ميركل في واشنطن لإسماع صوت ألمانيا مجددًا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: تزور المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الجمعة البيت الأبيض لإجراء محادثات مع دونالد ترمب في محاولة لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني ومنع اندلاع حرب تجارية بين ضفتي الأطلسي وتحسين علاقتها مع الرئيس الأميركي.
ويخيّم على زيارة المستشارة استعراض "الاخوة" على مدى ثلاثة ايام هذا الاسبوع بين ترمب والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
وقال مسؤولون لوكالة فرانس برس إن الدبلوماسيين الألمان القلقين سعوا -- دون جدوى -- كي تحظى ميركل بحفاوة مماثلة في البيت الابيض خلال زيارتها التي تستمر يومين، معولين على أن اللقاء وجها لوجه سيساعد في تلطيف العلاقات الصعبة.
وفي زيارتها الأخيرة للبيت الأبيض كان لميركل الحذرة لقاءات عدة محرجة مع مضيفها الأكثر تهورا -- فتصادما علنا بشأن الانفاق الدفاعي والتجارة والهجرة. وهذه المرة بالكاد اتسع الوقت لازالة الأعلام الفرنسية قبيل زيارة المستشارة التي تتخذ شكل "زيارة عمل".
وتقول منى كريويل من جامعة كورنيل إن الفوارق في المظاهر بين زيارتي ماكرون وميركل "بارزة جدا". وتضيف إن تلك الفوارق تشير إلى "علاقة أكثر صعوبة بين ترمب وميركل".
وهذا تغيّر دراماتيكي بالنسبة للزعيمة الألمانية التي ولأكثر من عقد من الزمن اعتُبرت في واشنطن ليس فقط محاورا براغماتيا ومنطقيا، بل أيضا زعيمة لاوروبا بحكم الأمر الواقع.
وعلاقاتها مع الرئيس السابق باراك اوباما كانت وثيقة بشكل خاص، بحسب ما قاله مسؤولون من تلك الإدارة، إلى حد تشجيعه لها على الترشح لولاية رابعة. وباتت شراكتهما -- مع الوسطيين الذين اعتبروها "الزعيمة الجديدة للعالم الحر" -- كأس مسمومة لبرلين في عهد ترمب.
وقبل ساعات على وصول المستشارة في ساعة متأخرة الخميس، بعد نحو 15 شهرا على تولي ترمب مهامه الرئاسية، أكد الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون تعيين سفير إلى ألمانيا.
وبعد وقت قصير على تعيينه، قال ريتشارد غرينيل -- المعروف بمواقفه المحافظة والمدافع الشرس عن سياسات ترمب اميركا أولا -- لوكالة فرانس برس إنه يقدر اختياره لمنصب كان يشغله جون كوينسي آدامز، متعهدا العمل بشكل جاد.
وقال "هناك مسؤولية خاصة تقع على عاتق على جميع المسؤولين الاميركيين وهي رفض السياسات الحزبية عند تولي وظائف حكومية".
حصر الأضرار
أكدت ميركل هذا الأسبوع إنه، رغم الاختلافات تريد المحافظة على الشراكة الاستراتيجية الراسخة.
وقالت "إن التحالف بين جانبي الأطلسي، وبالنظر إلى التطورات غير الديموقراطية في هذا العالم ... كنز عظيم أريد بالتأكيد الحفاظ عليه ورعايته". ورغم أسلوبها الأكثر رزانة، من غير المرجح أن تبتعد كثيرا عن أهداف ماكرون.
فسوف تحاول إقناع ترمب بالتخلي عن تهديداته المزدوجة بفرض رسوم جمركية على المعادن قد تؤدي إلى إثارة حرب تجارية على ضفتي الاطلسي، وسعيه الغاء الاتفاق النووي الايراني.
وأعلن ترمب الشهر الماضي عن فرض رسوم نسبتها 25 بالمئة على الواردات من الفولاذ و10 بالمئة على الالمنيوم، مشيرا إلى أن الواردات الأجنبية تضر بالأمن القومي الأميركي عبر تقويضها الانتاج المحلي اللازم من أجل الجهوزية العسكرية.
ودفعت ردود فعل حلفاء واشنطن الغاضبة ترمب إلى منح شركاء رئيسيين كالاتحاد الأوروبي استثناء مؤقتا تنتهي مدته في الأول من أيار/مايو.
أما مدير المجلس الاقتصادي الوطني الأميركي لاري كودلو فقال لشبكة "سي ان بي سي" الخميس إن واشنطن ستواصل اعفاء القوى الاقتصادية الحليفة، بما فيها الاتحاد الأوروبي، في حال قدمت تنازلات على غرار "التعامل بشكل عادل في ما يتعلق (بقطاع) صناعة السيارات".
وعشية زيارة ميركل إلى واشنطن، تضاءلت آمال برلين بأن يتم اعفاء الاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية التي تعهد ترمب باتخاذ اجراءات انتقامية لمواجهتها. وقال مصدر في الحكومة الألمانية "علينا أن نتوقع فرض الرسوم في الاول من مايو. ومن ثم سنرى كيف سنتعامل معها".
اتفاق منفصل
ويخيم على اللقاء موعد 12 مايو الذي حدده ترمب للدول الاوروبية لجعل الاتفاق النووي الموقع مع ايران عام 2015 اكثر تشددا. ووصف ترمب الاتفاق الذي ساهمت ألمانيا في التفاوض عليه بانه "أسوأ اتفاق على الإطلاق"، مطالبا بإصلاح "العيوب الكارثية" التي يتضمنها.
وتكهن ماكرون بعد اجتماعاته أن ينسحب ترمب من الاتفاق، لكن النقاش لا يزال قائما. وأعلن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس الخميس أنه لم يتم التوصل بعد إلى قرار بشأن ما اذا كانت واشنطن ستنسحب من الاتفاق النووي الايراني، لكنه شدد على أن بعض نقاط الاتفاق يمكن تحسينها.
ولم يتضح بعد مدى تأثير تثبيت مايك بومبيو وزيرا للخارجية على نتيجة النقاش. فرغم آرائه المتشددة ازاء إيران فإن انتقاده للاتفاق تراجع نوعا ما في النقاشات الداخلية، بحسب مسؤولين.
فبصفته مديرا لجهاز الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) مثلا، اعتمد على رأي مؤسسة الاستخبارات لتحديد ما إذا كانت إيران ملتزمة بشكل كبير بشروط الاتفاق، رغم تصريحات ترمب العلنية.
وشددت وزارة الخارجية الألمانية على أن "أهم الاولويات هي الحفاظ على الاتفاق النووي القائم" فيما قالت ميركل إن برنامج إيران للصواريخ البالستية "يدعو للقلق".