أهالي دير الزور: لا لتهريب النفط الى النظام ولا للتهميش

قالت مصادر إعلامية إن أهالي دير الزور في سوريا يقومون بأقوى احتجاجات ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في حين أصدر المجلس العربي في الجزيرة والفرات بيانًا دان فيه تصرفات (قسد) تجاه الأهالي، وطالب بـ"ضرورة استلام أبناء المنطقة وعشائرها زمام العمل وإدارة شؤون دير الزور ضمن مجالس مدنية تُنتخب أصولًا".

إيلاف: قال واصف الزاب أمين سر المجلس العربي للجزيرة والفرات، في تصريح خَص به "إيلاف"، إن بيان المجلس "هو رسالة إلى كل الأطراف، ومن ضمنهم (قسد)، وكذلك الأطراف الدولية، وخاصة الداعمة لها، لأن الناس لن تقبل أن يتم تهميشها وظلمها، ولن تقبل أن تعاني الفقر والحرمان".

لا لاستبدال استبداد بآخر
أضاف "بينما يتم تهريب النفط إلى النظام، أصحاب الأرض يعانون من نقص النفط والخدمات الأساسية اللازمة لأبسط متطلبات الحياة".

تحدث الزاب عن التهميش السياسي أيضًا، فقال "قسد تعتمد على من يوالونها فقط، من دون النظر إلى الكفاءة أو من يخدم الناس، وأيضًا يتم الحديث باسمهم من قبل قسد ومن يعملون معها حول مشاريع سياسية، هم أصلًا لا يوافقون عليها، إضافة إلى عزلهم عن محيطهم".

وشدد على أن "دير الزور كانت من أوائل المحافظات التي انخرطت في الثورة، وخرجت بالملايين، مطالبة بالحرية والكرامة، لذلك لن تقبل بأن يستبدل استبداد باستبداد آخر".

قال الزاب "هو ليس كلامنا نحن، بل لسان حال أهل دير الزور، الذين يملأون الشوارع اليوم، مطالبين بحقوقهم، وكذلك لسان حال أهل الحسكة والرقة، وهذا الحراك امتداد للثورة السورية، التي لم تتوقف أصلًا، ولن تهدأ حتى تحقق أهدافها".

عدم ارتياح
وقال لـ"إيلاف" تليد صائب، وهو ابن مدينة دير الزور، إنه "منذ معركة الرقة، وقبل وصول طلائع قوات (قسد) إلى محافظة دير الزور شعر أهالي المحافظة بعدم الارتياح، فداعش التي أذاقتهم الويل والنار لن تختلف عن قسد، التي مارست في الرقة ممارسات تعسفية بحق عرب المحافظة، بل وأكرادها الذين يختلفون معها في الرأي".

واعتبر أنه بدا واضحًا "أنها قوة انفصالية تعمل لأجندتها الخاصة، لا كما أعلنت لتحرير الشرق السوري من داعش"، على حد تعبيره.

انفجار الاحتقان
وأوضح أنه "بعد وصول قوات قسد إلى دير الزور (المحافظة العربية بشكل كامل)، وبدلًا من أن تسعى قسد إلى التقرب من الأهالي وكسبهم في صفها، بدأت ممارساتها التعسفية أيضًا في المحافظة، وصار ابن دير الزور يحتاج كفيلًا حتى يدخل الرقة، ثم فاقموا الوضع بأن طلبوا إحضار كفيل لكل من يسكن خارج مناطق نفوذهم، إذا أراد دخول هذه المناطق، متناسين بفعل غطرسة القوة والغرور أن المحافظة ذات الصبغة العشائرية، حتى وإن كانت متعددة العشائر، إلا أنها جميع أهلها يرتبطون ببعضها جوارًا أو مصاهرة، وأن الألم يجمع ولا يفرّق".

قال صائب "حين زاد التعسف إلى حد لا يحتمل، انفجر الاحتقان في الصدور، فخرج الأهالي متظاهرين ضد قسد الغريبة عنهم وممارساتها بحقهم، كما قام البعض باعتراض صهاريج النفط، التي باعتها قسد إلى النظام، وأحرقوها، وأعلنوا بوضوح وصراحة رفضهم بقاءها بينهم، ورفض حكمها، فهم ما حاربوا النظام لتحكمهم داعش، ولا حاربوا داعش لتحكمهم قسد.. هم خرجوا إلى الحرية والديمقراطية والعيش الكريم، وهذا ما لم يجدوه لدى الأطراف الثلاثة التي حكمتهم".

احتجاجات
وذكر سكان ومحتجون وقادة عشائر الأحد الماضي أن العرب في محافظة دير الزور السورية صعدوا احتجاجاتهم ضد فصيل كردي مسلح متحالف مع الولايات المتحدة يسيطر على المحافظة الغنية بالنفط بعد انتزاع السيطرة عليها من تنظيم الدولة الإسلامية.

وقالوا إن تظاهرات بدأت قبل خمسة أيام ضد حكم قوات سوريا الديمقراطية في سلسلة بلدات من البصيرة إلى الشحيل، في حزام &استراتيجي للنفط في قلب أراضٍ&تسكنها عشائر عربية إلى الشرق من نهر الفرات.

وأحرق المحتجون إطارات على امتداد طريق سريع من دير الزور إلى &الحسكة تستخدمه شاحنات النفط، في تجارة مربحة سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية بعد هزيمة الدولة الإسلامية هناك في أواخر 2017.

وقال سكان ومحتجون وقادة عشائر إن السكان الغاضبين أجبروا شاحنات النفط من حقل العمر القريب، وهو أكبر الحقول التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، إلى العودة لغضبهم مما يعتبرونها سرقة للنفط من مناطقهم.

كما هتف المحتجون في الحصين، وهي من البلدات التي تشهد احتجاجات كبيرة: "لا للاحتلال الكردي". ورفضت وحدات حماية الشعب رسميًا التعليق على الاضطرابات، لكنّ مسؤولين قالا لوكالة "رويترز" التي أوردت الخبر، وفي أحاديث خاصة، إن (قسد) بدأت محادثات مع زعماء العشائر بشأن مطالب السكان المحليين والتي تشمل إنهاء الاعتقالات التعسفية.

بيع النفط
وواصلت قوات سوريا الديمقراطية وفق تقارير بيع النفط إلى الحكومة السورية في دمشق، رغم هواجس الولايات المتحدة. وزادت شحناتها في الأسابيع الأخيرة لتخفيف نقص حاد في الوقود، نجم إلى حد ما من العقوبات الأميركية على إيران، وهي داعم مالي رئيس للحكومة السورية، الأمر الذي أضر بالاقتصاد السوري.

رفض مسؤول كردي الرد على تساؤلات "إيلاف" حول تقارير تحدثت سابقًا عن بيع النفط إلى النظام. لكنّ سكانًا وشيوخ عشائر يقولون إن الاستياء من حكم قوات سوريا الديمقراطية زاد بين السكان الذين يغلب عليهم العرب، إذ يعترض كثير منهم على التجنيد الإجباري للشباب الذكور، وعلى وجود تمييز على &مستوى طبقات القيادة العليا. وفي ظل تدهور الأحوال المعيشية، وافتقار كثير من البلدات إلى الكهرباء، يشكو السكان العرب من أن الإدارة التي تقودها وحدات حماية الشعب تحابي المناطق التي يغلب عليها الأكراد في شمال شرق سوريا.

وأثار احتجاز سكان عرب غضب السكان المحليين، لكنّ مسؤولي قوات سوريا الديمقراطية ينفون وجود تمييز، ويقولون إنهم كانوا هم أنفسهم ضحايا لسياسات عربية قومية، أنكرت عليهم ثقافتهم، قبل اندلاع الصراع السوري في عام 2011.

مطالب محقة
فور حدوث الاحتجاجات في دير الزور، قال المجلس العربي في الجزيرة والفرات، في بيان، "حرصًا منا على وحدة الدم والأرض السوريين، وعلى خلفية التظاهرات الأخيرة التي خرج فيها أهالي دير الزور ضد ممارسات قوات سورية الديمقراطية، طالبناها مطالب محقة؛ من تأمين احتياجات المنطقة وإعادة تأهيل بنيتها التحتية لتكون ملائمة لحياة مدنية كريمة، إضافة إلى إيقاف عمليات تصدير خيرات المنطقة من نفط ومحروقات تجاه مناطق سيطرة ميليشيات الأسد ومناطق أخرى، ما أدى إلى افتقار المنطقة للمحروقات، وغلاء أسعارها، فضلًا عن وصف قوات قسد بالقوات المحتلة، لأن قوات قسد قابلت المظاهرات السلمية بالنار والاعتقال والتنكيل".

وأضاف ردًًّا على اتهاماتها لأي حراك معاد لها بأنه "حراك مشبوه ومنتمٍ إلى الإرهاب وداعش، وهي تهمة مكرورة ومجترة وتجافي الحقيقة، إذ إن أهالي المنطقة هم من أشد المقاومين والمحاربين لداعش وأكثر المتضررين منها، وأيضًا ردًّا على تصريحات بعض قيادات قسد، التي تسفّه وتصر على تقزيم حالة الحراك الشعبي، شأنها شأن نظام الأسد في ذلك"، على حد تعبير البيان.

دان المجلس تصرفات قوات قسد. كما أكد على ضرورة استلام أبناء المنطقة وعشائرها زمام العمل وإدارة شؤون دير الزور ضمن مجالس مدنية تُنتخب أصولًا.

وضع حد لممارسات قسد
وحمّل المجلس قوات سوريا الديمقراطية مسؤولية هذه الممارسات التي من شأنها تصعيد الحراك وحالة الغليان الشعبي، مما يعيد المنطقة إلى بؤرة اللا استقرار "التي لم تترسخ أصلًا بشكل حقيقي، مما ينذر بالمزيد من إراقة الدم السوري، ويترك منطقة الجزيرة والفرات مفتوحة على جميع الاحتمالات".

طالب المجلس العربي القوى الفاعلة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، أن تأخذ على عاتقها إيقاف ممارسات "قسد" في منطقة لا يوجد فيها سوى المكون العربي.

ودان المجلس العربي في الجزيرة والفرات بشدة ممارسات قسد، وفي الوقت نفسه طالبها أيضًا بإيضاح الأسباب التي دفعتها إلى تهميش منطقة دير الزور، والإتجار بمقدرات وخيرات المنطقة، فضلًا عن بقية المناطق التي تقبع تحت سيطرتها شرق الفرات.

وشد على "أيادي المتظاهرين، الذين يطالبون بحقوقهم في حياة حرة كريمة"، مؤكدًا أن "الثورة كانت وستبقى ممثلة لطموحاتهم وخياراتهم".

&