أخبار

دورته السابعة انطلقت بمشاركة شخصيات وازنة على الصعيد الدولي

مؤتمر "حوارات أطلسية" بمراكش يتدارس سبل "تجاوز نقاط القطيعة"

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

مراكش: بحضور 350 مشاركا من 90 دولة، انطلقت، الخميس، بمراكش، أشغال الدورة السابعة للمؤتمر العالمي "حوارات أطلسية"، الذي ينظمه "مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد"، على مدى ثلاثة أيام، في موضوع: "ديناميات أطلسية: تجاوز نقاط القطيعة".
ويُعتبر "مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد" مركزاً مغربياً للتفكير تم إطلاقه في 2014 بالرباط، بمساهمة 39 باحثاً منتسباً من دول الجنوب والشمال. ويهدف، من خلال رؤية جنوبية لقضايا البلدان النامية، إلى تسهيل اتخاذ القرارات الاستراتيجية المتعلقة بأربعة برامج رئيسية هي: الفلاحة والبيئة والأمن الغذائي، والاقتصاد والتنمية الاجتماعية، والمواد الأولية والقضايا المالية، والجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية.
&
روح انفتاح

يسعى مؤتمر "حوارات أطلسية"، منذ إطلاقة في 2012، إلى "إخراج منطقة جنوب الأطلسي من عزلتها على مستوى النقاش الجيو - سياسي العالمي"، حيث يتقدم، حسب منظميه، بــ"مقترح متميز ومن دون عقد لحوار على قدم المساواة، يعالج القضايا الحقيقية بصراحة في إطار نقاش ينبني على الحقائق".
وفضلاً عن جانب التشخيص، تهدف "حوارات أطلسية" إلى "بلورة خطاب آخر وبوادر حلول"، وذلك "عبر مقارنة وجهات نظر مختلف المشاركين المتدخلين من الشمال ومن الجنوب".
ويؤكد المنظمون أن هدف "الحوارات المتجذرة في المغرب، البلد الذي يقع على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، هو تطوير ثقافة التميز الأفريقي، وروح الانفتاح والتنوع الكبير".
وكانت الدورات السابقة للمؤتمر، الذي يعقد بشكل سنوي، قد ناقشت قضايا متنوعة: "تغيير التصورات الذهنية، وإعادة اكتشاف المحيط الأطلسي" في الدورة الأولى، وموضوع "المجتمعات الأطلسية - النمو والتغيير والتكيف" في الثانية، و"المعادلة الأطلسية الجديدة: التقارب والتعاون والشراكات" في الثالثة، و"تقييم المخاطر العالمية" في الرابعة، و"تغيير التصورات الذهنية: استراتيجيات من أجل منطقة أطلسية في مرحلة انتقالية" في الخامسة، و"أفريقيا في المحيط الأطلسي: حان وقت العمل" في السادسة.
&
توجهات مهمة

يعكس موضوع دورة هذه السنة من الحوارات الأطلسية، حسب المنظمين، توجهات مهمة ، مثل صعود النزعات الشعبوية، والانتخابات الرئاسية الأخيرة في البرازيل، والسياسة الخارجية الأميركية التي صارت تشكك في مستقبل معاهدة حلف شمال الأطلسي (ناتو )، ومنظمة التجارة العالمية. كما أن هناك، من جهة أخرى، العديد من القضايا الرئيسية المطروحة، مثل: تناقض الوضع الديموغرافي بين الشمال والجنوب، والبُعد الإنساني لأزمة الهجرة، وتعبئة الموارد من أجل مواجهة تغيرات المناخ، واحتمال حدوث أزمة مالية دولية جديدة.
وتتوزع أشغال المؤتمر 11 جلسة عامة وجلسات نقاش، بمشاركة أسماء وزانة على الصعيد الدولي، بعناوين "توجهات ديمغرافية متناقضة بين الشمال والجنوب: كيف يمكن لإفريقيا تحقيق عائد ديموغرافي؟"، و"التجارة الأطلسية، منظمة التجارة العالمية في مواجهة تصاعد النزعة الحمائية"، و"هل يمكن لحلف الناتو أن ينجو من تغيرات النظام الجيوسياسي؟"، و"أبعاد البحر المتوسط وشمال أفريقيا في الديناميات الأطلسية"، و"البعد الإنساني لأزمة الهجرة"، و"تفكيك النظام العالمي الأميركي"، و"العصر الرقمي والعقد الاجتماعي الحديث"، و"بعد مرور 10 سنوات على الأزمة المالية العالمية: هل أصبحت الأزمة القادمة قريبة؟"، و"تمويل المناخ في الجنوب"، و"دور الثقافة في العلاقات الأطلسية"، و"أي مستقبل للبرازيل؟"، و"الدروس المستخلصة من التجارب المختلفة من أجل تنمية جديدة مشتركة: وجهات نظر رؤساء سابقين من أميركا اللاتينية"، و"الديناميات السيكولوجية والقيادة المصلحة"، و"الجلسة الختامية الخاصة بالقادة الصاعدين".
&
تيارات أطلسي

انطلقت أشغال هذا المؤتمر رفيع المستوى، الذي يناقش القضايا الجيو سياسية والاقتصادية الكبرى في الحوض الأطلسي، بتقديم التقرير السنوي الخامس، بعنوان "تيارات أطلسية حول آفاق أطلسية"، الذي يتابع النقاشات والتأملات التي يشهدها المؤتمر كل سنة، بحضور شخصيات مغربية وأجنبية وازنة، تلاه نقاش تمهيدي حول "النزعة الشعوبية وسياسات ما بعد الحقيقة، الاستياء المناهض للعولمة".
ونشر تقرير "تيارات أطلسية حول آفاق أطلسية"، الذي "يصبو إلى المساهمة في تحليل الأوضاع الجديدة بهدف بناء جيو سياسي جديد" بالفضاء المعني، وذلك بالموازاة مع إعطاء انطلاقة أشغال الدورة السابعة لـ"حوارات أطلسية"، التي تهدف، حسب المنظمين، إلى "تعزيز الحوار بين الدول الأطلسية المشكلة لهذا الفضاء الجيو استراتيجي (أفريقيا، الكارايبي، أوروبا، أميركا اللاتينية والولايات المتحدة)، وهو "حوار لا محيد عنه، بحكم المتغيرات المتسارعة في هذا الفضاء خلال السنوات الأخيرة"، يشدد المنظمون.
&
إشكالات كبرى

يغوص التقرير في الإشكالات الكبرى التي تواجه الفضاء المعني، مثل مشاكل الهجرة أو التعاون الأطلسي في مجالي التغذية والفلاحة. كما يتطرق لتباعد الرؤية بين الشمال والجنوب بخصوص التغيرات المناخية، مستقبل الحكامة المتعددة الأطراف في مجال الامن والتجارة الدولية، بالإضافة إلى آفاق الأزمة الاقتصادية العالمية.
وعرف تقديم التقرير مشاركة حفصة أبيولا (نيجيريا) رئيسة ومديرة عامة لـ"مؤسسة المبادرة الأفريقية للنساء"، ويونس أبو أيوب (المغرب) مدير مصلحة الحكامة لهيئة الأمم المتحدة، منطقة الشرق الأوسط، ورشيد الحوديكي (المغرب) من كبار باحثي "مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد"، ويوسف محمود (تونس) من كبار مستشاري برنامج عمليات حفظ السلام في إفريقيا والشرق الأوسط، المعهد العالمي للسلام بتونس.
&
مقاربة إيجابية

قالت بشرى الرحموني، من باحثي المركز، والتي أدارت اللقاء، إن التقرير الخامس يعتبر شاملاً ومجدداً، "لأننا لسنا أمام سلسلة من ردود الفعل بل أمام مقاربة إيجابية تهدف الى وضع أسس جديدة لتعاون وتنمية ناجحين في الفضاء الأطلسي".
من جهتها، رأت حفصة أبيولا أن التقرير يمكن من تملك معنى "الجنوب" الذي له مكانة خاصة لذى شعوب العالم الثالث منذ مؤتمر باندونغ". كما اعتبرت التقرير "بمثابة "حل موجه" في عالم أصبح عنيفاً"، مشددة على أن من مصلحة أفريقيا، اليوم، توسيع آفاقها والتقرب من فضاءات جديدة كأميركا اللاتينية، نظراً للمشترك التاريخي، الثقافي، الاقتصادي والسياسي.
&
تعددية الأطراف

ركز يونس أبو أيوب مداخلته على مستقبل تعددية الأطراف، كمفهوم أصبح، من وجهة نظره، في خطر بسبب السياسة الأميركية الجديدة منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وأوضح: "أول خطاب للرئيس ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كان بمثابة الضربة القاضية لمفهوم تعددية الأطراف"، معتبراً أن "تعددية الأطراف، كمنهج ناجح طوال سنوات، ما زال أمامه مستقبل واعد رغم ثقافة الانكماش على النفس".
ورأى أبو أيوب أن الولايات المتحدة كانت دائماً ترقص على قدمين: واجهة تقدمية ومنغلقة على نفسها في آن. وزاد قائلاً: "ترامب هو نتاج هاته الثقافة".
واعتبر أبو أيوب أن القناعة الوحيدة لديه هو أن تأثير الولايات المتحدة يتراجع بسبب تفتت قوتها الناعمة والتي شكلت قوتها الضاربة خلال عقود. وذكر، في هذا الصدد، بقول لستالين، مضمونه: "أعطوني هوليوود وسيصبح العالم شيوعيا خلال 20 سنة".
&
أزمة قوة

من جهته ، قال رشيد الحوديكي إن "هناك أزمة لا يمكن تجاهلها بخصوص تعددية الأطراف"، وأن "هذا نابع من أزمة قوة، لأن العالم، اليوم، أصبح متعدد الأطراف، فيما تدعو كيانات كأفريقيا والدول الصاعدة إلى إعادة النظر في الحكامة الدولية".
وتساءل الحوديكي إن كان هناك مستقبل لتحالف الشمال الأطلسي (الناتو)، مثلا، في هذا النسق العالمي الجديد، وإن لم يكن من مصلحة أوروبا تشكيل دفاعها الذاتي. وزاد متسائلا: "هل حلف ال (ناتو) محكوم عليه بالزوال؟" ليجيب بالنفي، &من منطلق أن مناصري هذا الحلف في البنتاغون، يقول الحوديكي، يبقون مؤثرين، مشيراً إلى أن النقاش حول منظومة دفاعية أوروبية يبقى مجرد فكرة، تستلزم العديد من المقومات الأساسية؛ غير أنه شدد على أنه حان الوقت لتفكير عميق حول إصلاح هذا الحلف.
&
سلام بعد حرب

من جانبه ، ركز يوسف محمود على قضايا الأمن والسلام، مشيرا إلى أن الاعتقاد المألوف هو أنه لا سلام إلا بعد حرب، أو ما سماه بـ"السلام السلبي". ومن هذا المنطلق، دعا الباحث الى إعادة النظر في مفهوم السلام، الذي "أصبح استثناء، بحيث لا نتكلم عن السلام إلا بعد الحرب، ولذلك نركز كل جهدنا وطاقتنا على النزاعات. وإذا أردنا سلاماً، دائماً، فعلينا حل المشاكل العميقة والانكباب على الجوانب المشرقة".
ورأى يوسف محمود أن أي تحليل للسلام ولتعددية الأطراف يجب أن يضع المواطن في صلب الموضوع، مشيراً إلى أن العالم همش المواطن وأعطى كل الأهمية للدول.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف