معارك جديدة في محيط موقعين نفطيين في شرق ليبيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بنغازي: اندلعت معارك الخميس بين قوات متناحرة في محيط موقعين نفطيين مهمين في شرق ليبيا ما أدى مجددا إلى اضطراب انتاج النفط في هذا البلد الغارق في نزاعات حول النفوذ.
وهاجمت "سرايا الدفاع عن بنغازي" الموقعين في منطقة الهلال النفطي الخاضعة لسيطرة قوات المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا، ما تسبب باشتعال خزان نفط واحد على الاقل بعد أن أصيب بصاروخ، حسب ما أفاد مصدر عسكري.
وتضم "سرايا الدفاع عن بنغازي" خصوصا مقاتلين طردتهم قوات حفتر في الاعوام الماضية من بنغازي. وبعد الهجوم، وقعت مواجهات في جنوب المنشآت النفطية في راس لانوف والسدرة والتي تعرضت لاضرار خطيرة نتيجة المعارك بين الجانبين في 2016 و2017.
وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان مقتضب أنها أجلت موظّفيها من مينائي رأس لانوف والسدرة "حفاظا على سلامتهم إثر اندلاع اشتباكات مسلّحة في المنطقة". وقدّرت خسائر الانتاج النفطي بأكثر من 240 ألف برميل يوميا.
وقال متحدث باسم قوات حفتر خليفة العبيدي عن كتائب دفاع بنغازي أن "خسائرهم كبيرة"، مضيفا أن العمليات العسكرية "مستمرة في درنة والهلال".
وفي وقت سابق، أعلن متحدث آخر صد الهجوم. وأوضح أن "الهجوم يهدف الى تخفيف الضغط عن الارهابيين في درنة (شرق) حيث يشن الجيش الوطني الليبي منذ أيار/مايو هجوما لاستعادة السيطرة على المدينة الخاضعة لسيطرة تحالف من الجهاديين والاسلاميين".
"إعادة انتشار"
واعتبر الأستاذ في جامعة باريس 8 والمتخصص في الشؤون الليبية جلال الحرشاوي أن "قوات حفتر (...) انهكتها درنة، من هنا توقيت" الهجوم. واعتبرت كلوديا غازيني من "مجموعة الازمات الدولية" أن الهجوم يهدف إلى "فرض اعادة انتشار قوات حفتر بعيدا عن درنة".
ودانت وزارة الخارجية الفرنسية "بأشدّ العبارات الهجوم" واصفة المهاجمين بأنهم "متطرفون". وأضافت ان "فرنسا مصممة على التوصل الى حلّ سياسي دائم في ليبيا عبر اجراء انتخابات (...) تم التوافق على موعدها في مؤتمر باريس في 29 مايو".
وفي أواخر مايو، جمع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الفاعلين الليبيين الرئيسيين في الأزمة بينهم المشير حفتر، في باريس. وأعلنوا عد الاجتماع التزامهم شفهيا بإعلان ينص على تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في 10 ديسمبر واحترام نتائجها وتوحيد المؤسسات ومنها البنك المركزي.
ويرى المحللون ان الانقسام الذي يعاني منه البلد يجعل هذه الوعود صعبة التحقيق.
ومنذ سقوط نظام لقذافي، تسود الفوضى ليبيا وتتنازع السلطة فيها حكومتان: حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج المدعومة من المجتمع الدولي ومقرها طرابلس، وحكومة موازية في شرق ليبيا يدعمها المشير حفتر.
وكانت قوات حفتر سيطرت في أيلول/سبتمبر 2016 على أربع منشآت نفطية رئيسية هي الزويتينة والبريقة وراس لانوف والسدرة، التي تؤمن صادرات النفط ما سمح باستئناف الانتاج.
وجمّد جهاز حرس المنشآت النفطية التابع لحكومة الوفاق بقيادة ابراهيم الجضران العمل في هذه المنشآت في طرابلس وشرق البلاد.
ولم تخرج أي نقطة نفط من الموانئ الرئيسية منذ أواخر عام 2014 حتى اعادة فتحها في أيلول/سبتمبر 2016. وتقدّر المؤسسة الوطنية للنفط أن هذا الإغلاق كلّف ليبيا 130 مليار دولار.
وفي مارس 2017، سيطر جهاز حرس المنشآت النفطية على المرافئ النفطية لكن قوات حفتر تمكنت من استعادة السيطرة عليها.
وما يزيد في الارباك، ظهور الجضران الذي اختفى عام 2016، الخميس في مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي أكد فيه تشكيل "قوة تحرير الهلال النفطي" لاستعادة المواقع النفطية.
"حرب أهلية"
من جهته، ادان رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج في بيان العمل الذي "من شأنه أن يهدد الأمن والاستقرار ويشعل نار الفتنة". وأكد أن "هذا التصعيد غير المسؤول يدفع البلاد باتجاه حرب أهلية يعمل كل الليبيين على تجنبها بل وقطعوا خطوات مهمة باتجاه التوافق".
في المقابل، اتهمت الحكومة الموازية في الشرق، حكومة الوفاق الوطني بالوقوف وراء الهجوم. ورأت أن "هذا الهجوم يهدف للتحجج بمنع أي تقدم في عمليات الوفاق الليبي وما يجري حاليا من حراك عقب لقاء باريس، بسبب تشبث البعض بالسلطة".
وتحدثت الحكومة الموازية المرتبطة بحفتر عن "تحالف ما تسمى بسرايا الدفاع عن بنغازي التابعة لتنظيم القاعدة وميليشيا إبراهيم الجضران". ولم تستبعد كلوديا غازيني هذه الفرضية. اذ قالت "العنف والتجاوزات والجرائم التي ترتكبها قوات حفتر تعزز شعور (العداء) لدى مجموعات أخرى قد تتحالف" ضد العدو ذاته.
ودانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في تغريدة الهجوم معتبرة أن "هذا التصعيد الخطير في منطقة الهلال النفطي يعرض اقتصاد ليبيا للخطر، ويهدد بإشعال مواجهة واسعة النطاق في البلاد".
كما عبرت البعثة عن "شعورها الفزع إزاء الادعاءات بانتهاكات خطيرة لحقوق الانسان في درنة". ورات ان "هذه الممارسات، اذا ثبتت صحتها، تندرج ضمن جرائم الحرب". واضافت ان الامم المتحدة "تؤكد ان التحقيق في هذه الادعاءات يجب أن يكون شاملاً ومستقلاً".
وكانت ليبيا التي تعتمد على الصناعة النفطية بشكل أساسي، تنتج 1,6 مليون برميل يوميا، قبل الاطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011. وارتفع انتاج النفط في العام 2017 الى أكثر من مليون برميل يوميا، بعدما كان انخفض إلى أقل من 500 الف برميل يوميا بين عامي 2014 و2016.
وتتسبب أعمال العنف بشكل منتظم باضطراب في الانتاج.