يخاف أن تصبح أوروبا ملحقة بروسيا
هنري كيسينجر: إنها فترة خطرة جدًا!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في مقابلة أخيرة مع فايننشيال تايمز، قال هنري كيسينجر إن انفصام تحالف شمال الأطلسي سيحيل أوروبا ملحقًا بروسيا، يكون تحت رحمة الصين التي تريد أن تكون المستشار الرئيسي لكل البشرية، مؤكدًا أن العالم يمر بفترة خطرة جدًا.
إيلاف من لندن: كتب هنري كيسينجر، عميد الدبلوماسية الأميركية، هذا العام مقالةً مخيفة عن الذكاء الاصطناعي، قارن فيها وضع البشرية اليوم بحضارة الإنكا قبل أن تنقرض تحت وطأة المرض والغزو الإسباني. وهو الآن يشتغل على كتاب عن كوكبة من رجال ونساء الدولة الكبار بمن في ذلك مارغريت ثاتشر، وانتهى من القسم الذي يتناول فيه ريتشارد نيكسون، الرئيس الذي عمل معه وزيرًا للخارجية ومستشارًا لشؤون الأمن القومي.
أعرب كيسينجر في مقابلة مع صحيفة فايننشيال تايمز عن خشيته من أن يثير كتابه، حين يُنشر، مقارنات بين فضيحة ووترغيت التي أسقطت نيكسون والتحقيق في علاقة حملة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانتخابية بروسيا، وما إذا كان لها دور في فوزه بالرئاسة.
تحدي الهوية
حين سُئل كيسينجر عن قمة هلسنكي الأخيرة بين ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، قال: "انه لقاء كان يجب أن يُعقد"، وكان يدعو إليه منذ سنوات، لكن القضايا الداخلية الأميركية طغت عليه واصفًا اللقاء بأنه "فرصة ضائعة". أعلن كيسينجر: "اعتقد أن العالم يمر في فترة خطرة جدًا جدًا. وأنا عقدتُ عددًا لا يُحصى من لقاءات القمة وبالتالي فإنهم لم يتعلموا هذه القمة [هلسنكي] مني أنا".
أشار كيسينجر إلى سورية واوكرانيا، قائلًا: "من سمات روسيا الفريدة أنها تتأثر إذا حدث غليان في أي رقعة من العالم تقريبًا، وهو يعطيها فرصة، كما أنها تنظر إليه بوصفه تهديدًا. أخشى أن يتسارع هذا الغليان".
بحسب كيسينجر، افترض الغرب خطأ قبل أن يضم بوتين شبه جزيرة القرم أن روسيا ستعتمد النظام الغربي القائم على قواعد محددة. قال: "الخطأ الذي ارتكبه حلف شمال الأطلسي هو الاعتقاد أن هناك نوعًا من التطور التاريخي سيزحف على يوريشيا، ولم يفهم أن هذا الزحف سيصطدم في مكان ما بشيء يختلف جدًا عن كيان على غرار صيغة فيستفاليا (مفهوم الغرب للدولة). وبالنسبة إلى روسيا، هذا يشكل تحديًا لهويتها".
لكنه أكد انه لا يعتقد "أن بوتين شخصية مثل هتلر، بل يخرج من معطف دوستويفسكي".
ميركل محلية جدًا
لاحظ مراسل صحيفة فايننشيال تايمز أن كيسينجر كان طيلة اللقاء يتهرب من الحديث عن ترمب. في النهاية، قال: "أعتقد أن ترمب قد يكون شخصية من شخصيات التاريخ، تظهر بين حين وآخر لتؤشر إلى نهاية حقبة وإجبارها على التخلي عن ادعاءاتها القديمة. ولا يعني هذا بالضرورة أنه يعرف ذلك أو يفكر في أي بديل كبير، بل من الجائز أن يكون ذلك مجرد صدفة".
قال كيسينجر إنه لا يجد زعيمًا يثير اهتمامه، ربما باستثناء إيمانويل ماكرون. لكن بحسبه، حتى الرئيس الفرنسي لا يستطيع أن يعتبره رئيسًا فاعلًا "لأنه ما زال في بدايته، غير إني معجب بإسلوبه".
من الزعماء الأوروبيين الآخرين، وصف كيسينجر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأنها "محلية جدًا، أنا أحبها شخصيًا واحترمها لكنها ليست شخصية فوق العادة".
ثم انتقل الحديث إلى زبيغنيو بريجينسكي، غريم كيسينجر الذي عمل هو أيضًا مستشار الأمن القومي في الادارة الديمقراطية للرئيس جيمي كارتر. قال كيسينجر إن بريجنسكي "يكاد أن يكون فريدًا في جيلي، كنا نحن الاثنين نعتبر أن الأفكار عن النظام العالمي هي مشكلة عصرنا الأساسية. كيف نقيمه؟ كانت افكارنا مختلفة إلى حد ما". واشار إلى عدم وجود "مناظرة اليوم وهي شيء من الضروري أن يكون موجودًا عندنا".
عالم بلا أميركا؟
عن العلاقات عبر الأطلسي بين أوروبا والولايات المتحدة، قال كيسينجر: "إن القادة الاوروبيين في أربعينيات القرن الماضي كان لديهم حس واضح بالاتجاه، وهم الآن في الأغلب يريدون تجنب المتاعب"، مشيرًا إلى أنهم مع ذلك لا يفلحون في تجنبها.
اضاف: "إن ألمانيًا مرموقًا قال لي أخيرًا إنه كان دائمًا يفهم التوتر مع اميركا بصفته طريقة للابتعاد عن أميركا، لكنه يجد نفسه الآن خائفًا من عالم بلا أميركا".
قال كيسينجر إن انفصام تحالف شمال الأطلسي سيحيل أوروبا "ملحقًا بيوريشيا" يكون تحت رحمة الصين التي تريد استعادة دورها التاريخي بوصفها المملكة الوسطى، وتكون "المستشار الرئيسي لكل البشرية". وفي هذه الأثناء، ستصبح أميركا جزيرة جيوسياسية على جانبيها محيطان شاسعان ومن دون نظام أساسه القواعد تدافع عنه.
كان كيسينجر أشد حذرًا إزاء الذكاء الاصطناعي الذي اعترف بأنه موضوع ما زال يصارعه. لكنه اعرب عن خوفه من عواقب مجهولة لحرب تُخاض بالروبوتات، لعالم يكون مطلوبًا فيه من الآلات أن تتخذ قرارات أخلاقية. في ختام اللقاء، قال: "كل ما أستطيعه في السنوات القليلة المتبقية من حياتي هو إثارة هذه القضايا، ولا أدعي أن عندي إجابات عنها".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "فايننشيال تايمز". الأصل منشور على الرابط:
https://www.ft.com/content/926a66b0-8b49-11e8-bf9e-8771d5404543