باحثون يؤكدون ضرورة الحفاظ على هويتها كتاريخ وحضارة
معرض الكتاب بالدارالبيضاء ينظم ندوة حول القدس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
«إيلاف» من الدار البيضاء: أجمع الباحثون المشاركون في ندوة "هوية القدس ومركزها الديني والحضاري"، التي أقيمت مساء أمس الجمعة بقاعة "القدس" بالمعرض الدولي للكتاب والنشر والتوزيع، على أهمية صمود هذه المدينة المقدسة في وجه كل المخططات الإسرائيلية الرامية إلى طمس هويتها التاريخية والدينية المتعددة.
في البداية تحدث محمد سالم الشرقاوي، من وكالة بيت مال القدس الشريف، عما تقوم به هذه المؤسسة من دور في الحفاظ على الهوية الحضارية للقدس، وللذاكرة الجماعية، تأكيدا للحق العربي في هذه المدينة.
واستعرض المتحدث ذاته كل ما تبذله وكالة بيت مال القدس من مجهود في هذا المجال، وخاصة من خلال تنفيذ المشروعات ذات الطابع الاجتماعي، في أحياء المدينة، تنفيذا لتعليمات من الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، الذي يوصي بالعناية بالقطاع الاجتماعي لما له من ارتباط بالحياة اليومية للمقدسيين.
وقبل أن يدلي محمد ذياب أبو صالح، مدير البحث والتوثيق بوزارة الأوقاف الفلسطينية سابقا، بشهادة له في الموضوع، انطلاقا من معايشته للوضع عن كثب، ألقى قصيدة شعرية نوه فيها بدور المغاربة عبر التاريخ، في الدفاع عن فلسطين عموما ومدينة القدس خصوصا، مستشهدا بوجودهم في مكان يحمل اسمهم، هو "باب المغاربة".
وفي سياق تناوله لصفحات من تاريخ القدس، قدم ابو صالح لمحة عن نشوء المدينة، مؤكدا عروبتها، وذلك بالاستناد إلى عدد من الأدلة والوثائق، مفندا كل إدعاءات سلطات الاستيطان التي تحاول تحريف التاريخ، وإلغاء كل مظاهر الحضارة العربية عبر التهويد، بدعم من بعض الدول الغربية في مقدمتها الولايات المتحدة .
وبدوره، تحدث ناجح داود بكيرات، مدير التعليم الشرعي في القدس والمسجد الأقصى المبارك، عن مكانة القدس ضمن المشهد العمراني، وصمودها في وجه محاولات طمسها من طرف الاستيطان الإسرائيلي لفرض رؤية جديدة، لكن "الرؤية البصرية بقيت رائعة" رغم كل معالم التغيير.
وندد بمخطط تغيير "الرؤية البصرية"، باعتباره "مخططا خطيرا جدا"، على حد وصفه، داعيا إلى حلول تتضمن مجموعة من المقتضيات لصيانة هوية المدينة المقدسة، والمطالبة بإيجاد آليات داعمة للحفاظ على طابعها العمراني،"لأن الاحتلال ينازع الفلسطينيين على كل شبر فيها".
في نفس السياق، أبرز خليل تفكجي، مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق بالقدس، أن هدف الاحتلال الإسرائيلي من وراء تغيير المشهد العمراني والمعالم العربية والإسلامية في المدينة، هو أن يقول للعالم،إن لديه فيها تاريخ، وهذا مجرد افتراء، فليس له فيها أي شيء لا فوق الأرض ولا تحتها، رغم كل عمليات الحفر.
وبعد أن أوضح تفكجي إن العرب والمسلمين منذ أن وجدوا في هذه المنطقة لم يغيروا ولم يهدموا أي شيء، بل بقي الوضع العمراني للمدينة كما هو عليه، شاهدا على التاريخ والحضارة، دعا إلى دعم ما تقوم به وكالة بيت مال القدس، للحفاظ على هوية المدينة كرمز وأيقونة وثقافة وحضارة متجذرة في عمق التاريخ .
أما الكاتب الصحافي اللبناني، فيصل جلول ، فقال عن القدس،إنها "ليست قضية ككل القضايا، بل هي أم القضايا"، حسب تعبيره، مشددا على أنه لاجدال في حق الفلسطينيين التاريخي في فلسطين، فلديهم كل الأدلة والوثائق والخرائط الذي تثبت ارتباطهم ووجودهم فيها.
وبمناسبة مرور مائة عام على نشوء قضية فلسطين، واستعمال إسرائيل للدين "كوثيقة عقارية" تستعملها في مصادرة الأراضي في القدس وغيرها، دعا جلول إلى الخروج من دائرة الصراع التاريخي إلى النفاذ إلى جوهر التفكير الإسرائيلي بخصوص مسألة القدس، التي "بكيناها كثيرا، وحان الوقت لكي نعمل شيئا من أجلها".
في ختام هذه الندوة المنظمة من طرف وزارة الثقافة والاتصال، ووكالة بيت مال القدس، تناول الكلمة جمال الشوبكي، سفير فلسطين في الرباط، أبرز فيها أن "القدس حاضرة في أعماق ونفوس كل أهلنا في المغرب".
كما تطرق إلى مجمل التطورات السياسية التي شهدتها القضية الفلسطينية في الآونة الأخيرة، في ضوء قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل سفارة بلده إلى القدس، واصفا إياه بأنه يجهل قيمة هذه المدينة، التي تعتبر هي مفتاح السلام في المنطقة.
وأشار الدبلوماسي الفلسطيني إلى أن الإسرائليين أخطأوا لأنهم لم يقدروا مكانة القدس في نفوس العرب والمسلمين والمسيحيين في العالم، ولم يدركوا عمق هذه القضية.
وذكر أن محمود عباس طالما حذر من أن يتحول الصراع إلى صراع ديني، مع العلم أن الفلسطينيين ليس لهم أي مشكل مع اليهودية كدين، بل لديهم الإرادة للمواجهة والصمود في وجه الاستيطان، لأن جوهر الصراع هو البقاء على أرض فلسطين.
وخلص السفير الفلسطيني إلى القول بالحرف:"إن المستقبل لنا لأننا أصحاب حق، ولأن التاريخ علمنا أن الشعوب عندما تسعى إلى الحرية، فإنها تنال هذه الحرية".