نذر حياته من أجل تدمر وآثارها فنحره داعش على أسوارها
بي بي سي تُكرم عالم الآثار السوري خالد الأسعد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من لندن: أحيا تلفزيون بي بي سي ذكرى عالم الآثار السوري خالد الأسعد بتكريم مؤثر في مسلسله الوثائقي الجديد "حضارات" مشيراً الى انه ضحى بحياته من أجل الحفاظ على آثار بلده.
ابن تدمر
ولد الأسعد ومات في تدمر المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي لجمالها وأهميتها التاريخية. وعلى امتداد نصف قرن نذر الأسعد حياته لحماية المدينة القديمة الى ان أعدمه مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" بطريقة بشعة في عام 2015.
بعد مقتل الأسد جرى تداول صور لجثته التي مثَّل بها داعش معلقة على عمود اشارة ضوئية في مدينة تدمر الحديثة، كما تردد، ولكن مصادر أخرى بينها زميله مأمون عبد الكريم قالت ان جثته وُجدت مربوطة بأحد الأعمدة القديمة في ميدان تدمر القديمة.
سيرته الذاتية
الغريب ان رجلا مثل الأسعد أمضى حياته المهنية في تسجيل الماضي تبقى جوانب من تاريخه هو مبهمة بشكل محزن.
وقيل ان عمره وقت مقتله كان 81 أو 82 أو 83 سنة. وحين كان الأسعد المولود في ثلاثينات القرن الماضي صبياً، سجل في مدرسة داخلية في دمشق ودرس التاريخ في جامعتها وتعلم الأرامية القديمة وكانت طلاقته بها تعتبر انجازاً نادراً.
عاد الى تدمر في عام 1963 وعمل خلال الأربعين سنة التالية مديراً لمتحفها. وحتى بعد استقالته في عام 2003 استمرت علاقته بالمتحف بوصفه خبيراً.
وتداخل حب الأسعد للمدينة مع حبه لعائلته. واصبحت تدمر شأناً عائلياً. فان ابنته زنوبيا (كناية بملكة تدمر في القرن الثالث) كانت مسؤولة عن مجموعات المتحف فيما كان صهره خليل أمين المتحف.
غزوة "داعش"
عندما تقاعد الأسعد في عام 2003 تسلم ادارة المتحف نجله وليد فيما ساعد ابنه الآخر محمد لاحقاً في انقاذ أكثر من 400 قطعة أثرية من داعش.
حين سيطر داعش على المدينة واخذ يدمر آثارها رفض الأسعد ان يغادرها. وصرح ابنه محمد لبي بي سي بعد مقتله ان حبه للمدينة كان كبيراً "ورفض ان يهرب لأنه كان يعتقد انها يجب أن تُحمى من أي أذى".
وكتب المؤرخ البريطاني دان سنو في صحيفة الديلي تلغراف ان الأسعد "مات من أجلنا نحن الباقين وكان يعرف ان مدينته المخربة يمكن ان تشفي بلداً مهشماً".
واضاف ان وجود تدمر في الصحراء "هو دحض دائم للمتعصبين الدينيين والمستبدين السياسيين الذين يتفجرون يقيناً في غير محله بموقعهم في التاريخ".
رمز للحرية الدينية
كانت تدمر أكثر من أي مدينة أخرى رمزاً للحرية الدينية التي يكرهها داعش.
وفي ذروة صعودها كقوة تجارية في القرن الثاني كانت بوتقة ثقافية تضاهي البندقية في عصر النهضة. وفي عام 129 زارها الامبراطور الروماني هادريان الذي منحها وضعاً ممتازاً بوصفها مدينة حرة.
ويكتب المؤرخ الفرنسي بول فين الذي اهدى كتابه "تدمر: كنز لا يُعوض" الى الأسعد "إن آلهة آرامية وأوسطية وعربية وحتى فارسية ومصرية... كلها جاءت الى تدمر حيث كانت موضع ترحيب عموماً".
رفض مبايعتهم
في مايو/أيار 2015 سيطر داعش على المدينة ودمر أشهر معالمها. وفي الصيف خطف مسلحو داعش الأسعد وأبقوه سجيناً أكثر من شهر قبل أن ينحروه.
واشار نجله محمد الى تداول "قصص بأنهم قتلوه لأنه كان يعرف اسرار تدمر ورفض ان يكشف لداعش مواقع كنوزها من الذهب. ولكن هذا كذب. فهم قتلوه لأنه رفض مبايعة داعش".
واعلنت مديرة اليونسكو ايرينا بوكوفا "انهم قتلوه لأنه رفض ان يخون التزامه العميق بتدمر. انهم قتلوا رجلا عظيماً ولكنهم لن يُسكتوا التاريخ ابداً".
وفي الأشهر التي اعقبت مقتل الأسعد سُمع التاريخ ينادي بصوت أعلى من ذي قبل.
وقال السير كينيث كلارك في الحلقة الأخيرة من المسلسل التلفزيوني الأول عن الحضارات "ان التاريخ هو أنفسنا".
وردد عبد الكريم مدير عام المتاحف والآثار السورية من 2012 الى 2017 الذي كان صديق الأسعد هذه الفكرة بعاطفة أقوى قائلا "ان تدمير تراثنا كمن يقتل طفلا".
في هذه الاثناء يستمر عمل الأسعد. واعرب عبد الكريم عن الأمل بإعادة بناء ما دمره داعش بمساعدة الوثائق التي ساهم صديقه الأسعد في تجميعها خلال زمن حياته. إذ أسهم الأسعد بأكثر من 20 كتاباً عن المنطقة.
وعلى حد تعبير المسؤول الآثاري السوري عمرو العزم فان الأسعد "كان مستر تدمر".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الديلي تلغراف". الأصل منشور على الرابط التالي:
https://www.telegraph.co.uk/tv/0/remembering-khaled-al-asaad-heroic-archaeologist-died-defending/
التعليقات
هذا ما جناه داعش
مجد -هذا ما جناه داعش باسم الاسلام. أنصار داعش هم خليط من متطرّفين مهووسين بالحرب والقتال، والمفهوم الوحيد لديهم عن الجهاد هو قطع الرؤوس، يقودهم ضباط مخابرات عراقيون وسوريون وتحركهم أحقاد طائفية، وليس لديهم همّ سوى السيطرة على الناس وقتلهم وقطع الرؤوس ومهاجمة الشعب السوري نفسه . هذا ما جناه أبي عليَّ... وما جنيت على أحد». مآسي أطفال وُلدوا لآباء ينتمون لتوّحش من زعموا أنهم «مجاهدون»، ثم إما أنهم قُتِلوا، أو هم فارون بعدما تقهقروا، إذ توالت هزائمهم في العراق، وباتوا يواجهون الفناء التام فوق ما بقي لهم من جيوب بسوريا. ليس من الواضح، على وجه التحديد، ماذا قصد أبو العلاء المعري بما «جناه» أبوه عليه، ولماذا أراد وضع صيحة الفزع تلك على قبره. إنما واضح لكل ذي بصر وبصيرة مدى إجرام من انتسبوا لأحد أبشع صوّر تنظيمات «الجهاد»، ثم نسبوا أنفسهم، وسوء أفعالهم، ليس فقط للإسلام، ديناً ومنهاجاً، بل وللمسلمين، أمة وتاريخاً.