتخابية الى تقليص حظوظ عديد الاحزاب في الظفر بمقاعد خلال الانتخابات التشريعية المقبلة، لكنه في المقابل اكد ان الحديث عن مساهمة الترفيع في العتبة في نجاعة العمل البرلماني والنظام السياسي ككلّ وانهاء ازمة الحكم في تونس لا يستوي.
يطرح استاذ القانون الدستوري تغيير النظام الانتخابي الحالي والمتمثّل في التمثيل النسبي بإعتماد اكبر البقايا الى نظام الانتخاب بالأغلبية في دورتين لإفراز فائز واضح في الانتخابات التشريعية وتكريس مبدأ التداول على الحكم في البلاد، نظرا لان التمثيل النسبي المعمول به في القانون الانتخابي يُفرز نتائج متقاربة بين حزبين او اكثر مما لا يُنتج حاكما واحدا في البلاد يتحمّل مسؤولية عهدته الانتخابية.
يُذكر ان هيئة الانتخابات في تونس، وهي هيئة دستورية تُعنى بتنظيم الانتخابات، أعلنت انها تدافع عن الابقاء على نسبة 3 بالمائة وطرحت موقفها على الحكومة والبرلمان لكنها اكدت ان المسألة تبقى خيارا سياسيا يعود للاحزاب والكتل البرلمانية وليس لها سوى تقديم رأيها الاستشاري وغير الملزم.